Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 94-97)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى } أي الوحي . والمعنى : وما منعهم الإيمان بالقرآن وبنبوة محمد صلى الله عليه وسلم إلا شبهة تلجلجت في صدورهم هي إنكارهم أن يرسل الله البشر وهو قوله تعالى { إلا أن قالوا } أي جهلاً منهم { أبعث الله بشراً رسولاً } وذلك أن الكفار كانوا يقولون لن نؤمن لك لأنك بشر وهلا بعث الله إلينا ملكاً فأجابهم الله بقوله : { قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين } أي مستوطنين مقيمين فيها { لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً } أي من جنسهم لأن الجنس إلى الجنس أميل { قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم } أي على أني رسوله إليكم وإني قد بلغت ما أرسلت به إليكم ، وأنكم كذبتم وعاندتم { إنه كان بعباده } يعني المنذرين والمنذرين { خبيراً بصيراً } أي عالماً بأحوالهم ، فهو مجازيهم وفيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ووعيد الكفار { ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه } أي يهدونهم وفيه أيضاً تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهو أن الذين حكم لهم بالإيمان والهداية وجب أن يصيروا مؤمنين ومن سبق لهم حكم الله بالضلال والجهل استحال أن ينقلبوا عن ذلك { ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم } ق عن أنس " أن رجلاً قال : يا رسول الله قال الله الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أيحشر الكافر على وجهه قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا ، قادراً على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة ؟ قال قتادة حين بلغه بلى وعزة ربنا " وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف صنفاً مشاة ، وصنفاً ركباناً ، وصنفاً على وجوههم . قيل يا رسول الله وكيف يمشون على وجوههم قال : إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم أما إنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك " أخرجه الترمذي الحدب كل ما ارتفع من الأرض { عمياً وبكماً وصماً } أي لا يبصرون ولا ينطقون ولا يسمعون . فإن قلت : كيف وصفهم بأنهم عمي وبكم وصم وقد قال الله تعالى { ورأى المجرمون النار } [ الكهف : 53 ] وقال { دعوا هنالك ثبوراً } [ الفرقان : 13 ] وقال { سمعوا لها تغيظاً وزفيراً } [ الفرقان : 12 ] فأثبت لهم الرؤية والكلام والسمع . قلت فيه أوجه : أحدهما قال ابن عباس معناه عمياً لا يبصرون ما يسرهم بكماً لا ينطقون بحجة صماً لا يسمعون ما يسرهم . الوجه الثاني : قيل معناه يحشرون على ما وصفهم الله وتعالى : ثم تعاد إليهم هذه الأشياء . الوجه الثالث : قيل معناه هذا حين يقال لهم اخسئوا فيها ، ولا تكلمون فيصيرون بأجمعهم عمياً وبكماً وصماً لا يرون ولا ينطقون ولا يسمعون { مأواهم جهنم كلما خبت } اي سكن لهيبها . وقيل : ضعفت وهدأت من غير أن يوجد نقصان في إيلام الكفار ، لأن الله سبحانه وتعالى قال : لا يفتر عنهم وقيل معناه أرادت أن تخبو { زدناهم سعيراً } أي وقوداً وقيل معناه خبت أي نضجت جلودهم واحترقت أعيدوا إلى ما كانوا عليه ، وزيد في سعير النار لتحرقهم .