Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 106-110)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ذلك } إشارة إلى ما ذكر من حبوط أعمالهم وخسة قدرهم ، ثم ابتدأ فقال تعالى { جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزواً } يعني سخرية واستهزاء . قوله تعالى { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً } . عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة ، وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة " قال كعب : ليس في الجنان جنة أعلى من جنة الفردوس ، فيها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر . وقال قتادة : الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها وأرفعها . وقيل : الفردوس هو البستان الذي فيه الأعناب . وقيل : هي الجنة الملتفة بالأشجار التي تنبت ضروباً من النبات . وقيل : الفردوس البستان بالرومية . وقيل : بلسان الحبش منقولاً إلى العربية نزولاً هو ما يهيأ للنازل على معنى كانت لهم ثمار جنات الفردوس ونعيمها نزلاً . وقيل في معنى كانت لهم أي في علم الله تعالى قبل أن يخلقوا { خالدين فيها لا يبغون } أي لا يطلبون { عنها حولاً } أي تحولاً إلى غيرها ، قال ابن عباس : لا يريدون أن يتحولوا عنها ، كما ينتقل الرجل من دار إذا لم توافقه إلى دار أخرى . قوله تعالى { قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي } قال ابن عباس : قالت اليهود يا محمد تزعم أننا قد أوتينا الحكمة وفي كتابك { ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً } [ البقرة : 269 ] ثم تقول وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ، فأنزل الله تعالى وقيل لما نزل { وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً } [ الإِسراء : 85 ] قالت اليهود أوتينا علم التوراة وفيها علم كل شيء . فأنزل الله تعالى { قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي } ما يستمده الكتاب ويكتب به ، وأصله من الزيادة قال مجاهد : لو كان البحر مداداً للقلم والقلم يكتب قيل والخلائق يكتبون { لنفد البحر } أي لنفد ماؤه { قبل أن تنفد كلمات ربي } أي علمه وحكمه { ولو جئنا بمثله مداداً } والمعنى ولو كان الخلائق يكتبون والبحر يمدهم لفني ماء البحر ولم تفن كلمات ربي ، ولو جئنا بمثل ماء البحر في كثرته مدداً وزيادة . قوله تعالى { قل إنما أنا بشر مثلكم } قال ابن عباس : علم الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم التواضع لئلا يزهى على خلقه ، فأمره أن يقرأ فيقول آنا آدمي مثلكم إلا أني خصصت بالوحي وأكرمني الله به وهو قوله تعالى { يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد } لا شريك له في ملكه { فمن كان يرجو لقاء ربه } أي يخاف المصير إليه وقيل يؤمل رؤية ربه { فليعمل عملاً صالحاً } أي من حصل له رجاء لقاء الله تعالى والمصير إليه فليستعمل نفسه في العمل الصالح { ولا يشرك بعبادة ربه أحداً } أي لا يرائي بعمله ولما كان العمل الصالح قد يراد به وجه الله سبحانه وتعالى وقد يراد به الرياء والسمعة اعتبر فيه قيدان ، أحدهما : يراد به سبحانه وتعالى والثاني : أن يكون مبرأ من جهات الشرك جميعها ق عن جندب بن عبد الله البجلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من سمع سمع الله به ومن يرائي يرائي الله به " قوله من سمع سمع الله به أي من عمل عملاً مراآة للناس يشتهر بذلك شهرة الله يوم القيامة ، وقيل سمع الله به أي أسمعه المكروه م عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن الله تبارك وتعالى يقول " أنا أغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملاً أشرك فيه غيري تركته وشركه ولغير مسلم فأنا منه بريء هو والذي عمله " " عن سعيد بن أبي فضالة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إذا جمع الناس ليوم لا ريب فيه نادى منادٍ من كان يشرك في عمل عمله لله أحداً فليطلب ثوابه منه فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك " أخرجه الترمذي . وقال حديث غريب وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ؟ قالوا وما الشرك الأصغر قال الرياء " م عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال " وفي رواية من آخرها والله أعلم بمراده وأسرار كتابه .