Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 96, Ayat: 1-14)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مكية وهي تسع عشرة آية بسم الله الرحمن الرحيم عن ابن عباس ومجاهد : هي أول سورة نزلت . والجمهور على أن الفاتحة أول ما نزل ثم سورة القلم { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبّكَ ٱلَّذِى خَلَقَ } محل { بِٱسْمِ رَبّكَ } النصب على الحال أي اقرأ مفتتحاً باسم ربك كأنه قيل : قل باسم الله ثم اقرأ الذي خلق . ولم يذكر الخلق مفعولاً لأن المعنى الذي حصل منه الخلق واستأثر به لا خالق سواه ، أو تقديره خلق كل شيء فيتناول كل مخلوق لأنه مطلق فليس بعض المخلوقات بتقديره أولى من بعض . وقوله { خَلَقَ ٱلإِنسَـٰنَ } تخصيص للإنسان بالذكر من بين ما يتناوله الخلق لشرفه ولأن التنزيل إليه ، ويجوز أن يراد الذي خلق الإنسان إلا أنه ذكر مبهماً ثم مفسراً تفخيماً لخلقه ودلالة على عجيب فطرته { مِنْ عَلَقٍ } وإنما جمع ولم يقل من علقة لأن الإنسان في معنى الجمع { ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ } الذي له الكمال في زيادة كرمه على كل كريم ينعم على عباده النعم ويحلم عنهم ، فلا يعاجلهم بالعقوبة مع كفرهم وجحودهم لنعمه ، وكأنه ليس وراء التكرم بإفادة الفوائد العلمية تكرم حيث قال { ٱلَّذِى عَلَّمَ } الكتابة { بِٱلْقَلَمِ عَلَّمَ ٱلإِنسَـٰنَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } فدل على كمال كرمه بأنه علم عباده ما لم يعلموا ونقلهم من ظلمة الجهل إلى نور العلم ، ونبه على فضل علم الكتابة لما فيه من المنافع العظيمة ، وما دونت العلوم ولا قيدت الحكم ولا ضبطت أخبار الأولين ولا كتب الله المنزلة إلا بالكتابة ، ولولا هي لما استقامت أمور الدين والدنيا ، ولو لم يكن على دقيق حكمة الله دليل إلا أمر القلم والخط لكفى به . { كَلاَّ } ردع لمن كفر بنعمة الله عليه بطغيانه وإن لم يذكر لدلالة الكلام عليه { إِنَّ ٱلإِنسَـٰنَ لَيَطْغَىٰ } نزلت في أبي جهل إلى آخر السورة { أَن رَّءاهُ } أن رأى نفسه . يقال في أفعال القلوب : رأيتني وعلمتني ، ومعنى الرؤية العلم ولو كانت بمعنى الإبصار لامتنع في فعلها الجمع بين الضميرين { ٱسْتَغْنَىٰ } هو المفعول الثاني { إِنَّ إِلَىٰ رَبّكَ ٱلرُّجْعَىٰ } تهديد للإنسان من عاقبة الطغيان على طريق الالتفات . والرجعى مصدر بمعنى الرجوع أي إن رجوعك إلى ربك فيجازيك على طغيانك { أَرَءيْتَ ٱلَّذِى يَنْهَىٰ عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } أي أرأيت أبا جهل ينهى محمداً عن الصلاة { أَرَءيْتَ إِن كَانَ عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ } أي إن كان ذلك الناهي على طريقة سديدة فيما ينهى عنه من عبادة الله { أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ } أو كان آمراً بالمعروف والتقوى فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقد { أَرَءيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } أرأيت إن كان ذلك الناهي مكذباً بالحق متولياً عنه كما نقول نحن { أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ } ويطلع على أحواله من هداه وضلاله فيجازيه على حسب حاله ، وهذا وعيد وقوله { ٱلَّذِى يَنْهَىٰ } مع الجملة الشرطية مفعولا { أَرَأَيْتَ } وجواب الشرط محذوف تقديره : إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى ألم يعلم بأن الله يرى ؟ وإنما حذف لدلالة ذكره في جواب الشرط الثاني وهذا كقولك : إن أكرمتك أتكرمني ؟ و { أَرَأَيْتَ } الثانية مكررة زائدة للتوكيد .