Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 29-37)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فأشارت إليه } أي أشارت مريم إلى عيسى أن كلمهم ، قال ابن مسعود : لما لم يكن لها حجة أشارت إليه ليكون كلامه حجة لها ، وقيل لما أشارت إليه غضب القوم وقالوا مع ما فعلت أتسخرين بنا { قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً } قيل أراد بالمهد الحجر وهو حجرها ، وقيل هو المهد بعينه قيل لما سمع عيسى كلامهم ترك الرضاع وأقبل عليهم ، وقيل لما أشارت إليه ترك الرضاع واتكأ على يساره وأقبل عليهم وجعل يشير بيمينه { قال إني عبد الله } قال وهب : أتاها زكرياء عند مناظرتها اليهود ، فقال لعيسى : انطق بحجتك إن كنت أمرت بها ، فقال عند ذلك عيسى وهو ابن أربعين يوماً ، وقيل : بل يوم ولد إني عبد الله أقر على نفسه بالعبودية لله تعالى أول ما تكلم لئلا يتخذ إلهاً . فإن قلت إن الذي اشتدت إليه الحاجة في ذلك الوقت نفي التهمة عن أمه وأن عيسى لم ينص على ذلك ، وإنما نص على إثبات عبوديته لله تعالى . قلت كأنه جعل إزالة التهمة عن الله تعالى أولى من إزالة التهمة عن أمه ، فلهذا أول ما تكلم باعترافه على نفسه بالعبودية لتحصل إزالة التهمة عن الأم ، لأن الله تعالى لم يختص بهذه المرتبة العظيمة من ولد في زنا ، والتكلم بإزالة التهمة عن أمه لا يفيد إزالة التهمة عن الله سبحانه وتعالى فكان الاشتغال بذلك أو { آتاني الكتاب وجعلني نبياً } قيل معناه سيجعلني نبياً ويؤتيني الكتاب وهو الإنجيل وهذا إخبار عما كتب له في اللوح المحفوظ وهو كما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم متى كنت نبياً قال : " كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد " وقال الأكثرون إنه أوتي الإنجيل ، وهو صغير وكان يعقل عقل الرجال الكمل وعن الحسن أنه ألهم التوراة وهو في بطن أمه { وجعلني مباركاً أينما كنت } معناه أني نفاع أينما توجهت ، وقيل معلماً للخير أدعو إلى الله وإلى توحيده وعبادته وقيل مباركاً على من يتبعني { وأوصاني بالصلاة والزكاة } أي أمرني بهما وكلفني فعلهما . فإن قلت كيف يؤمر بالصلاة والزكاة ، في حال طفوليته وقد قال صلى الله عليه وسلم " رفع القلم عن ثلاث الصبي حتى يبلغ " الحديث … قلت إن قوله وأوصاني بالصلاة والزكاة لا يدل على أنه تعالى أوصاه بأدائهما في الحال بل المراد أوصاه بأدائهما في الوقت المعين لهما وهو البلوغ ، وقيل إن الله تعالى صيره حين انفصل عن أمه بالغاً عاقلاً وهذا القول أظهر في سياق قوله { ما دمت حياً } فإنه يفيد أن هذا التكليف متوجه إليه في زمان جميع حياته حين كان في الأرض وحين رفع إلى السماء وحين ينزل الأرض بعد رفعه { وبراً بوالدتي } أي جعلني براً بوالدتي { ولم يجعلني جباراً شقياً } أي عاصياً لربي متكبراً على الحق بل ، وأنا خاضع متواضع وروي أنه قال : قلبي لين وأنا صغير في نفسي ، وقال بعض العلماء لا تجد العاق إلا جباراً شقياً وتلا هذه الآية ، وقيل الشقي الذي يذنب ولا يتوب . { والسلام علي يوم ولدت } أي السلامة عند الولادة من طعن الشيطان { ويوم أموت } أي عند الموت من الشرك { ويوم أبعث حياً } أي من أهوال يوم القيامة فلما كلمهم عيسى بذلك علموا براءة مريم ثم سكت عيسى فلم يتكلم حتى بلغ المدة التي يتكلم فيها الأطفال { ذلك عيسى ابن مريم } أي ذلك الذي قال إني عبد الله هو عيسى بن مريم { قول الحق } أي هذا الكلام هو القول الحق أضاف القول إلى الحق ، وقيل هو نعت لعيسى يعني بذلك عيسى بن مريم كلمة الله الحق والحق هو الله { الذي فيه يمترون } أي يشكون ويختلفون فقائل يقول هو ابن الله وقائل يقول ثالث ثلاثة تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ثم نزه نفسه عن اتخاذ الولد ونفاه عنه فقال تعالى { ما كان لله أن يتخذ ولد } أي ما كان من صفاته اتخاذ الولد لا ينبغي له ذلك { سبحانه إذا قضى أمراً } أي إذا أراد أن يحدث أمراً { فإنما يقول له كن فيكون } أي لا يتعذر عليه اتخاذه على الوجه الذي أراده { وإن الله ربي وربكم فاعبدوه } هذا إخبار عن عيسى أنه قال ذلك يعني لأن الله ربي وربكم لا رب للمخلوقات سواه { هذا صراط مستقيم } أي هذا الذي أخبرتكم به أن الله أمرني به هو الصراط المستقيم الذي يؤدي إلى الجنة { فاختلف الأحزاب من بينهم } يعني النصارى سموا أحزاباً لأنهم تحزبوا ثلاث فرق في أمر عيسى النسطورية والملكانية واليعقوبية { فويل للذين كفروا من مشهد يوم عيظم } يعني يوم القيامة حين .