Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 82-84)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وننزل من القرآن ما هو شفاء } من في قوله تعالى من القرآن لبيان الجنس والمعنى : ننزل من هذا الجنس الذي هو القرآن ما هو شفاء أي بيان من الضلالة الجهالة ، يتبين به المختلف فيه ويتضح به المشكل ، ويستشفى به من الشبهة ويهتدى به من الحيرة وهو شفاء القلوب بزوال الجهل عنها . وقيل : هو شفاء للأمراض الباطنة والظاهرة ، وذلك لأنها تنقسم إلى نوعين أحدهما الاعتقادات الباطلة ، والثاني الأخلاق المذمومة أما الاعتقادات الباطلة فأشدها فساداً والاعتقادات الفاسدة في الذات والصفات والنبوات والقضاء والقدر والبعث بعد الموت ، فالقرآن كتاب مشتمل على دلائل المذهب الحق في هذه الأشياء وإبطال المذاهب الفاسدة ، لا جرم ، كان القرآن شفاء لما في القلوب من هذا النوع . وأما النوع الثاني : وهو الأخلاق المذمومة فالقرآن مشتمل على التنفير منها ، والإرشاد إلى الأخلاق المحمودة والأعمال الفاضلة ، فثبت أن القرآن شفاء من جميع الأمراض الباطنة وأما كونه شفاء من الأمراض الجسمانية ، فلأن التبرك بقراءته يدفع كثيراً من الأمراض . يدل عليه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في فاتحة الكتاب ، " وما يدريك أنها رقية " { ورحمة للمؤمنين } لما كان القرآن شفاء للأمراض الباطنة والظاهرة ، فهو جدير بأن يكون رحمة للمؤمنين { ولا يزيد الظالمين إلا خساراً } لأن الظالم لا ينتفع به ، والمؤمن ينتفع به فكان رحمة للمؤمنين وخساراً للظالمين ، وقيل : لأن كل آية تنزل يتجدد لهم تكذيب بها فيزداد خسارهم قال قتادة : لم يجالس القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان قضاه الله الذي قضى شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً . قوله سبحانه وتعالى : { وإذا أنعمنا على الإنسان } أي بالصحة والسعة { أعرض } أي عن ذكرنا ودعائنا { ونأى بجانبه } أي تباعد منا بنفسه وترك التقرب إلينا بالدعاء وقيل : معناه تكبر وتعظيم { وإذ مسه الشر } أي الشدة والضر { كان } أي يائساً قنوطاً ، وقيل : معناه إنه يتضرع ويدعو عند الضر والشدة ، فإذا تأخرت الإجابة يئس فلا ينبغي للمؤمن أن يدع الدعاء ولو تأخرت الإجابة . قوله عز وجل { قل كل } أي كل أحد { يعمل على شاكلته } قال ابن عباس : على ناحيته . وقيل : الشاكلة الطريقة أي على طريقته التي جبل عليها ، وفيه وجه آخر وهو أن كل إنسان يعمل على حسب جوهر نفسه ، فإن كانت نفسه شريفة طاهرة ، صدرت عنه أفعال جميلة وأخلاق زكية طاهرة وإن كانت نفسه كدرة خبيثة صدرت عنه أفعال خبيثة فاسدة رديئة { فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً } أي أوضح طريقاً وأحسن مذهباً واتباعاً للحق .