Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 76, Ayat: 6-9)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ عيناً } بدلاً من الكافور وقيل أعني عيناً { يشرب بها } أي يشرب منها { عباد الله } قال ابن عباس أولياء الله { يفجرونها تفجيراً } أي يقودونها إلى حيث شاؤوا من منازلهم وقصورهم تفجيراً سهلاً لا يمتنع عليهم . قوله تعالى : { يوفون بالنذر } لما وصف الله تعالى ثواب الأبرار في الآخرة وصف أعمالهم في الدنيا التي يستوجبون بها هذا الثواب والمعنى كانوا في الدنيا يوفون بالنذر والنذر الإيجاب . والمعنى يوفون بما فرض الله عليهم فيدخل فيه جميع الطاعات من الأيمان والصلاة ، والزكاة والصوم والحج ، والعمرة ، وغير ذلك من الواجبات ، وقيل النذر في عرف الشرع واللغة أن يوجب الرجل على نفسه شيئاً ليس بواجب عليه ، وذلك بأن يقول : لله عليَّ كذا وكذا من صدقة أو صلاة أو صوم أو حج أو عمرة يعلق ذلك بأمر يلتمسه من الله . وذلك بأن يقول إن شفى الله مريضي أو قدم غائبي كان لله عليَّ كذا ، ولو نذر في معصية لا يجب الوفاء به خ عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من نذر أن يطيع الله فليف بنذره ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يف به " وفي رواية " فليطعه ولا يعصه " وعنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا نذر في معصية الله وكفارته كفارة يمين " أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي ق عن ابن عباس قال : " استفتى سعد بن عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه فأمره أن يقضيه عنها " أخرجه الجماعة . وفي الآية دليل على وجوب الوفاء بالنذر ، وهذا مبالغة في وصفهم بأداء الواجبات لأن من وفى بما أوجبه على نفسه كان لما أوجبه الله عليه أوفى . { ويخافون يوماً كان شره مستطيراً } أي منتشراً فاشياً ممتداً ، وقيل استطار خوفه في أهل السموات والأرض ، وفي أولياء الله وأعدائه ، وقيل فشا سره في السموات . فانشقت وتناثرت الكواكب وفزعت الملائكة وكورت الشمس ، والقمر ، وفي الأرض فتشققت الجبال وغارت المياه وكسر كل شيء على الأرض من جبل وبناء ، والمعنى أنهم يوفون بالنذر وهم خائفون من شر ذلك اليوم وهوله وشدته . قوله عز وجل : { ويطعمون الطعام على حبه } أي حب الطعام وقلته وشهوتهم له والحاجة إليه فوصفهم الله تعالى : بأنهم يؤثرون غيرهم على أنفسهم بالطعام ، ويواسون به أهل الحاجة ، وذلك لأن أشرف أنواع الإحسان والبر إطعام الطعام . لأن به قوام الأبدان ، وقيل على حب الله عز وجل أي لحب الله { مسكيناً } يعني فقيراً وهو الذي لا مال له ولا يقدر على الكسب { ويتيماً } أي صغيراً وهو الذي لا أب له يكتسب له ، وينفق عليه { وأسيراً } قيل هو المسجون من أهل القبلة يعني من المسلمين ، وقيل هو الأسير من أهل الشرك . أمر الله بالأسرى أن يحسن إليهم وإن أسراهم يومئذ أهل الشرك . فعلى هذا الوجه يجوز إطعام الأسرى ، وإن كانوا على غير ديننا ، وأنه يرجى ثوابه ، ولا يجوز أن يعطوا من الصدقة الواجبة كالزكاة والكفارة ، وقيل الأسير المملوك ، وقيل الأسير المرأة لقول النبي صلى الله عليه وسلم " اتقوا الله في النساء فإنهن عندكم عوان " يعني أسرى ، وقيل غريمك أسيرك فأحسن إلى أسيرك . واختلفوا في سبب نزول الآية ، فقيل نزلت في رجل من الأنصار يقال له أبو الدحداح صام يوماً فلما كان وقت الإفطار جاءه مسكين ، ويتيم ، وأسير فأطعمهم ثلاثة أرغفة ، وبقي له ولأهله رغيف واحد . فنزلت هذه الآية فيه ، وروي عن ابن عباس أنها نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وذلك أنه عمل ليهودي بشيء من شعير فقبض ذلك الشعير فطحن منه ثلثه ، وأصلحوا منه شيئاً يأكلونه فلما فرغ أتى مسكين فسأل فأعطوه ذلك ثم عمل الثلث الثاني فلما فرغ أتى يتيم فسأل فأعطوه ذلك ، ثم عمل الثلث الباقي فلما تم نضجه أتى أسير من المشركين فسأل فأعطوه ذلك وطووا يومهم وليلتهم فنزلت هذه الآية . وقيل هذه عامة في كل من أطعم المسكين واليتيم والأسير لله تعالى وآثر على نفسه { إنما نطعمكم لوجه الله } أي لأجل وجه الله تعالى : { لا نريد منك جزاء ولا شكوراً } قيل إنهم لم يتكلموا به ولكن علم الله ذلك من قلوبهم . فأثنى به عليهم ، وقيل قالوا ذلك منعاً للمحتاجين من المكافأة ، وقيل قالوا ذلك ليقتدي بهم غيرهم في ذلك وذلك أن الإحسان إلى الغير تارة يكون لأجل الله تعالى لا يراد به غيره . فهذا هو الإخلاص ، وتارة يكون لطلب المكافأة أو لطلب الحمد من الناس أو لهما ، وهذان القسمان مردودان لا يقبلهما الله تعالى لأن فيهما شركاً ، ورياء فنفوا ذلك عنهم بقولهم إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً .