Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 70, Ayat: 19-44)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ ٱلإنسَـٰنَ } أريد به الجنس ليصح استثناء المصلين منه { خُلِقَ هَلُوعاً } عن ابن عباس رضي الله عنهما : تفسيره ما بعده { إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً } والهلع : سرعة الجزع عند مس المكروه وسرعة المنع عند مس الخير . وسأل محمد بن عبد الله بن طاهر ثعلباً عن الهلع فقال : قد فسره الله تعالى ولا يكون تفسير أبين من تفسيره ، وهو الذي إذا ناله شر أظهر شدة الجزع ، وإذا ناله خير بخل به ومنعه الناس ، وهذا طبعه وهو مأمور بمخالفة طبعه وموافقة شرعه . والشر : الضر والفقر . والخير : السعة والغنى أو المرض والصحة { إِلاَّ ٱلْمُصَلّينَ * ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ } أي صلواتهم الخمس { دَائِمُونَ } أي يحافظون عليها في مواقيتها . وعن ابن مسعود رضي الله عنه { وَٱلَّذِينَ فِى أَمْوٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ } يعني الزكاة لأنها مقدرة معلومة أو صدقة يوظفها الرجل على نفسه يؤديها في أوقات معلومة { لَّلسَّائِلِ } الذي يسأل { وَٱلْمَحْرُومِ } الذي يتعفف عن السؤال فيحسب غنياً فيحرم { وَٱلَّذِينَ يُصَدّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدّينِ } أي يوم الجزاء والحساب وهو يوم القيامة { وَٱلَّذِينَ هُم مّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ } خائفون . واعترض بقوله { إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ } بالهمز : سوى أبي عمرو أي لا ينبغي لأحد وإن بالغ في الاجتهاد والطاعة أن يأمنه وينبغي أن يكون مترجحاً بين الخوف والرجاء . { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـٰفِظُونَ * إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوٰجِهِمْ } نسائهم { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُهُمْ } أي إمائهم { فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } على ترك الحفظ { فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ } طلب منكحاً { وَرَآءَ ذٰلِكَ } أي غير الزوجات والمملوكات { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } المتجاوزون عن الحلال والحرام . وهذه الآية تدل على حرمة المتعة ووطء الذكران والبهائم والاستمناء بالكف { وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَِمَـٰنَـٰتِهِمْ } { لأمانتهم } مكي ، وهي تتناول أمانات الشرع وأمانات العباد { وَعَهْدِهِمْ } أي عهودهم ويدخل فيها عهود الخلق والنذور والأيمان { رٰعُونَ } حافظون غير خائنين ولا ناقضين . وقيل : الأمانات ما تدل عليه العقول والعهد ما أتى به الرسول . { وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَـٰدٰتِهِم } { بشهادتهم } سهل . وبالألف : حفص وسهل ويعقوب . { قَائِمُونَ } يقيمونها عند الحكام بلا ميل إلى قريب وشريف وترجيح للقوي على الضعيف إظهاراً للصلابة في الدين ورغبة في إحياء حقوق المسلمين { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } كرر ذكر الصلاة لبيان أنها أهم ، أو لأن إحداهما للفرائض والأخرى للنوافل . وقيل : الدوام عليها الاستكثار منها والمحافظة عليها أن لا تضيع عن مواقيتها ، أو الدوام عليها أداؤها في أوقاتها والمحافظة عليها حفظ أركانها وواجباتها وسننها وآدابها { أوْلَـٰئِكَ } أصحاب هذه الصفات { فِى جَنَّـٰتٍ مُّكْرَمُونَ } هما خبران . { فَمَالِ } كتب مفصولاً اتباعاً لمصحف عثمان رضي الله عنه { الَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ } نحوك معمول { مُهْطِعِينَ } مسرعين حال من { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } { عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشّمَالِ } عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم وعن شماله { عِزِينَ } حال أي فرقاً شتى جمع عزة وأصلها عزوة كأن كل فرقة تعتزي إلى غير من تعتزى إليه الأخرى فهم مفترقون . كان المشركون يحتفّون حول النبي صلى الله عليه وسلم حلقاً حلقاً وفرقاً فرقاً يستمعون ويستهزئون بكلامه ويقولون : إن دخل هؤلاء الجنة كما يقول محمد فلندخلنها قبلهم فنزلت { أَيَطْمَعُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ } بضم الياء وفتح الخاء : سوى المفضل { جَنَّةَ نَعِيمٍ } كالمؤمنين { كَلاَّ } ردع لهم عن طمعهم في دخول الجنة { إِنَّا خَلَقْنَـٰهُم مّمَّا يَعْلَمُونَ } أي من النطفة المذرة ولذلك أبهم إشعاراً بأنه منصب يستحيا من ذكره ، فمن أين يتشرفون ويدعون التقدم ، ويقولون لندخلن الجنة قبلهم ؟ أو معناه : إنا خلقناهم من نطفة كما خلقنا بني آدم كلهم ، ومن حكمنا أن لا يدخل أحد الجنة إلا بالإيمان فلم يطمع أن يدخلها من لا إيمان له { فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِّ ٱلْمَشَـٰرِقِ } مطالع الشمس { وَٱلْمَغَـٰرِبِ } ومغاربها { إِنَّا لَقَـٰدِرُونَ * عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مّنْهُمْ } على أن نهلكهم ونأتي بخلق أمثل منهم وأطوع لله { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } بعاجزين . { فَذَرْهُمْ } فدع المكذبين { يَخُوضُواْ } في باطلهم { وَيَلْعَبُواْ } في دنياهم { حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِى يُوعَدُونَ } فيه العذاب { يَوْمَ } بدل من { يَوْمَهُمُ } { يَخْرُجُونَ } بفتح الياء وضم الراء : سوى الأعشى { مّنَ ٱلأَجْدَاثِ } القبور { سِرَاعاً } جمع سريع حال أي إلى الداعي { كَأَنَّهُمْ } حال { إِلَىٰ نُصُبٍ } شامي وحفص وسهل { نُصُبٍ } المفضل . { نَصَبٌ } غيرهم وهو كل ما نصب وعبد من دون الله { يُوفِضُونَ } يسرعون { خَـٰشِعَةً } حال من ضمير { يُخْرِجُونَ } أي ذليلة { أَبْصَـٰرُهُمْ } يعني لا يرفعونها لذلتهم { تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } يغشاهم هوان { ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلَّذِى كَانُواْ يُوعَدُونَ } في الدنيا وهم يكذبون به .