Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 85, Ayat: 1-9)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مكية وهي اثنتان وعشرون آية بسم الله الرحمٰن الرحيم { وَٱلسَّمَاءِ ذَاتِ ٱلْبُرُوجِ } هي البروج الاثنا عشر . وقيل : النجوم أو عظام الكواكب { وَٱلْيَوْمِ ٱلْمَوْعُودِ } يوم القيامة { وَشَـٰهِدٍ وَمَشْهُودٍ } أي وشاهد في ذلك اليوم ومشهود فيه ، والمراد بالشاهد من يشهد فيه من الخلائق كلهم ، وبالمشهود فيه ما في ذلك اليوم من عجائبه . وطريق تنكيرهما إما ما ذكرته في قوله { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ } [ التكوير : 14 ] كأنه قيل : ما أفرطت كثرته من شاهد ومشهود ، وإما للإبهام في الوصف كأنه قيل : وشاهد ومشهود لا يكتنه وصفهما . وقد كثرت أقاويل المفسرين فيهما فقيل : محمد صلى الله عليه وسلم ويوم القيامة أو عيسى وأمته لقوله : { وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ } [ المائدة : 117 ] . أو أمة محمد وسائر الأمم ، أو الحجر الأسود والحجيج ، أو الأيام والليالي وبنو آدم للحديث : " ما من يوم إلا وينادي أنا يوم جديد وعلى ما يفعل فيّ شهيد فاغتنمني فلو غابت شمسي لم تدركني إلى يوم القيامة " أو الحفظة وبنو آدم ، أو الله تعالى والخلق لقوله تعالى : { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } [ الفتح : 28 ] [ النساء : 79 ] أو الأنبياء ومحمد عليهم السلام . وجواب القسم محذوف يدل عليه { قُتِلَ أَصْحَـٰبُ ٱلأُخْدُودِ } أي لعن كأنه قيل : أقسم بهذه الأشياء إنهم ملعونون يعني كفار قريش كما لعن أصحاب الأخدود ، وهو خد أي شق عظيم في الأرض . رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لبعض الملوك ساحر فلما كبر ضموا إليه غلاماً ليعلمه السحر . وكان في طريق الغلام راهب فسمع منه فرأى في طريقه ذات يوم دابة قد حبست الناس فأخذ حجراً فقال : " اللهم إن كان الراهب أحب إليك من الساحر فاقتلها " فقتلها فكان الغلام بعد ذلك يبرىء الأكمه والأبرص . وعمي جليس للملك فأبرأه فأبصره الملك فسأله من رد عليك بصرك ؟ فقال : ربي . فغضب فعذبه فدل على الغلام ، فعذبه فدل على الراهب ، فلم يرجع الراهب عن دينه فقدّ بالمنشار ، وأبى الغلام فذهب به إلى جبل ليطرح من ذروته فدعا فرجف بالقوم فطاحوا ونجا ، فذهب به إلى قرقور فلجّجوا به ليغرقوه فدعا فانكفأت بهم السفينة فغرقوا ونجا فقال للملك : لست بقاتلي حتى تجمع الناس في صعيد وتصلبني على جذع وتأخذ سهماً من كنانتي وتقول : باسم الله رب الغلام ثم ترميني به ، فرماه فوقع في صدغه فوضع يده عليه فمات فقال الناس : آمنا برب الغلام . فقيل للملك : نزل بك ما كنت تحذر . فخدّ أخدوداً وملأها ناراً فمن لم يرجع عن دينه طرحه فيها حتى جاءت امرأة معها صبي فتقاعست أن تقع فيها فقال الصبي : يا أماه اصبري فإنك على الحق فألقي الصبي وأمه فيها { ٱلنَّارِ } بدل اشتمال من الأخدود { ذَاتِ ٱلْوَقُودِ } وصف لها بأنها نار عظيمة لها ما يرتفع به لهبها من الحطب الكثير وأبدان الناس { إِذْ } ظرف لقتل أي لعنوا حين أحرقوا بالنار قاعدين حولها { هُمْ عَلَيْهَا } أي الكفار على ما يدنو منها من حافات الأخدود { قُعُودٌ } جلوس على الكراسي { وَهُمْ } أي الكفار { عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ } من الإحراق { شُهُودٌ } يشهد بعضهم لبعض عند الملك أن أحداً منهم لم يفرط فيما أمر به وفوض إليه من التعذيب ، وفيه حث للمؤمنين على الصبر وتحمل أذى أهل مكة { وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ } وما عابوا منهم وما أنكروا إلا الإيمان كقوله : @ ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم @@ وقوله : @ ما نقموا من بني أمية إلـ ـلاّ أنهم يحلمون إن غضبوا @@ وقرىء { نَقَمُواْ } بالكسر والفصيح هو الفتح { بِٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } ذكر الأوصاف التي يستحق بها أن يؤمن به وهو كونه عزيزاً غالباً قادرا يخشى عقابه حميداً منعماً يجب له الحمد على نعمته ويرجى ثوابه { ٱلَّذِى لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ } فكل من فيهما تحق عليه عبادته والخشوع له تقريراً لأن ما نقموا منهم هو الحق الذي لا ينقمه إلا مبطل ، وأن الناقمين أهل لانتقام الله منهم بعذاب عظيم { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ } وعيد لهم يعني أنه علم ما فعلوا وهو مجازيهم عليه .