Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 77, Ayat: 25-50)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً } هو كفت الشيء إذا ضمه وجمعه وهو اسم ما يكفت كقولهم الضمام لما يضم وبه انتصب { أَحْيَاءً وَأَمْوٰتاً } كأنه قيل : كافتة أحياء وأمواتاً ، أو بفعل مضمر يدل عليه { كِفَاتاً } وهو تكفت أي تكفت أحياء على ظهرها وأمواتاً في بطنها ، والتنكير فيهما للتفخيم أي تكفت أحياء لا يعدون وأمواتاً لا يحصرون { وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِىَ } جبالاً ثوابت { شَـٰمِخَـٰتٍ } عاليات { وَأَسْقَيْنَـٰكُم مَّاءً فُرَاتاً } عذاباً { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذِّبِينَ } بهذه النعمة { ٱنطَلِقُواْ إِلَىٰ مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } أي يقال للكافرين يوم القيامة سيروا إلى النار التي كنتم بها تكذبون { ٱنطَلِقُواْ } تكرير للتوكيد { إِلَىٰ ظِلٍّ } دخان جهنم { ذِى ثَلَـٰثِ شُعَبٍ } يتشعب لعظمه ثلاث شعب وهكذا الدخان العظيم يتفرق ثلاث فرق { لاَّ ظَلِيلٍ } نعت ظل أي لا مظل من حر ذلك اليوم وحر النار { وَلاَ يُغْنِى } في محل الجر أي وغير مغنٍ لهم { مِنَ ٱللَّهَبِ } من حر اللهب شيئاً { إِنَّهَا } أي النار { تَرْمِى بِشَرَرٍ } هو ما تطاير من النار { كَٱلْقَصْرِ } في العظم . وقيل : هو الغليظ من الشجر الواحدة قصرة { كَأَنَّهُ جِمَـٰلَتٌ } كوفي غير أبي بكر جمع جمل جمالات غيرهم جمع الجمع { صُفْرٌ } جمع أصفر أي سود تضرب إلى الصفرة ، وشبه الشرر بالقصر لعظمه وارتفاعه ، وبالجمال للعظم والطول واللون { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذِّبِينَ } بأن هذه صفتها . { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } وقرىء بنصب اليوم أي هذا الذي قص عليكم واقع يومئذ ، وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن هذه الآية وعن قوله { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } [ الزمر : 31 ] فقال : في ذلك اليوم مواقف في بعضها يختصمون وفي بعضها لا ينطقون . أو لا ينطقون بما ينفعهم فجعل نطقهم كلا نطق . { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ } في الاعتذار { فَيَعْتَذِرُونَ } عطف على { يُؤْذَنُ } منخرط في سلك النفي أي لا يكون لهم إذن واعتذار { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذِّبِينَ } بهذا اليوم { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ } بين المحق والمبطل والمحسن والمسيء بالجزاء { جَمَعْنَـٰكُمْ } يا مكذبي محمد { وَٱلأَوَّلِينَ } والمكذبين قبلكم { فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ } حيلة في دفع العذاب { فَكِيدُونِ } فاحتالوا عليّ بتخليص أنفسكم من العذاب . والكيد متعدٍ تقول : كدت فلاناً إذا احتلت عليه { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذِّبِينَ } بالبعث . { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ } من عذاب الله { فِى ظِلَـٰلٍ } جمع ظل { وَعُيُونٍ } جارية في الجنة { وَفَوٰكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ } أي لذيذة مشتهاة { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ } في موضع الحال من ضمير { ٱلْمُتَّقِينَ } في الظرف الذي هو { فِى ظِلَـٰلٍ } أي هم مستقرون في ظلال مقولاً لهم ذلك { هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } في الدنيا { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ } فأحسنوا تجزوا بهذا { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذِّبِينَ } بالجنة { كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ } كلام مستأنف خطاب للمكذبين في الدنيا على وجه التهديد كقوله : { ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ } [ فصلت : 40 ] { قَلِيلاً } لأن متاع الدنيا قليل { إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ } كافرون أي إن كل مجرى يأكل ويتمتع أياماً قلائل ثم يبقى في الهلاك الدائم { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } بالنعم { وَإذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرْكَعُواْ } اخشعوا لله وتواضعوا إليه بقبول وحيه واتباع دينه ودعوا هذا الاستكبار { لاَ يَرْكَعُونَ } لا يخشعون ولا يقبلون ذلك ويصرون على استكبارهم ، أو إذا قيل لهم صلوا لا يصلون { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } بالأمر والنهي { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ } بعد القرآن { يُؤْمِنُونَ } أي إن لم يؤمنوا بالقرآن مع أنه آية مبصرة ومعجزة باهرة من بين الكتب السماوية فبأي كتاب بعده يؤمنون ؟ ! والله أعلم .