Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 76, Ayat: 22-28)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إن هذا كان لكم جزاء } أي يقال لأهل الجنة بعد دخولهم فيها ومشاهدتهم نعيمها . إن هذا كان لكم جزاء قد أعده الله لكم إلى هذا الوقت . فهو لكم بأعمالكم ، وقيل هو إخبار من الله تعالى لعباده المؤمنين أنه قد أعده لهم في الآخرة { وكان سعيكم مشكوراً } أي شكرتكم عليه وآتيتكم أفضل منه ، وهو الثواب ، وقيل شكر الله لعباده هو رضاء منهم بالقليل من الطاعة وإعطاؤه إياهم الكثير من الخيرات . قوله عز وجل : { إنا نحن نزلنا عليك } أي يا محمد { القرآن تنزيلاً } قال ابن عباس : متفرقاً آية بعد آية ولم ننزله جملة واحدة ، والمعنى أنزلنا عليك القرآن متفرقاً لحكمة بالغة تقتضي تخصيص كل شيء بوقت معين ، والمقصود من ذلك تثبيت قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرح صدره وإن الذي أنزله إليه وحي منه ليس بكهانة ، ولا سحر لتزول تلك الوحشة التي حصلت له من قول الكفار إنه سحر أو كهانة . { فاصبر لحكم ربك } أي لعبادته فهي من الحكمة المحضة ، وقيل معناه فاصبر لحكم ربك في تأخير الإذن في القتال ، وقيل هو عام في جميع التكاليف ، أي فاصبر لحكم ربك في كل ما حكم الله به سواء كان تكليفاً خاصاً كالعبادات والطاعات أو عاماً متعلقاً بالغير كالتبليغ ، وأداء الرسالة وتحمل المشاق وغير ذلك . { ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً } قيل أراد به أبا جهل ، وذلك أنه لما فرضت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم نهاه أبو جهل عنها ، وقال لئن رأيت محمداً يصلي لأطأن عنقه ، وقيل أراد بالآثم عتبة بن ربيعة ، وبالكفور الوليد بن المغيرة وذلك أنهما قالا للنبي صلى الله عليه وسلم إن كنت صنعت ما صنعت لأجل النساء ، والمال فارجع عن هذا الأمر ، وقال عتبة أنا أزوجك ابنتي وأسوقها إليك بغير مهر ، وقال الوليد أنا أعطيك من المال حتى ترضى فارجع عن هذا الأمر فأنزل الله تعالى هذه الآية . فإن قلت هل من فرق بين الآثم والكفور قلت نعم . الآثم هو المقدم على المعاصي أي معصية كانت ، والكفور هو الجاحد فكل كفور آثم ، ولا ينعكس لأن من عبد غير الله فقد اجتمع في حقه هذان الوصفان لأنه لما عبد غير الله فقد عصاه وجحد نعمه عليه . { واذكر اسم ربك بكرة وأصيلاً } قيل المراد من الذكر الصلاة ، والمعنى وصل لربك بكرة يعني صلاة الصبح وأصيلاً يعني صلاة الظهر والعصر { ومن الليل فاسجد له } يعني صلاة المغرب والعشاء فعلى هذا تكون الآية جامعة لمواقيت الصلاة الخمس { وسبحه ليلاً طويلاً } يعني صلاة التطوع بعد المكتوبة وهو التهجد بالليل ، وقيل المراد من الآية هو الذكر باللسان ، والمقصود أن يكون ذاكراً لله تعالى في جميع الأوقات في الليل والنهار بقلبه وبلسانه . قوله عز وجل : { إن هؤلاء } يعني كفار مكة { يحبون العاجلة } يعني الدار العاجلة ، وهي الدنيا . { ويذرون وراءهم } يعني أمامهم { يوماً ثقيلاً } يعني شديداً وهو يوم القيامة والمعنى أنهم يتركونه فلا يؤمنون به ، ولا يعملون له { نحن خلقناهم وشددنا } أي قوينا وأحكمنا { أسرهم } أي خلقهم وقيل أوصالهم شددنا بعضها إلى بعض بالعروق والأعصاب ، وقيل الأسر مجرى البول والغائط ، وذلك أنه إذا خرج الأذى انقبضا . { وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلاً } أي إذا شئنا أهلكناهم ، وآتينا بأشباههم فجعلناهم بدلاً منهم .