Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 63-71)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قال } يعني يوشع { أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة } وهي صخرة كانت بالموضع الموعود { فإني نسيت الحوت } أي تركته وفقدته ، وذلك أن يوشع حين رأى من الحوت ذلك قام ليدرك موسى فيخبره فنسي أن يخبره ، فمكثا يومهما حتى صليا الظهر من الغد ثم قال { وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره } أي وما أنساني أن أذكر لك أمر الحوت إلا الشيطان ، قيل المراد من النسيان شغل قلب الإنسان بوساوس الشيطان التي هي فعله دون النسيان الذي يضاد الفكر لأن ذلك لا يصح إلا من قبل الله تعالى { واتخذ سبيله في البحر عجباً } قيل هذا من قول يوشع بن نون يعني وقع الحوت في البحر فاتخذ سبيله فيه مسلكاً . وروي في الخبر كان للحوت سرباً ولموسى ولفتاه عجباً وقيل أي شيء أعجب من حوت يؤكل منه دهراً ثم صار حياً بعد ما أكل بعضه . قوله عز وجل { قال } يعني موسى { ذلك ما كنا نبغ } نطلب { فارتدا على أثارهما قصصاً } أي رجعا يقصان الذي جاءا منه ويتبعانه { فوجدوا عبداً من عبادنا } قيل كان ملكاً من الملائكة والصحيح الذي ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء في التواريخ أنه الخضر واسمه بليا بن ملكان وكنيته أبو العباس ، قيل كان من بني إسرائيل وقيل كان من أبناء الملوك الذين تزهدوا وتركوا الدنيا والخضر لقب له ، سمي به لأنه جلس على فروة بيضاء فاخضرت . خ عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما سمي خضراً لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضراء " ، الفروة قطعة نبات مجتمعة يابسة وقيل سمي خضراً لأنه كان إذا صلّى اخضر ما حوله . وروينا أن موسى رأى الخضر مسجى بثوب فسلم عليه ، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام قال أنا موسى أتيتك لتعلمني مما علمت رشداً . ومعنى مسجى أي مغطى بثوب وقوله وأنى بأرضك السلام معناه من أين بأرضك التي أنت فيها الآن السلام . وروي أنه لقيه على طنفسة خضراء على جانب البحر فذلك قوله سبحانه وتعالى { فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة } أي نعمة { من عندنا وعلمناه من لدنا علماً } أي علم الباطن إلهاماً ولم يكن الخضر نبياً عند أكثر أهل العلم . فإن قلت ظاهر الآيات يدل على أن الخضر كان أعلى شأناً من موسى وكان موسى يظهر التواضع له والتأدب معه . قلت لا يخلو إما أن يكون الخضر من بني إسرائيل أو من غيرهم فإن كان من بني إسرائيل فهو من أمة موسى ، ولا جائز أن يكون أحد الأمة أفضل من نبيها أو أعلى شأناً منه ، وإن كان من غير بني إسرائيل فقد قال الله تعالى لبني إسرائيل { وإني فضلتكم على العالمين } [ البقرة : 47 ] أي على عالمي زمانكم { قال له موسى هل أتبعك } معناه جئت لأصحبك وأتبعك { على أن تعلمن مما علمت رشداً } أي صواباً وقيل علماً ترشدني به . وفي بعض الأخبار قال الخضر لموسى : كفى بالتوراة علماً وبني إسرائيل شغلاً ، فقال له موسى : إن الله أمرني بهذا فحينئذٍ { قال } الخضر لموسى { إنك لن تستطيع معي صبراً } وإنما قال ذلك لأنه علم أنه يرى أموراً منكرة ولا يجوز للأنبياء الصبر مع المنكرات ثم بين عذره في ترك الصبر فقال { وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً } أي علماً { قال } موسى { ستجدني إن شاء الله صابراً } إنما استثنى لأنه لم يثق من نفسه بالصبر { ولا أعصي لك أمراً } أي أخالفك فيما تأمرني به قال { فإن اتبعتني } أي فإن صحبتني ولم يقل اتبعني ولكن جعل الاختيار إليه شرط عليه ثم شرطاً فقال { فلا تسألني عن شيء } أي مما أعلمه مما تنكره ولا تعترض عليه { حتى أحدث لك منه ذكراً } معناه حتى أبتدأ بذكره فأبين لك شأنه . قوله سبحانه وتعالى { فانطلقا } أي يمشيان على الساحل يطلبان سفينة يركبانها ، فوجدا سفينة فركباها فقال أهل السفينة هؤلاء لصوص ، وأمروهما بالخروج فقال صالح السفينة ما هم بلصوص ولكن أرى وجوه الأنبياء . وروينا عن أبي بن كعب عن النبيّ صلى الله عليه وسلم " مرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم فعرفوا الخضر فحملوهم بغير نول ، أي بغير عوض ولا عطاء ، فلما لججوا في البحر أخذ الخضر فأسا فخرق لوحاً من ألواح السفينة فذلك " قوله تعالى { حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال } يعني موسى له { أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً إمراً } أي أتيت شيئاً عظيماً منكراً . روي أن الخضر لما خرق السفينة لم يدخلها الماء وروي أن موسى لما رآى ذلك أخذ ثوبه فحشا به الخرق .