Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 111-113)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً } يعني يهودياً ، وقيل هو جمع هائد { أو نصارى } وذلك أن اليهود قالوا : لن يدخل الجنة إلا من كان يهودياً ولا دين إلا دين اليهودية ، وقالت النصارى : لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانياً ولا دين إلا دين النصرانية قيل : نزلت في وفد نجران وكانوا نصارى اجتمعوا مع اليهود في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فكذب بعضهم بعضاً في دعواه قال الله : { تلك أمانيهم } أي شهواتهم الباطلة التي تمنوها على الله بغير حق { قل } يعني يا محمد { هاتوا برهانكم } أي حجتكم على دعواكم أن الجنة لا يدخلها إلا من كان يهودياً أو نصرانياً دون غيرهم { إن كنتم صادقين } يعني فيما تدعون . ثم قال تعالى رداً عليهم : { بلى } أي ليس الأمر كما تزعمون ولكن { من أسلم وجهه لله وهو محسن } فإنه الذي يدخل الجنة وينعم فيها ومعنى أسلم وجهه لله أخلص في دينه لله ، وقيل : أخلص عبادته لله . وقيل خضع وتواضع لله ، لأن أصل الإسلام الاستسلام وهو الخضوع ، وإنما خص الوجة بالذكر لأنه أشرف الأعضاء ، وإذا جاد الإنسان بوضع وجهه على الأرض في السجود فقد جاد بجميع أعضائه ، قال عمرو بن نفيل : @ وأسلمت وجهي لمن أسلمت له الأرض تحمل صخراً ثقالا وأسلمت وجهي لمن أسلمت له المزن تحمل عذباً زلالا @@ يعني بذلك استسلمت لطاعة من استسلم لطاعته الأرض والمزن ، وهو محسن أي في عمله لله { فله أجره عند ربه } أي ثواب عمله { ولا خوف عليهم } أي في الآخرة { ولا هم يحزنون } أي على ما فاتهم من الدنيا . قوله عز وجل : { وقالت اليهود ليست النصارى على شيء ، وقالت النصارى ليست اليهود على شيء } نزلت في يهود المدينة ونصارى نجران ، وذلك أن وفد نجران لما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم أحبار اليهود وتناظروا حتى ارتفعت أصواتهم فقالت اليهود للنصارى : ما أنتم على شيء من الذين وكفروا بعيسى والإنجيل وقالت النصارى لليهود ما أنتم على شيء من الذين وكفروا بموسى والتوراة فأنزل الله تعالى : { وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء } { وهم يتلون الكتاب } يعني وكلا الفريقين يقرؤون الكتاب ، وليس في كتابهم هذا الاختلاف فدلت تلاوتهم الكتاب ومخالفتهم لما فيه على كفرهم وكونهم على الباطل . وقيل : إن الإنجيل الذي تدين بصحته النصارى يحقق ما في التوراة من نبوة موسى وما فرض الله فيها على بني إسرائيل من الفرائض ، وإن التوراة التي تدين بصحتها اليهود تحقق نبوة عيسى وما جاء به من عند ربه من الأحكام ثم كلا الفريقين ، قالوا : ما أخبر الله عنهم بقوله : { وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء } مع علم كل واحد من الفريقين ببطلان ما قاله : { كذلك قال الذين لا يعلمون } يعني مشركي العرب قالوا في نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه إنهم ليسوا على شيء { مثل قولهم } يعني مثل قول اليهود للنصارى والنصارى لليهود . وقيل : أمم كانت قبل اليهود والنصارى مثل قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب . قالوا في أنبيائهم : ليسوا على شيء { فالله يحكم } أي يقضي { بينهم يوم القيامة } يعني بين المحق والمبطل { فيما كانوا فيه يختلفون } يعني من أمر الدين .