Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 23-28)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { فأجاءها المخاض } أي ألجأها وجاء بها والمخاض وجع الولادة { إلى جذع النخلة } وكانت نخلة يبست في الصحراء في شدة البرد ولم يكن لها سعف ، وقيل التجأت إليها تستند إليها وتستمسك بها من شدة الطلق ، ووجع الولادة { قالت يا ليتني مت قبل هذا } تمنت الموت استحياء من الناس وخوفاً من الفضيحة { وكنت نسياً منسياَ } يعني شيئاً حقيراً متروكاً لم يذكر ، ولم يعرف لحقارته وقيل جيفة ملقاة ، وقيل معناه أنها تمنت أنها لم تخلق { فناداها من تحتها } قيل إن مريم كانت على أكمة وجبريل وراء الأكمة تحتها ، وقيل ناداها من سفح الجبل وقيل هو عيسى وذلك أنه لما خرج من بطن أمه ناداها { أن لا تحزني قد جعل ربك تحتك سرياً } أي نهراً . قال ابن عباس رضي الله عنهما : ضرب جبريل عليه السلام ، وقيل عيسى عليه السلام برجله في الأرض فظهرت عين ماء عذبة ، وجرت وقيل كان هناك نهر يابس فجرى فيه الماء بقدرة الله سبحانه وتعالى وجنت النخلة اليابسة ، فأورقت وأثمرت وأرطبت وقيل معنى تحتك تحت أمرك إن أمرته أن يجري جرى ، وإن أمرته بالإمساك أمسك وقيل معنى سرياً أي عيسى وكان عبداً سرياً رفيعاً { وهزي إليك } أي حركي إليك { بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً } قيل الجنى الذي بلغ الغاية جاء أوان اجتنائه . قال الربيع بن خيثم : ما للنفساء خير من الرطب ولا للمريض خير من العسل { فكلي واشربي } أي مريم كلي من الرطب واشربي من النهر { وقري عيناً } أي طيبي نفساً ، وقيل قري عيناً بولدك عيسى ، يقال أقر الله عينك أي صادف فؤادك ما يرضيك فتقر عينيك عن النظر إلى غيره { فإما ترين من البشر أحداً } معناه يسألك عن ولدك { فقولي إني نذرت للرحمن صوماً } أي صمتاً ، قيل كان في بني إسرائيل من أراد أن يجتهد صام عن الكلام كما يصوم عن الطعام فلا يتكلم حتى يمسي ، وقيل إن الله أمرها أن تقول هذا إشارة وقيل أمرها أن تقول هذا القول نطقاً ثم تمسك عن الكلام بعده وإنما منعت من الكلام لأمرين أحدهما : أن يكون عيسى عليه السلام هو المتكلم عنها ليكون أقوى لحجتها في إزالة التهمة عنها وفيه دلالة على أن تفويض الكلام إلى الأفضل أولى . والثاني : كراهة مجادلة السفهاء وفيه السكوت عن السفيه واجب { فلن أكلم اليوم إنسياً } يقال إنها كانت تكلم الملائكة ولا تكلم الإنس . قوله تعالى { فأتت به قومها تحمله } قيل إنها لما ولدت عيسى عليه السلام حملته في الحال إلى قومها وقيل إن يوسف النجار احتمل مريم وابنها عيسى إلى غار فمكث فيه أربعين يوماً حتى طهرت من نفاسها ، ثم حملته إلى قومها فكلمها عيسى في الطريق فقال : يا أماه أبشري فإني عبد الله ومسيحه ، فلما دخلت على أهلها ومعها الصبي بكوا وحزنوا وكانوا أهل بيت صالحين { قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فرياً } أي عظيماً منكراً وقيل معناه جئت بأمر عجيب وبديع { يا أخت هارون } أي شبيهة هارون قيل كان رجلاً صالحاً في بني إسرائيل شبهت به في عفتها وصلاحها وليس المراد الأخوة في النسب ، قيل إنه تبع جنازته يوم مات أربعون ألف من بني إسرائيل كلهم يسمى هارون سوى سائر الناس م عن المغيرة بن شعبة قال : لما قدمت خراسان سألوني فقالوا : إنكم تقرؤون يا أخت هارون وموسى قبل عيسى بكذا وكذا فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته عن ذلك فقال : " إنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين قبلهم " . وقيل كان هارون أخا مريم لأبيها ، وقيل كان من أمثل رجل في بني إسرائيل وقيل إنما عنوا هارون أخا موسى لأنها كانت من نسله كما يقال للتميمي يا أخا تميم ، وقيل كان هارون في بني إسرائيل فاسقاً أعظم الفسق فشبهوها به { ما كان أبوك } يعني عمران { امرأ سوء } قال ابن عباس : زانياً { وما كانت أمك } يعني حنة { بغياً } أي زانية فمن أين لك هذا الولد .