Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 77, Ayat: 33-48)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كأنه } يعني الشرر { جمالات } جمع الجمال ، وقال ابن عباس : هي حبال السفن يجمع بعضها إلى بعض حتى تكون كأوساط الجمال { صفر } جمع أصفر يعني أن لون ذلك الشرر أصفر وأنشد بعضهم : @ دعتهم بأعلى صوتها ورمتهم بمثل الجمال الصفر نزاعة الشوى @@ وقيل الصفر هنا معناه الأسود لأنه جاء في الحديث أن شرر نار جهنم أسود كالقير ، والعرب تسمى سود الإبل صفراً لأنه يشوب سوادها شيء من الصفرة ، وقيل هي قطع النحاس ، والمعنى أن هذا الشرر يرتفع كأنه شيء مجموع غليظ أصفر . { ويل يومئذ للمكذبين } قوله عز وجل : { هذا يوم لا ينطقون } يعني بحجة تنفعهم قيل هذا في بعض مواطن القيامة ومواقفها ، وذلك لأن في بعضها يتكلمون وفي بعضها يختصمون ، وفي بعضها يختم على أفواههم فلا ينطقون { ولا يؤذن لهم فيعتذرون } عطف على يؤذن واختير ذلك لأن رؤوس الآي بالنون فلو قال فيتعذروا لم يوافق الآيات ، والعرب تستحب وفاق الفواصل كما تستحب وفاق القوافي ، والقرآن نزل على ما تستحب العرب من موافقة المقاطع ، والمعنى لا يكون إذن واعتذار قال الجنيدي : أي عذر لمن أعرض عن منعمه وكفر بأياديه ونعمه . فإن قلت قد توهم أن لهم عذراً ، ولكن قد منعوا من ذكره . قلت ليس لهم عذر في الحقيقة لأنه قد تقدم الإعذار والإنذار في الدّنيا فلم يبق لهم عذر في الآخرة ، ولكن ربما تخيلوا خيالاً فاسداً أن لهم عذراً فلم يؤذن لهم في ذلك العذر الفاسد { ويل يومئذ للمكذبين } يعني أنه لما تبين إنه لا عذر لهم ، ولا حجة فيما أتوا به من الأعمال السيئة ، ولا قدرة لهم على دفع العذاب عنهم لا جرم قال في حقهم { ويل يومئذ للمكذبين هذا يوم الفصل } يعني بين أهل الجنة وأهل النار ، وقيل هو الفصل بين العباد في الحقوق والمحاكمات { جمعناكم والأولين } يعني مكذبي هذه الأمة والذين كذبوا أنبياءهم من الأمم الماضية . { فإن كان لكم كيد فكيدون } أي إن كانت لكم حيلة تحتالون بها لأنفسكم فاحتالوا وهم يعلمون أن الحيل يومئذ منقطعة لا تنفع وهذا في نهاية التوبيخ والتقريع فلهذا عقبة بقوله { ويل يومئذ للمكذبين } قوله عز وجل { إن المتقين } أي الذين اتقوا الشرك { في ظلال } جمع ظل وهو ظل الأشجار { وعيون } أي في ظلهم عيون ماء { وفواكه مما يشتهون } أي يتلذذون بها { كلوا واشربوا } أي ويقال لهم كلوا واشربوا ، وهذا القول يحتمل أن يكون من جهة الله تعالى بلا واسطة ، وما أعظمها من نعمة أو يكون من جهة الملائكة على سبيل الإكرام { هنيئاً } أي خالص اللّذة لا يشوبه تنغيص { بما كنتم تعملون } أي في الدنيا من الطاعات { إنا كذلك نجزي المحسنين } قيل المقصود منه تذكير الكفار ما فاتهم من النعم العظيمة ، ليعلموا أنهم لو كانوا من المتقين المحسنين لفازوا بمثل ذلك الخير العظيم . فلما لم يفعلوا ذلك وقعوا في قوله . { ويل يومئذ للمكذبين } قوله عز وجل : { كلوا وتمتعوا قليلاً } يقول الكفار مكة كلوا وتمتعوا قليلاً في الدنيا إلى منتهى آجالكم ، وهذا وإن كان ظاهر اللفظ أمراً إلا أنه في المعنى نهي بليغ وزجر عظيم { إنكم مجرمون } أي مشركون بالله مستحقون للعقاب لا جرم أتبعه بقوله { ويل يومئذ للمكذبين وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون } أي وإذا قيل لهم صلوا مع محمد وأصحابه لا يصلون فعبر عن الصلاة بلفظ الركوع لأنه ركن من أركانها وقال ابن عباس : إنما يقال لهم هذا يوم القيامة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون .