Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 77, Ayat: 1-24)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
مكية وهي خمسون آية بسم الله الرحمٰن الرحيم { وَٱلْمُرْسَلَـٰتِ عُرْفاً * فَٱلْعَـٰصِفَـٰتِ عَصْفاً * وٱلنَّـٰشِرٰتِ نَشْراً * فَٱلْفَـٰرِقَـٰتِ فَرْقاً * فَٱلْمُلْقِيَـٰتِ ذِكْراً * عُذْراً أَوْ نُذْراً } أقسم سبحانه وتعالى بطوائف من الملائكة أرسلهن بأوامره فعصفن في مضيهن ، وبطوائف منهم نشرن أجنحتهن في الجو عند انحطاطهن بالوحي ، أو نشرن الشرائع في الأرض ، أو نشرن النفوس الموتى بالكفر والجهل بما أو حين ففرقن بين الحق والباطل ، فألقين ذكراً إلى الأنبياء عليهم السلام عذراً للمحقين أو نذراً للمبطلين . أو أقسم برياح عذاب أرسلهن فعصفن ، وبرياح رحمة نشرن السحاب في الجو ففرقن بينه كقوله { ويجعله كِسَفًا } [ الروم : 48 ] فألقين ذكراً إما عذراً للذين يعتذرون إلى الله بتوبتهم واستغفارهم إذا رأوا نعمة الله في الغيث ويشكرونها ، واما نذراً للذين لا يشكرون وينسبون ذلك إلى الأنواء ، وجعلن ملقيات للذكر باعتبار السببية . { عُرْفاً } حال أي متتابعة كعرف الفرس يتلو بعضه بعضاً ، أو مفعول له أي أرسلن للإحسان والمعروف . و { عَصْفاً } و { نَشْراً } مصدران . { أَوْ نُذْراً } أبو عمرو وكوفي غير أبي بكر وحماد . والعذر والنذر مصدران من عذر إذا محا الإساءة ، ومن أنذر إذا خوف على فعل كالكفر والشكر . وانتصابهما على البدل من { ذِكْراً } أو على المفعول له . { إِنَّمَا تُوعَدُونَ } إن الذي توعدونه من مجيء يوم القيامة { لَوَاقِعٌ } لكائن نازل لا ريب فيه ، وهو جواب القسم ولا وقف إلى هنا لوصل الجواب بالقسم { فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتْ } محيت أو ذهب بنورها وجواب { فَإِذَا } محذوف والعامل فيها جوابها وهو وقوع الفصل ونحوه ، و { ٱلنُّجُومُ } فاعل فعل يفسره { طُمِسَتْ } { وَإِذَا ٱلسَّمَاءُ فُرِجَتْ } فتحت فكانت أبواباً { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ نُسِفَتْ } قلعت من أماكنها { وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقِّتَتْ } أي وقتت كقراءة أبي عمرو أبدلت الهمزة من الواو ، ومعنى توقيت الرسل تبيين وقتها الذي يحضرون فيه للشهادة على أممهم { لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ } أخرت وأمهلت ، وفيه تعظيم لليوم وتعجيب من هوله والتأجيل من الأجل كالتوقيت من الوقت { لِيَوْمِ ٱلْفَصْلِ } بيان ليوم التأجيل وهو اليوم الذي يفصل فيه بين الخلائق { وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ } تعجيب آخر وتعظيم لأمره { وَيْلٌ } مبتدأ وإن كان نكرة لأنه في أصله مصدر منصوب ساد مسد فعله ولكنه عدل به إلى الرفع للدلالة على معنى ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه ونحوه { سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمُ } [ الرعد : 24 ] { يَوْمَئِذٍ } ظرفه { لّلْمُكَذِّبِينَ } بذلك اليوم خبره . { أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ } الأمم الخالية المكذبة { ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ ٱلآخِرِينَ } مستأنف بعد وقف ، وهو وعيد لأهل مكة أي ثم نفعل بأمثالهم من الآخرين مثل ما فعلنا بالأولين لأنهم كذبوا مثل تكذيبهم . { كَذٰلِكَ } مثل ذلك الفعل الشنيع { نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } بكل من أجرم { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذِّبِينَ } بما أوعدنا { أَلَمْ نَخْلُقكُّم مّن مَّاءٍ مَّهِينٍ } حقير وهو النطفة { فَجَعَلْنَـٰهُ } أي الماء { فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ } مقر يتمكن فيه وهو الرحم ومحل { إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ } الحال أي مؤخر إلى مقدار من الوقت معلوم قد علمه الله وحكم به وهو تسعة أشهر أو ما فوقها أو ما دونها { فَقَدَّرْنَا } فقدرنا ذلك تقديراً { فَنِعْمَ ٱلْقَـٰدِرُونَ } فنعم المقدرون له نحن أو فقدرنا على ذلك فنعم القادرون عليه نحن ، والأول أحق لقراءة نافع وعلي بالتشديد ، ولقوله { مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } [ عبس : 19 ] { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذِّبِينَ } بنعمة الفطرة .