Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 73, Ayat: 1-13)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
مكية وهي تسع عشرة آية بصري وثمان عشرة شامي بسم الله الرحمٰن الرحيم { يأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } أي المتزمل وهو الذي تزمل في ثيابه أي تلفف بها بإدغام التاء في الزاي . كان النبي صلى الله عليه وسلم نائماً بالليل متزملاً في ثيابه فأمر بالقيام للصلاة بقوله { قُمِ ٱلَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِّصْفَهُ } بدل من { ٱلَّيْلَ } و { إِلاَّ قَلِيلاً } استثناء من قوله { نّصْفَهُ } تقديره : قم نصف الليل إلا قليلاً من نصف الليل { أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ } من النصف . بضم الواو : غير عاصم وحمزة { قَلِيلاً } إلى الثلث { أَوْ زِدْ عَلَيْهِ } على النصف إلى الثلثين ، والمراد التخيير بين أمرين بين أن يقوم أقل من نصف الليل على البت ، وبين أن يختار أحد الأمرين وهما النقصان من النصف والزيادة عليه ، وإن جعلت { نِّصْفَهُ } بدلاً من { قَلِيلاً } كان مخيراً بين ثلاثة أشياء : بين قيام نصف الليل تاماً ، وبين قيام الناقص منه ، وبين قيام الزائد عليه . وإنما وصف النصف بالقلة بالنسبة إلى الكل وإلا فإطلاق لفظ القليل ينطلق على ما دون النصف ولهذا قلنا : إذا أقرّ أن لفلان عليه ألف درهم إلا قليلاً أنه يلزمه أكثر من نصف الألف { وَرَتّلِ ٱلْقُرْءانَ } بين وفصل من الثغر المرتل أي المفلج الأسنان ، وكلام رَتَلٌ بالتحريك أي مرتل ، وثغر رتل أيضاً إذا كان مستوي البنيان . أو اقرأ على تؤدة بتبيين الحروف وحفظ الوقوف وإشباع الحركات { تَرْتِيلاً } هو تأكيد في إيجاب الأمر به وأنه لا بد منه للقارىء { إِنَّا سَنُلْقِى عَلَيْكَ } سننزل عليك { قَوْلاً ثَقِيلاً } أي القرآن لما فيه من الأوامر والنواهي التي هي تكاليف شاقة ثقيلة على المكلفين ، أو ثقيلاً على المنافقين ، أو كلام له وزن ورجحان ليس بالسفساف الخفيف . { إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيْلِ } بالهمزة : سوى ورش : قيام الليل . عن ابن مسعود رضي الله عنه . فهي مصدر من نشأ إذا قام ونهض على فاعلة كالعافية ، أو العبادة التي تنشأ بالليل أي تحدث ، أو ساعات الليل لأنها تنشأ ساعة فساعة ، وكان زين العابدين رضي الله عنه يصلي بين العشاءين ويقول هذه ناشئة الليل { هِىَ أَشَدُّ } { وطاءً } { وِفَـٰقاً } شامي وأبو عمرو أي يواطيء فيها قلب القائم لسانه . وعن الحسن : أشد موافقة بين السر والعلانية لانقطاع رؤية الخلائق . وغيرهما { وَطْأ } أي أثقل على المصلي من صلاة النهار لطرد النوم في وقته من قوله صلى الله عليه وسلم : " اللهم اشدد وطأتك على مضر " { وَأَقْوَمُ قِيلاً } وأشد مقالاً وأثبت قراءة لهدوء الأصوات وانقطاع الحركات { إِنَّ لَكَ فِى ٱلنَّهَارِ سَبْحَاً طَوِيلاً } تصرفاً وتقلباً في مهماتك وشواغلك ففرّغ نفسك في الليل لعبادة ربك أو فراغاً طويلاً لنومك وراحتك { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ } ودم على ذكره في الليل والنهار ، وذكر الله يتناول التسبيح والتهليل والتكبير والصلاة وتلاوة القرآن ودراسة العلم { وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ } انقطع إلى عبادته عن كل شيء . والتبتل : الانقطاع إلى الله تعالى بتأميل الخير منه دون غيره . وقيل : رفض الدنيا وما فيها والتماس ما عند الله { تَبْتِيلاً } في اختلاف المصدر زيادة تأكيد أي بتّلك الله فتبتل تبتيلاً أو جيء به مراعاة لحق الفواصل . { رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ } بالرفع أي هو رب أو مبتدأ خبره { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } وبالجر : شامي وكوفي غير حفص بدل من { رَبَّكَ } وعن ابن عباس رضي الله عنهما على القسم بإضمار حرف القسم نحو : الله لأفعلن ، وجوابه لا إله إلا هو كقولك : والله لا أحد في الدار إلا زيد { فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً } ولياً وكفيلاً بما وعدك من النصر ، أو إذا علمت أنه ملك المشرق والمغرب وأن لا إله إلا هو فاتخذه كافياً لأمورك . وفائدة الفاء أن لا تلبث بعد أن عرفت في تفويض الأمور إلى الواحد القهار إذ لا عذر لك في الانتظار بعد الإقرار . { وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } فيّ من الصاحبة والولد وفيك من الساحر والشاعر { وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً } جانبهم بقلبك وخالفهم مع حسن المحافظة وترك المكافأة . وقيل : هو منسوخ بآية القتال { وَذَرْنِى } أي كِلْهم إليّ فأنا كافيهم { وَٱلْمُكَذِّبِينَ } رؤساء قريش مفعول معه أو عطف على { ذَرْنِى } أي دعني وإياهم { أُوْلِى ٱلنَّعْمَةِ } التنعم وبالكسر الإنعام وبالضم المسرة { وَمَهِّلْهُمْ } إمهالاً { قَلِيلاً } إلى يوم بدر أو إلى يوم القيامة { إِنَّ لَدَيْنَا } للكافرين في الآخرة { أَنكَالاً } قيوداً ثقالاً جمع نِكْل { وَجَحِيماً } ناراً محرقة { وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ } أي الذي ينشب في الحلوق فلا ينساغ يعني الضريع والزقوم { وَعَذَاباً أَلِيماً } يخلص وجعه إلى القلب . ورُوي " أنه صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية فصعق " وعن الحسن أنه أمسى صائماً فأتي بطعام فعرضت له هذه الآية فقال : ارفعه . ووضع عنده الليلة الثانية فعرضت له فقال : ارفعه ، وكذلك الليلة الثالثة فأخبر ثابت البناني وغيره فجاءوا فلم يزالوا به حتى شرب شربة من سويق .