Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 79, Ayat: 1-14)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ست وأربعون آية مكية بسم الله الرحمٰن الرحيم { والنّازعات غَرْقاً * والنّاشطاتِ نشطاً * والسّابحاتِ سبحاً * فالسّابقاتِ سبقاً * فالمدبّرات أمراً } لا وقف إلى هنا . ولزم هنا لأنه لو وصل لصار { يوم } ظرف { المدبرات } وقد انقضى تدبير الملائكة في ذلك اليوم . أقسم سبحانه بطوائف الملائكة التي تنزع الأرواح من الأجساد غرقاً أي إغراقاً في النزع أي تنزعها من أقاصي الأجساد من أناملها ومواضع أظفارها ، وبالطوائف التي تنشطها أي تخرجها من نشط الدلو من البئر إذا أخرجها ، وبالطوائف التي تسبح في مضيها أي تسرع فتسبق إلى ما أمروا به فتدبر أمراً من أمور العباد مما يصلحهم في دينهم أو دنياهم كما رسم لهم . أو بخيل الغزاة التي تنزع في أعنتها نزعاً تغرق فيه الأعنة لطول أعناقها لأنها عراب ، والتي تخرج من دار الإسلام إلى دار الحرب من قولك ثور ناشط إذا خرج من بلد إلى بلد ، والتي تسبح في جريها فتسبق إلى الغاية فتدبر أمر الغلبة والظفر ، وإسناد التدبير إليها لأنها من أسبابه . أو بالنجوم التي تنزع من المشرق إلى المغرب ، وإغراقها في النزع أن تقطع الفلك كله حتى تنحط في أقصى الغرب ، والتي تخرج من برج إلى برج والتي تسبح في الفلك من السيارة فتسبق فتدبر أمراً من علم الحساب . وجواب القسم محذوف وهو « لتبعثن » لدلالة ما بعده عليه من ذكر القيامة . { يوم تَرْجُفُ } تتحرك حركة شديدة والرجف شدة الحركة { الرَّاجِفَةُ } النفخة الأولى وصفت بما يحدث بحدوثها لأنها تضطرب بها الأرض حتى يموت كل من عليها { تَتْبَعُهَا } حال عن الراجفة { الرَّادِفَةُ } النفخة الثانية لأنها تردف الأولى وبينهما أربعون سنة ، والأولى تميت الخلق والثانية تحييهم { قلوبٌ يومئذٍ } قلوب منكري البعث { وَاجِفَةٌ } مضطربة من الوجيب وهو الوجيف . وانتصاب { يوم ترجف } بما دل عليه { قلوب يومئذ واجفة } أي يوم ترجف وجفت القلوب ، وارتفاع { قلوب } بالابتداء و { واجفة } صفتها { أبصارُها } أي أبصار أصحابها { خاشِعَةٌ } ذليلة لهول ما ترى حبرها { يقولونَ } أي منكرو البعث في الدنيا استهزاء وإنكاراً للبعث { أَءِنَّا لمردودون في الحافرةِ } استفهام بمعنى الإنكار أي أنرد بعد موتنا إلى أول الأمر فنعود أحياء كما كنا ؟ والحافرة الحالة الأولى يقال لمن كان في أمر فخرج منه ثم عاد إليه : رجع إلى حافرته أي إلى حالته الأولى . ويقال : النقد عند الحافرة أي عند الحالة الأولى ، وهي الصفقة أنكروا البعث . ثم زادوا استبعاداً فقالوا { أَءِذا كنا عظاماً نَّخِرَةً } بالية { ناخرة } : كوفي غير حفص . وفَعِلَ أبلغ من فاعل يقال : نخر العظم فهو نخر وناخر . والمعنى أنرد إلى الحياة بعد أن صرنا عظاماً بالية ؟ و « إذا » منصوب بمحذوف وهو « نبعث » { قالوا } أي منكرو البعث { تِلْكَ } رجعتنا { إذاً كَرَّةٌ خاسرةٌ } رجعة ذات خسران أو خاسر أصحابها ، والمعنى أنها إن صحت وبعثنا فنحن إذاً خاسرون لتكذيبنا بها وهذا استهزاء منهم { فَإِنَّما هي زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ } متعلق بمحذوف أي لا تحسبوا تلك الكرة صعبة على الله عز وجل فإنها سهلة هينة في قدرته فما هي إلا صيحة واحدة يريد النفخة الثانية من قولهم : زجر البعير إذا صاح عليه { فإذا هم بالسَّاهِرةِ } فإذا هم أحياء على وجه الأرض بعدما كانوا أمواتاً في جوفها . وقيل : الساهرة أرض بعينها بالشأم إلى جنب بيت المقدس أو أرض مكة أو جهنم .