Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 76-86)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فسر الدرجات بقوله { جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى } يعني تطهر من الذنوب ، وقيل أعطى زكاة نفسه وقال لا إله إلا الله عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما ترون النجم الطالع في أفق السماء وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما " أخرجه الترمذي . قوله وأنعما يقال أحسن فلان إلى فلان وأنعم يعني أفضل وزاد في الإحسان ، والمعنى أنهما منهم وزادوا تناهياً إلى غايته . قوله تعالى { ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي } يعني أسر بهم ليلاً من أرض مصر { فاضرب لهم طريقاً } يعني اجعل لهم طريقاً { في البحر } بالضرب بالعصا { يبساً } يعني يابساً ليس فيه ماء ولا طين وذلك أن الله تعالى أيبس لهم الطريق في البحر { لا تخاف دركاً ولا تخشى } يعني لا تخاف أن يدركك فرعون من ورائك ولا تخشى أن يغرقك البحر أمامك { فأتبعهم } يعني فلحقهم { فرعون بجنوده فغشيهم } يعني أصابهم { من اليم ما غشيهم } وهو الغرق وقيل علاهم وسترهم من اليم ما لم يعلم كنهه إلا الله تعالى فغرق فرعون وجنوده ونجا موسى وقومه { وأضل فرعون قومه وما هدى } يعني وما أرشدهم وهو تكذيب لفرعون في قوله { وما أهديكم إلا سبيل الرشاد } [ غافر : 29 ] . قوله عز وجل { يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الأيمن ونزلنا عليكم المن والسلوى } ذكرهم الله النعمة في نجاتهم وهلاك عدوهم وفيما وعد موسى من المناجاة بجانب الطور وكتب التوراة في الألواح . وإنما قال وواعدناكم لأنها اتصلت بهم حيث كانت لنبيهم ، ورجعت منافعها إليهم وبها قوام دينهم وشريعتهم وفيها أفاض الله عليهم من سائر نعمه وأرزاقه { كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه } قال ابن عباس لا تظلموا ، وقيل لا تكفروا النعمة فتكونوا طاغين ، وقيل لا تتقووا بنعمتي على المعاصي ، وقيل لا تدخروا { فيجعل عليكم غضبي } يعني يجب عليكم غضبي { ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى } يعني هلك وسقط في النار { وإني لغفار لمن تاب } قال ابن عباس تاب عن الشرك { وآمن } يعني وحد الله وصدق رسوله { وعمل صالحاً } يعني أدى الفرائض { ثم اهتدى } قال ابن عباس علم أن ذلك توفيق من الله تعالى ، وقيل لزم الإسلام حتى مات عليه ، وقيل علم أن لذلك ثواباً ، وقيل أقام على السنة . قوله عز وجل { وما أعجبك } يعني وما حملك على العجلة { عن قومك يا موسى } وذلك أن موسى اختار من قومه سبعين رجلاً يذهبوا معه إلى الطور ليأخذوا التوراة . فسار بهم ثم عدل موسى من بينهم شوقاً إلى ربه ، وخلف السبعين وأمرهم أن يتبعوه إلى الجبل فقال الله له وما أعجلك عن قومك يا موسى ؟ فأجاب ربه فـ { قال هم أولاء على أثري } أي هم بالقرب مني يأتون على أثري من بعدي . فإن قلت لم يطابق السؤال الجواب فإنه سأله عن سبب العجلة فعدل عن الجواب ، فقال هم أولاء بأنه لم يوجد منه إلا تقدم سيره ثم أعقبه بجواب السؤال فقال { وعجلت إليك رب لترضى } أي لتزداد رضاً { قال فإنا قد فتنا قومك } أي فإنا ابتلينا الذين خلفتهم مع هارون وكانوا ستمائة ألف فافتتنوا بالعجل غير اثني عشر ألفاً { من بعدك } أي من بعد انطلاقك إلى الجبل { وأضلهم السامري } أي دعاهم وصرفهم إلى الضلال وهو عبادة العجل ، وإنما أضاف الضلال إلى السامري لأنهم ضلوا بسببه وقيل إن جميع المنشآت تضاف إلى منشئها في الظاهر ، وإن كان الموجد لها في الأصل هو الله تعالى فذلك قوله هنا وأضلهم السامري ، قيل كان السامري من عظماء بني إسرائيل من قبيلة يقال لها السامرة ، وقيل كان من القبط وكان جاراً لموسى وآمن به ، وقيل كان علجاً من علوج كرمان رفع إلى مصر وكان من قوم يعبدون البقر { فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفاً } أي حزيناً جزعاً { قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً } أي صدقاً يعطيكم التوراة { أفطال عليكم العهد } أي مدة مفارقتي إياكم { أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم } أي أردتم أن تفعلوا فعلاً يجب عليكم الغضب من ربكم بسببه { فأخلفتم موعدي } يعني ما وعدوه من الإقامة على دينه إلى أن يرجع .