Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 75, Ayat: 20-40)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كَلاَّ } ردع عن إنكار البعث أو ردع لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن العجلة وإنكار لها عليه ، وأكده بقوله { بَلْ تُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ } كأنه قيل : بل أنتم يا بني آدم لأنكم خلقتم من عجل وطبعتم عليه تعجلون في كل شيء ومن ثم تحبون العاجلة الدنيا وشهواتها { وَتَذَرُونَ ٱلآخِرَةَ } الدار الآخرة ونعيمها فلا تعملون لها والقراءة فيهما بالتاء : مدني وكوفي { وُجُوهٌ } هي وجوه المؤمنين { يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ } حسنة ناعمة { إِلَىٰ رَبّهَا نَاظِرَةٌ } بلا كيفية ولا جهة ولا ثبوت مسافة . وحمل النظر على الانتظار لأمر ربها أو لثوابه لا يصح لأنه يقال : نظرت فيه أي تفكرت ، ونظرته انتظرته ، ولا يعدى بـ « إلى » إلا بمعنى الرؤية مع أنه لا يليق الانتظار في دار القرار { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ } كالحة شديدة العبوسة وهي وجوه الكفار { تَظُنُّ } تتوقع { أَن يُفْعَلَ بِهَا } فعل هو في شدته { فَاقِرَةٌ } داهية تقصم فقار الظهر { كَلاَّ } ردع عن إيثار الدنيا على الآخرة كأنه قيل : ارتدعوا عن ذلك وتنبهوا على ما بين أيديكم من الموت الذي عنده تنقطع العاجلة عنكم وتنتقلون إلى الآجلة التي تبقون فيها مخلدين { إِذَا بَلَغَتِ } أي الروح وجاز وإن لم يجر لها ذكر لأن الآية تدل عليها { ٱلتَّرَاقِىَ } العظام المكتنفة لثغرة النحر عن يمين وشمال جمع ترقوة { وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ } يقف حفص على { مَنْ } وقيفة أي قال حاضر والمحتضر بعضهم لبعض أيكم يرقيه مما به من الرقية من حد ضرب ، أو هو من كلام الملائكة : أيكم يرقى بروحه أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب من الرقي من حد علم . { وَظَنَّ } أيقن المحتضر { أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ } أن هذا الذي نزل به هو فراق الدنيا المحبوبة { وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ } التوت ساقاه عند موته . وعن سعيد بن المسيب : هما ساقاه حين تلفان في أكفانه . وقيل : شدة فراق الدنيا بشدة إقبال الآخرة على أن الساق مثل في الشدة . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : هما همّان : همّ الأهل والولد وهمّ القدوم على الواحد الصمد { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ } هو مصدر ساقه أي مساق العباد إلى حيث أمر الله إما إلى الجنة أو إلى النار { فَلاَ صَدَّقَ } بالرسول والقرآن { وَلاَ صَلَّىٰ } الإنسان في قوله : { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَـٰنُ أَلَنْ نَّجْمَعَ عِظَامَهُ } [ القيامة : 3 ] { وَلَـٰكِن كَذَّبَ } بالقرآن { وَتَوَلَّىٰ } عن الإيمان أو فلا صدق ماله يعني فلا زكاه { ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ } يتبختر وأصله يتمطط أي يتمدد لأن المتبختر يمد خطاه فأبدلت الطاء ياء لاجتماع ثلاثة أحرف متماثلة . { أَوْلَىٰ لَكَ } بمعنى ويل لك وهو دعاء عليه بأن يليه ما يكره { فَأَوْلَىٰ * ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } كرر للتأكيد كأنه قال : ويل لك فويل لك ثم ويل لك فويل لك . وقيل : ويل لك يوم الموت ، وويل لك في القبر ، وويل لك حين البعث ، وويل لك في النار . { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَـٰنُ أَن يُتْرَكَ سُدًى } أيحسب الكافر أن يترك مهملاً لا يؤمر ولا ينهى ولا يبعث ولا يجازى ؟ { أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مّن مَّنِىٍّ يُمْنَىٰ } بالياء : ابن عامر وحفص أي يراق المني في الرحم ، وبالتاء يعود إلى النطفة { ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً } أي صار المني قطعة دم جامد بعد أربعين يوماً { فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ } فخلق الله منه بشراً سوياً { فَجَعَلَ مِنْهُ } من الإنسان { ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } أي من المني الصنفين { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَـٰدِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِىَ ٱلْمَوْتَىٰ } أليس الفعّال لهذه الأشياء بقادر على الإعادة ؟ وكان صلى الله عليه وسلم إذا قرأها يقول : " سبحانك بلى " والله أعلم .