Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 72-77)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قال } العالم وهو الخضر { ألم أقل أنك لن تستطيع معي صبراً قال } يعني موسى { لا تؤاخذني بما نسيت } . قال ابن عباس : لم ينس ولكنه من معاريض الكلام فكأنه نسي شيئاً آخر . وقيل معناه بما تركت من عهدك والنسيان الترك وقال أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم " كانت الأولى من موسى نسياناً والثانية شرطاً والثالثة عمداً " { ولا ترهقني } أي لا تغشني { من أمري عسراً } والمعنى لا تعسر علي متابعتك وسيرها بالأغضاء وترك المناقشة وقيل لا تكلفني مشقة ولا تضيق علي أمري . { فانطلقا حتى إذا لقيا غلاماً فقتله } في القصة أنهما خرجا من البحر يمشيان فمرا بغلمان ، يلعبون فأخذ الخضر غلاماً ظريفاً وضيء الوجه كان وجهه يتوقد حسناً فأضجعه ثم ذبحه بالسكين ، وروينا أنه أخذ برأسه فاقتلعه . وروى عبد الرزاق هذا الخبر وفيه أشار بأصابعه الثلاث الإبهام والسبابة والوسطى وقلع رأسه . وروي أنه رضخ رأسه بحجر وقيل ضرب رأسه بالجدار فقتله . قال ابن عباس : كان غلاماً لم يبلغ الحنث ولم يكن نبي الله موسى يقول أقتلت نفساً زاكية ، إلا وهو صبي لم يبلغ الحنث ، وقيل : كان رجلاً وقيل كان اسمه حيسور وقيل كان فتى يقطع الطريق ويأخذ المتاع ويلجأ إلى أبويه . وقيل كان غلاماً يعمل بالفساد ويتأذى منه أبواه . ق عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الغلام الذي قتله الخضر طبع كافراً ولو عاش لأرهق أبويه طغياناً وكفراً " لفظ مسلم { قال } يعني موسى { أقتلت نفساً زكية } أي لم تذنب قط وقرىء زكية وهي التي أذنبت ثم تابت { بغير نفس } أي لم تقتل نفساً حتى يجب عليها القتل { لقد جئت شيئاً نكراً } أي منكراً عظيماً ، وقيل النكر أعظم من الأمر لأنه حقيقة الهلاك ، وفي خرق السفينة خوف الهلاك ، وقيل الأمر أعظم لأن فيه تغريق جمع كثير ، وقيل معناه لقد جئت شيئاً أنكر من الأول لأن ذاك كان خرقاً يمكن تداركه بالسد وهذا لا سبيل إلى تداركه { قال } يعني الخضر { ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبراً } قيل زاد في هذه الآية قوله لك لأنه نقض العهد مرتين ، وقيل إن هذه اللفظة توكيد للتوبيخ فعند هذا { قال } موسى { إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني } قيل إن يوشع كان يقول لموسى يا نبي الله اذكر العهد الذي أنت عليه ، قال موسى إن سألتك عن شيء بعد هذه المرة فلا تصاحبني ، أي فارقني لا تصاحبني { قد بلغت من لدني عذراً } قال ابن عباس : أي قد أعذرت فيما بيني وبينك ، وقيل معناه اتضح لك العذر في مفارقتي والمعنى أنه مدحه بهذه الطريقة من حيث أنه احتمله مرتين أولاً وثانياً مع قرب المدة ق عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رحمة الله علينا وعلى موسى وكان إذا ذكر أحداً من الأنبياء بدأ بنفسه لولا أنه عجل لرأى العجب ، ولكنه أخذته من صاحبه ذمامة فقال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذراً فلو صبر لرأى العجب " قوله ذمامة هو بذال معجمة أي حياء وإشفاق من الذم واللوم ، يقال ذممته ذمامة لمته ملامة ويشهد له قول الخضر هذا فراق بيني وبينك . قوله سبحانه وتعالى { فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية } قال ابن عباس : يعني أنطاكية وقيل الأيلة وهي أبعد الأرض من السماء وقيل هي بلدة بالأندلس { استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما } قال أبي بن كعب عن النبيّ صلى الله عليه وسلم " أتيا أهل قرية لئاماً فطافا في المجلس فاستطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما " وروي أنهما طافا في القرية فاستطعماهم فلم يطعموهما واستضافاهم فلم يضيفوهما . وعن أبي هريرة قال : أطعمتهما امرأة من أهل بربر بعد أن طلبا من الرجال فلم يطعموهما فدعا لنسائهم ولعن رجالهم . وعن قتادة قال : شر القرى التي لا تضيف الضيف فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض أي يسقط وهذا من مجاز الكلام لأن الجدار لا إرادة له ، وإنما معناه قرب ودنا من السقوط كما تقول داري تنظر إلى دار فلان إذا كانت تقابلها ، فاستعير لها النظر كما أستعير للجدار الإرادة . { فأقامه } أي سواه ، وفي حديث أبي بن كعب عن النبيّ صلى الله عليه وسلم " فقال الخضر بيده هكذا فأقامه " وقال ابن عباس : هدمه وقعد يبنيه . { قال } يعني موسى { لو شئت لاتخذت عليه أجراً } يعني على إصلاح الجدار جعلاً والمعنى أنك قد علمت أنا جياع ، وأن أهل القرية لم يطعمونا فلو اتخذت على عملك أجراً .