Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 76, Ayat: 17-21)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ويسقون فيها } أي في الجنة { كأساً كان مزاجها زنجبيلاً } قيل إن الزنجبيل هو اسم للعين التي يشرب منها الأبرار يوجد منها طعم الزنجبيل يشرب بها المقربون صرفاً ، ويمزج لسائر أهل الجنة ، وقيل هو النبت المعروف ، والعرب كانوا يجعلون الزنجبيل في شرابهم لأنه يحصل فيه ضرب من اللذع قال الأعشى : @ كأن القرنفل والزنجبيـــ ـــل باتا بفيها وأرياً مشورا @@ الأري العسل والمشور المستخرج من بيوت النحل وقال المسيب بن علس : @ فكأن طعم الزنجبــ ــيل به إذ ذقته سلافة الخمر @@ فلما كان الزنجبيل مستطاباً عند العرب وصف الله تعالى شراب أهل الجنة بذلك ، وقيل إن شرب أهل الجنة على برد الكافور ، وطعم الزنجبيل وريح المسك قال ابن عباس : كل ما ذكر الله تعالى في القرآن مما في الجنة وسماه ليس له مثل في الدنيا ، وذلك لأن زنجبيل الجنة لا يشبه زنجبيل الدنيا { عيناً فيها تسمى سلسبيلاً } أي سلسلة منفادة لهم يصرفونها حيث شاؤوا وقيل حديدة الجرية سميت سلسبيلاً لأنها تسيل عليها في طرقهم ، ومنازلهم تنبع من أصل العرش من جنة عدن إلى سائر الجنان ، وقيل سميت بذلك لأنها في غاية السلاسة تتسلسل في الحلق ومعنى تسمى أي توصف لأن أكثر العلماء على أن سلسبيلا صفة لا اسم { ويطوف عليهم ولدان مخلدون } أي في الخدمة وقيل مخلدون مسرورون ومقرطون { إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً } يعني في بياض اللؤلؤ الرطب وحسنه ، وصفائه ، واللؤلؤ إذا انتثر على البساط كان أصفى منه منظوماً ، وقيل إنما شبهوا بالمنثور لانتثارهم في الخدمة . قوله عز وجل : { وإذا رأيت } قيل الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وقيل لكل واحد ممن يدخل الجنة والمعنى إذا رأيت ببصرك ونظرت به { ثم } يعني إلى الجنة { رأيت نعيماً } أي لا يوصف عظمه { وملكاً كبيراً } قيل هو أن أدناهم منزلة من ينظر في ملكه مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه ، وقيل هو أن رسول رب العزة من الملائكة لا يدخل عليه إلا بإذنه وهو استئذان الملائكة عليهم وقيل معناه ملكاً لا زوال له ولا انتقال { عاليهم } أي فوقهم { ثياب سندس خضر } وهو مارق من الديباج { وإستبرق } وهو ما غلظ منه وكلاهما داخل في اسم الحرير { وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شراباً طهوراً } يعني طاهراً من الأقذار والأردان لم تمسه الأيدي ، ولم تدنسه الأرجل كخمر الدنيا وقيل إنه لا يستحيل بولاً ، ولكنه يستحيل رشحاً في أبدانهم كرشح المسك ، وذلك أنهم يؤتون بالطعام ثم من بعده يؤتون بالشراب الطهور فيشربون منه فتطهر بطونهم ويصير ما أكلوا رشحاً يخرج من جلودهم أطيب من المسك الأذفر ، وتضمر بطونهم وتعود شهواتهم ، وقيل الشراب الطهور هو عين ماء على باب الجنة من شرب منه نزع الله ما كان في قلبه من غل وغش وحسد .