Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 11-17)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله سبحانه وتعالى : { فضربنا على أذانهم } أي ألقينا عليهم النوم ، وقيل منعنا نفوذ الأصوات إلى مسامعهم فإن النائم إذا سمع الصوت ينتبه { في الكهف سنين عدداً } أي أنمناهم سنين كثيرة فإن العدد يدل على الكثرة { ثم بعثناهم } أي من نومهم { لنعلم } أي علم مشاهدة وذلك أن الله عز وجل لم يزل عالماً ، وإنما أراد ما تعلق به العلم من ظهور الأمر لهم ليزدادوا إيماناً واعتباراً { أي الحزبين } أي الطائفتين { أحصى لما لبثوا أمداً } أي أحفظ لما مكثوا في كهفهم نياماً وذلك أن أهل المدينة تنازعوا في مدة لبثهم في الكهف . قوله تعالى { نحن نقص عليك نبأهم بالحق } أي نقرأ عليك خبر أصحاب الكهف بالحق أي بالصدق { إنهم فتية } أي شبان { آمنوا بربهم وزدناهم هدى } أي إيماناً وبصيرة { وربطنا على قلوبهم } أي شددنا على قلوبهم بالصبر والتثبيت وقويناهم بنور الإيمان حتى صبروا على هجران دار قومهم ، ومفارقة ما كانوا عليه من خفض العيش وفروا بدينهم إلى الكهف { إذ قاموا } يعني بين يدي دقيانوس الجبار حين عاتبهم على ترك عبادة الأصنام { فقالوا } أي الفتية { ربنا رب السموات والأرض لن ندعو من دونه إلهاً } إنما قالوا ذلك لأن قومهم كانوا يعبدون الأصنام { لقد قلنا إذاً شططاً } قال ابن عباس : يعني جوراً وقيل كذباً يعني إن دعونا غير الله { هؤلاء قومنا } يعني أهل بلدهم { اتخذوا من دونه } أي من دون الله { آلهة } يعني أصناماً يعبدونها { لولا } أي هلا { يأتون عليهم } أي على عبادة الأصنام { بسلطان بين } أي بحجة واضحة وفيه تبكيت لأن الإتيان بحجة على عبادة الأصنام محال { فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً } أي وزعم أنه له شريكاً أو ولداً ثم قال بعضهم لبعض { وإذ اعتزلتموهم } يعني قومكم { وما يعبدون إلا الله } وذلك أنهم كانوا يعبدون الله ، ويعبدون معه الأصنام والمعنى وإذا اعتزلتموهم وجميع ما يعبدون إلا الله فإنكم لم تعتزلوا عبادته { فأووا إلى الكهف } أي الجؤوا إليه { ينشر لكم } أي يبسط لكم { ربكم من رحمته ويهيىء } أي يسهل { لكم من أمركم مرفقاً } أي ما يعود إليه يسركم ورفقكم . قوله سبحانه وتعالى { وترى الشمس إذا طلعت تزاور } أي تميل وتعدل { عن كهفهم ذات اليمين } أي جانب اليمين { وإذا غربت تقرضهم } أي تتركهم وتعدل عنهم { ذات الشمال وهم في فجوة منه } أي متسع من الكهف { ذلك من آيات الله } أي من عجائب صنعه ودلالات قدرته وذلك أن ما كان في ذلك السمت تصيبهم الشمس ولا تصيبهم اختصاصاً لهم بالكرامة ، وقيل إن باب الكهف شمالي مستقبل لبنات نعش فهم في مقنأة أبداً لا تقع الشمس عليهم عند الطلوع ولا عند الغروب ولا عند الاستواء فتؤذيهم بحرها ، ولكن اختار الله لهم مضجعاً في متسع ينالهم فيه برد الريح ونسيمها ويدفع عنهم كرب الغار وغمه ، وعلى هذا القول يكون معنى قوله ذلك من آيات الله أي إن شأنهم وحديثهم من آيات الله { من يهد الله فهو المهتد } يعني مثل أصحاب الكهف وفيه ثناء عليهم { ومن يضلل } أي ومن يضلله الله ولم يرشده { فلن تجد له ولياً } أي معيناً { مرشداً } أي يرشده .