Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 100, Ayat: 5-11)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فوسطن به جمعاً } أي وسطن بالنقع جمعاً وهو مزدلفة ، فوجه القسم على هذا أن الله تعالى أقسم بالإبل لما فيها من المنافع الكثيرة ، وتعريضه بإبل الحج للتّرغيب وفيه تقريع لمن لم يحج بعد القدرة عليه ، فإن الكنود هو الكفور ، ومن لم يحج بعد الوجوب موصوف بذلك القول الثاني في تفسير والعاديات ، قال ابن عباس وجماعة هي الخيل العادية في سبيل الله والضبح صوت أجوافها إذا غدت قال ابن عباس : وليس شيء من الحيوانات يضبح سوى الفرس ، والكلب ، والثعلب ، وإنما تضبح هذه الحيوانات إذا تغير حالها من فزع أو تعب ، وهو من قول العرب ضبحته النّار إذا غيرت لونه ، { فالموريات قدحاً } [ العاديات : 2 ] يعني أنها توري النّار بحوافرها إذا سارت في الحجارة ، وقيل هي الخيل تهيج الحرب ونار العداوة بين فرسانها وقال ابن عباس : هي الخيل تغزو في سبيل الله ثم تأوي باللّيل فيوري أصحابها ناراً ، ويصنعون طعامهم ، وقيل هو مكر الرّجال في الحرب ، والعرب تقول إذا أراد الرجل أن يمكر بصاحبه أما والله لأقدحن لك ثم لأورين لك ، { فالمغيرات صبحاً } [ العاديات : 3 ] يعني الخيل تغير بفرسانها على العدو عند الصّباح لأن النّاس في غفلة في ذلك الوقت عن الاستعداد ، { فأثرن به } [ العاديات : 4 ] أي بالمكان { نقعاً } [ العاديات : 4 ] أي غباراً { فوسطن به جمعاً } أي دخلن به أي بذلك النّقع وهو الغبار ، وقيل صرن بعدوهن وسط جمع العدو ، وهم الكتيبة وهذا القول في تفسير هذه الآيات أولى بالصّحة ، وأشبه بالمعنى ، لأن الضبح من صفة الخيل ، وكذا إيراء النار بحوافرها ، وإثارة الغبار أيضاً ، وإنما أقسم الله بخيل الغزاة لما فيها من المنافع الدينية ، والدنيوية ، والأجر ، والغنيمة ، وتنبيهاً على فضلها ، وفضل رباطها في سبيل الله عزّ وجلّ ، ولما ذكر الله تعالى المقسم به ذكر المقسم عليه . فقال تعالى : { إن الإنسان لربه لكنود } أي لكفور وهو جواب القسم قال ابن عباس : الكنود الكفور الجحود لنعمة الله تعالى ، وقيل الكنود هو العاصي ، وقيل هو الذي يعد المصائب ، وينسى النّعم ، وقيل هو قليل الخير مأخوذ من الأرض الكنود ، وهي التي لا تنبت شيئاً ، وقال الفضيل بن عياض الكنود : الذي أنسته الخصلة الواحدة من الإساءة الخصال الكثيرة من الإحسان ، وضده الشّكور الذي أنسته الخصلة الواحدة من الإحسان الخصال الكثيرة من الإساءة { وإنه على ذلك لشهيد } قال أكثر المفسرين : وإن الله على كونه كنود الشّاهد ، وقيل الهاء راجعة إلى الإنسان ، والمعنى أنه شاهد على نفسه بما صنع { وإنه } يعني الإنسان { لحب الخير } أي المال { لشديد } أي لبخيل والمعنى أنه من أجل حب المال لبخيل ، وقيل معناه وإنه لحب المال وإيثار الدّنيا لقوي شديد { أفلا يعلم } يعني هذا الإنسان { إذا بعثر } أي أثير وأخرج { ما في القبور } يعني من الموتى { وحصل ما في الصدور } أي ميز وأبرز ما فيها من الخير والشر { إن ربهم بهم } أي جمع الكناية لأن الإنسان اسم جنس { يومئذ لخبير } أي عالم والله تعالى خبير بهم في ذلك اليوم ، وفي غيره ، ولكن المعنى أنه يجازيهم في ذلك اليوم على كفرهم وإنما خص أعمال القلوب بالذّكر في قوله ، { وحصل ما في الصّدور } لأن أعمال الجوارح تابعة لأعمال القلوب ، فإنه لولا البواعث والإرادات التي في القلوب لما حصلت أعمال الجوارح والله أعلم .