Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 75, Ayat: 1-19)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } أي أقسم . عن ابن عباس : و « لا » كقوله { لّئَلاَّ يَعْلَمَ } [ الحديد : 29 ] وقوله : @ في بئر لا حور سرى وما شعر @@ وكقوله : @ تذكرت ليلى فاعترتني صبابة وكاد ضمير القلب لا يتقطع @@ وعليه الجمهور وعن الفراء : « لا » رد لإنكار المشركين البعث كأنه قيل : ليس الأمر كما تزعمون ثم قيل : أقسم بيوم القيامة . وقيل : أصله لأقسم كقراءة ابن كثير على أن اللام للابتداء و { أُقْسِمُ } خبر مبتدأ محذوف أي لأنا أقسم ويقويه أنه في « الإمام » بغير الألف ثم أشبع فظهر من الإشباع ألف ، وهذا اللام يصحبه نون التأكيد في الأغلب وقد يفارقه { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ } الجمهور على أنه قسم آخر . وعن الحسن : أقسم بيوم القيامة ولم يقسم بالنفس اللوامة فهي صفة ذم وعلى القسم صفة مدح أي النفس المتقية التي تلوم على التقصير في التقوى وقيل : هي نفس آدم لم تزل تلوم على فعلها التي خرجت به من الجنة ، وجواب القسم محذوف أي لتبعثن دليله { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَـٰنُ } أي الكافر المنكر للبعث { أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ } بعد تفرقها ورجوعها رفاتاً مختلطاً بالتراب . { بَلَىٰ } أوجبت ما بعد النفي أي بلى نجمعها { قَـٰدِرِينَ } حال من الضمير في { نَّجْمَعَ } أي نجمعها قادرين على جمعها وإعادتها كما كانت { عَلَىٰ أَن نُّسَوِّىَ بَنَانَهُ } أصابعه كما كانت في الدنيا بلا نقصان وتفاوت مع صغرها فكيف بكبار العظام . { بَلْ يُرِيدُ ٱلإِنسَـٰنُ } عطف على { أَيَحْسَبُ } فيجوز أن يكون مثله استفهاماً { لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } ليدوم على فجوره فيما يستقبله من الزمان { يَسْـئَلُ أَيَّانَ } متى { يَوْمُ ٱلْقِيَـٰمَةِ } سؤال متعنت مستبعد لقيام الساعة { فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ } تحير فزعاً وبفتح الراء : مدني شَخَصَ { وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ } وذهب ضوؤه أو غاب من قوله { فَخَسَفْنَا بِهِ } [ القصص : 81 ] وقرأ أبو حيوة بضم الخاء { وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } أي جمع بينهما في الطلوع من المغرب أو جمعاً في ذهاب الضوء ويجمعان فيقذفان في البحر فيكون نار الله الكبرى { يَقُولُ ٱلإِنسَـٰنُ } الكافر { يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ } هو مصدر أي الفرار من النار أو المؤمن أيضاً من الهول . وقرأ الحسن بكسر الفاء وهو يحتمل المكان والمصدر { كَلاَّ } ردع عن طلب المفر { لاَ وَزَرَ } لا ملجأ { إِلَىٰ رَبِّكَ } خاصة { يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ } مستقر العباد أو موضع قرارهم من جنة أو نار مفوّض ذلك لمشيئته ، من شاء أدخله الجنة ومن شاء أدخله النار . { يُنَبَّؤُاْ ٱلإِنسَـٰنُ يَوْمَئِذٍ } يخبر { بِمَا قَدَّمَ } من عمل عمله { وَأَخَّرَ } ما لم يعمله . { بَلِ ٱلإِنسَـٰنُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } شاهد . والهاء للمبالغة كعلامة أو أنثه لأنه أراد به جوارحه إذ جوارحه تشهد عليه ، أو هو حجة على نفسه والبصيرة الحجة قال الله تعالى : { قَدْ جَاءكُمْ بَصَائِرُ مِن رَّبّكُمْ } [ الأنعام : 104 ] وتقول لغيرك أنت حجة على نفسك . و { بَصِيرَةٌ } رفع بالابتداء وخبره { عَلَىٰ نَفْسِهِ } تقدم عليه والجملة خبر الإنسان كقولك : زيد على رأسه عمامة . والبصيرة على هذا يجوز أن يكون الملك الموكل عليه { وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ } أرخى ستوره والمعذار الستر . وقيل : ولو جاء بكل معذرة ما قبلت منه فعليه من يكذب عذره . والمعاذير ليس بجمع معذرة لأن جمعها معاذر بل هي اسم جمع لها ونحوه المناكير في المنكر { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ } بالقرآن { لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ } بالقرآن . وكان صلى الله عليه وسلم يأخذ في القرآن قبل فراغ جبريل كراهة أن يتفلت منه فقيل له : لا تحرك لسانك بقراءة الوحي ما دام جبريل يقرأ لتأخذه على عجلة ، ولئلا يتفلت منك . ثم علل النهي عن العجلة بقوله { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ } في صدرك { وَقُرْءَانَهُ } وإثبات قراءته في لسانك ، والقرآن القراءة ونحوه { وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْءانِ مِن قَبْلِ إَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ } [ طه : 114 ] { فَإِذَا قَرَأْنَـٰهُ } أي قرأه عليك جبريل فجعل قراءة جبريل قراءته { فَٱتَّبِعْ قُرْءَانَهُ } أي قراءته عليك { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } إذا أشكل عليك شيء من معانيه .