Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 85, Ayat: 10-22)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ } يجوز أن يريد بالذين فتنوا أصحاب الأخدود خاصة وبالذين آمنوا المطروحين في الأخدود ، ومعنى فتنوهم عذبوهم بالنار وأحرقوهم { ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ } لم يرجعوا عن كفرهم { فَلَهُمْ } في الآخرة { عَذَابُ جَهَنَّمَ } بكفرهم { وَلَهُمْ عَذَابُ ٱلْحَرِيقِ } في الدنيا لما رُوي أن النار انقلبت عليهم فأحرقتهم ، ويجوز أن يريد الذين فتنوا المؤمنين أي بلوهم بالأذى على العموم والمؤمنين المفتونين ، وأن للفاتنين عذابين في الآخرة لكفرهم ولفتنتهم . { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَهُمْ جَنَّـٰتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْكَبِيرُ } أي الذين صبروا على تعذيب الأخدود أو هو عام { إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ } البطش : الأخذ بالعنف فإذا وصف بالشدة فقد تضاعف وتفاقم ، والمراد أخذه الظلمة والجبابرة بالعذاب والانتقام { إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ } أي يخلقهم ابتداء ثم يعيدهم بعد أن صيرهم تراباً ، دل باقتداره على الابداء والإعادة على شدة بطشه ، أو أوعد الكفرة بأنه يعيدهم كما أبدأهم ليبطش بهم إذ لم يشكروا نعمة الابداء وكذبوا بالإعادة { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ } الساتر للعيوب العافي عن الذنوب { ٱلْوَدُودُ } المحب لأوليائه . وقيل : الفاعل لأهل الطاعة ما يفعله الودود من إعطائهم ما أرادوا { ذُو ٱلْعَرْشِ } خالقه ومالكه { ٱلْمَجِيدُ } وبالجر : حمزة وعلي على أنه صفة للعرش ومجد الله عظمته ومجد العرش علوه وعظمه { فَعَّالٌ } خبر مبتدأ محذوف { لِّمَا يُرِيدُ } تكوينه فيكون فيه دلالة خلق أفعال العباد . { هَلُ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْجُنُودِ } أي قد أتاك خبر الجموع الطاغية في الأمم الخالية { فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ } بدل من { ٱلْجُنُودِ } وأراد بفرعون إياه وآله والمعنى قد عرفت تكذيب تلك الجنود للرسل وما نزل بهم لتكذيبهم { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } من قومك { فِى تَكْذِيبٍ } واستيجاب للعذاب ولا يعتبرون بالجنود لا لخفاء حال الجنود عليهم لكن يكذبونك عناداً { وَٱللَّهُ مِن وَرَائِهِمْ مُّحِيطٌ } أي عالم بأحوالهم وقادر عليهم وهم لا يعجزونه ، والإحاطة بهم من ورائهم مثل لأنهم لا يفوتونه كما لا يفوت الشيء المحيط به { بَلْ هُوَ } بل هذا الذي كذبوا به { قُرْءَانٌ مَّجِيدٌ } شريف عالي الطبقة في الكتب وفي نظمه وإعجازه ليس كما يزعمون أنه مفترى وأنه أساطير الأولين { فِى لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ } من وصول الشياطين إليه { مَّحْفُوظٍ } : نافع صفة للقرآن أي من التغيير والتبديل . واللوح عند الحسن شيء يلوح للملائكة فيقرؤونه ، وعند ابن عباس رضي الله عنهما وهو من درة بيضاء طولها ما بين السماء والأرض ، وعرضه ما بين المشرق والمغرب ، قلمه نور وكل شيء فيه مسطور . مقاتل : هو على يمين العرش . وقيل : أعلاه معقود بالعرش وأسفله في حجر ملك كريم ، والله أعلم .