Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 168-170)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً } نزلت في ثقيف وخزاعة وعامر بن صعصعة وبني مدلج فيما حرموا على أنفسهم من الحرث والأنعام والبحيرة والسائبة والوصيلة والحام . والحلال المباح الذي أحله الشرع وانحلت عقدة الحظر عنه ، وأصله من الحل الذي هو نقيض العقد . والطيب ما يستلذ ، والمسلم لا يستطيب إلاّ الحلال ويعاف الحرام . وقيل : الطيب هو الطاهر لأن النجس تكرهه النفس وتعافه { ولا تتبعوا خطوات الشيطان } أي لا تسلكوا سبيله . وقيل معناه لا تأثموا به ولا تتبعوا آثاره وزلاته ، والمعنى احذروا أن تتعدوا ما أحل الله لكم إلى ما يدعوكم إليه الشيطان . قيل : هي النذور في المعاصي . وقيل : هي المحقرات من الذنوب ثم بين علة هذا التحذير ، بقوله تعالى : { إنه لكم عدو مبين } أي ظاهر العداوة وقد أظهر الله تعالى عداوته بآية السجود لآدم ثم بين عداوته ما هي فقال تعالى : { إنما يأمركم بالسوء } يعني بالإثم . والسوء ما يسوء صاحبه ويخزيه { والفحشاء } يعني بها المعاصي وما قبح من قول أو فعل . قال ابن عباس : السوء ما لا حد فيه ، والفحشاء ما يجب فيه الحد . وقيل الفحشاء الزنا . وقيل هو البخل { وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } يعني من تحريم الحرث والأنعام ويتناول ذلك جميع المذاهب الفاسدة التي لم يأذن فيها الله ولم ترد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . واعلم أن أمر الشيطان ووسوسته عبارة عن هذه الخواطر التي يجدها الإنسان في قبله ، وماهية هذه الخواطر حروف وأصوات منتظمة خفية تشبه الكلام في الخارج ، ثم إن فاعل هذه الخواطر هو الله تعالى وهو المحدث لها في باطن الإنسان ، وإنما الشيطان كالعرض ، والله هو المقدر له على ذلك وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " وإنما أقدر على ذلك لإيصال هذه الخواطر إلى باطن الإنسان . قوله عز وجل : { وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله } هذه قصة مستأنفة والضمير في " لهم " يعود إلى غير مذكور . قال ابن عباس : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود إلى الإسلام . فقال رافع بن خارجة ومالك بن عوف : بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا فهم كانوا خيراً منا وأعلم منا فأنزل الله هذه الآية . وقيل : إن الآية متصلة بما قبلها والضمير في " لهم " يعود إلى قوله : { ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً } [ البقرة : 165 ] وهم مشركو العرب . قالوا : بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا يعني من عبادة الأصنام . وقيل : بل الضمير في " لهم " يعود على قوله : { يا أيها الناس كلوا مما في الأرض } [ البقرة : 168 ] والمعنى وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله يعني في تحليل ما حرموا على أنفسهم { قالوا بل نتبع ما ألفينا } يعني وجدنا { عليه آباءنا } من التحريم والتحليل ، قال الله تعالى : { أو لو كان آباؤهم } يعني الذين يتبعونهم { لا يعقلون شيئاً } يعني لا يعلمون شيئاً من أمر الدين ، لفظه عام ومعناه خاص وذلك أنهم كانوا يعقلون أمر الدنيا { ولا يهتدون } أي إلى الصواب .