Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 70, Ayat: 1-18)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
مكية وهي أربع وأربعون آية بسم الله الرحمٰن الرحيم { سَأَلَ سَآئِلٌ } هو النضر بن الحرث قال : { إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ ٱلسَّمَاء أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ الأنفال : 32 ] أو هو النبي صلى الله عليه وسلم دعا بنزول العذاب عليهم . ولما ضمن سأل معنى دعا عدى تعديته كأنه قيل : دعا داع { بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } من قولك : دعا بكذا إذا استدعاه وطلبه ومنه قوله تعالى : { يَدْعُونَ فِيهَا بِكلّ فَـٰكِهَةٍ } [ الدخان : 55 ] . و { سال } بغير همز : مدني وشامي وهو من السؤال أيضاً إلا أنه خفف بالتليين و { سَائِلٌ } مهموز إجماعاً { لِلْكَـٰفِرِينَ } صفة لـ { عَذَابِ } أي بعذاب واقع كائن للكافرين { لَيْسَ لَهُ } لذلك العذاب { دَافِعٌ } راد { مِّنَ ٱللَّهِ } متصل بواقع أي واقع من عنده أو بدافع أي ليس له دافع من جهته تعالى إذا جاء وقته { ذِي ٱلْمَعَارِجِ } أي مصاعد السماء للملائكة جمع معرج وهو موضع العروج . ثم وصف المصاعد وبعد مداها في العلو والارتفاع فقال { تَعْرُجُ } تصعد . وبالياء : علي { ٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَٱلرُّوحُ } أي جبريل عليه السلام خصه بالذكر بعد العموم لفضله وشرفه ، أو خلق هم حفظة على الملائكة كما أن الملائكة حفظة علينا ، أو أرواح المؤمنين عند الموت { إِلَيْهِ } إلى عرشه ومهبط أمره { فِى يَوْمٍ } من صلة تعرج { كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } من سني الدنيا لو صعد فيه غير الملك ، أو « من » صلة { وَاقِعٍ } أي يقع في يوم طويل مقداره خمسون ألف سنة من سنيكم وهو يوم القيامة ، فإما أن يكون استطالة له لشدته على الكفار ، أو لأنه على الحقيقة كذلك فقد قيل فيه خمسون موطناً كل موطن ألف سنة ، وما قدر ذلك على المؤمن إلا كما بين الظهر والعصر . { فَٱصْبِرْ } متعلق بـ { سَأَلَ سَائِلٌ } لأن استعجال النضر بالعذاب إنما كان على وجه الاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم والتكذيب بالوحي ، وكان ذلك مما يضجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر بالصبر عليه { صَبْراً جَمِيلاً } بلا جزع ولا شكوى { إِنَّهُمْ } إن الكفار { يَرَوْنَهُ } أي العذاب أو يوم القيامة { بَعِيداً } مستحيلاً { وَنَرَاهُ قَرِيباً } كائناً لا محالة ، فالمراد بالبعيد من الإمكان وبالقريب القريب منه . نصب { يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَاءُ } بـ { قَرِيبًا } أي يمكن في ذلك اليوم أو هو بدل عن { فِى يَوْمٍ } فيمن علقه بـ { وَاقِعٍ } { كَٱلْمُهْلِ } كدردي الزيت أو كالفضة المذابة في تلونها { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ } كالصوف المصبوغ ألواناً لأن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ، فإذا بست وطيرت في الجو اشبهت العهن المنفوش إذا طيرته الريح { وَلاَ يَسْـئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } لا يسأل قريب عن قريب لاشتغاله بنفسه . وعن البزي والبرجمي : بضم الياء أي ولا يسأل قريب عن قريب أي لا يطالب به ولا يؤخذ بذنبه . { يُبَصَّرُونَهُمْ } صفة أي حميماً مبصرين معرفين إياهم ، أو مستأنف كأنه لما قال { وَلاَ يَسْـئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } قيل : لعله لا يبصره . فقيل : يبصرونهم ولكنهم لتشاغلهم لم يتمكنوا من تساؤلهم . والواو ضمير الحميم الأول و « هم » ضمير الحميم الثاني أي يبصر الأحماء الأحماء فلا يخفون عليهم . وإنما جمع الضميران وهما للحميمين لأن فعيلاً يقع موقع الجمع { يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ } يتمنى المشرك وهو مستأنف ، أو حال من الضمير المرفوع ، أو المنصوب من { يُبَصَّرُونَهُمْ } { لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ } وبالفتح : مدني وعلي على البناء للإضافة إلى غير متمكن { بِبَنِيهِ * وَصَـٰحِبَتِهِ } وزوجته { وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ } وعشيرته الأدنين { ٱلَّتِى تُئْوِيهِ } تضمه انتماء إليها . وبغير همز : يزيد . { وَمَن فِى ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } من الناس { ثُمَّ يُنجِيهِ } الافتداء عطف على { يفتدى } . { كَلاَّ } ردع للمجرم عن الودادة وتنبيه على أنه لا ينفعه الافتداء ولا ينجيه من العذاب { إِنَّهَا } إن النار ، ودل ذكر العذاب عليها ، أو هو ضمير مبهم ترجم عنه الخبر أو ضمير القصة { لَظَىٰ } علم للنار { نَزَّاعَةً } حفص والمفضل على الحال المؤكدة ، أو على الاختصاص للتهويل . وغيرهما بالرفع خبر بعد خبر لـ « إن » أو على « هي نزاعة » { لِّلشَّوَىٰ } لأطراف الإنسان كاليدين والرجلين ، أو جمع شواة وهي جلدة الرأس تنزعها نزعاً فتفرقها ثم تعود إلى ما كانت { تَدْعُواْ } بأسمائهم يا كافر يا منافق إليّ إليّ ، أو تهلك من قولهم دعاك الله أي أهلكك ، أو لما كان مصيره إليها جعلت كأنها دعته { مَنْ أَدْبَرَ } عن الحق { وَتَوَلَّىٰ } عن الطاعة { وَجَمَعَ } المال { فَأَوْعَى } فجعله في وعاء ولم يؤد حق الله منه .