Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 77, Ayat: 5-23)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الوجه الرابع : أنه ليس المراد من هذه الكلمات الخمس شيئاً واحداً بعينه فعلى هذا يكون المراد بقوله تعالى : { والمرسلات عرفاً فالعاصفات عصفاً والناشرات نشراً } [ المرسلات : 1 - 3 ] الرياح ويكون المراد بقوله { فالفارقات فرقاً فالملقيات ذكراً } الملائكة . فإن قلت وما المجانسة بين الرياح والملائكة حتى جمع بينهما في القسم قلت الملائكة روحانيون فهم بسبب لطافتهم ، وسرعة حركاتهم شابهوا الرياح فحصلت المجانسة بينهما من هذا الوجه فحسن الجمع بينهما في القسم عذراً أو نذراً أي للإعذار والإنذار من الله ، وقيل عذراً من الله ونذراً منه إلى خلقه ، وهذه كلها أقسام وجواب القسم قوله تعالى : { إن ما توعدون } أي من أمر الساعة ومجيئها { لواقع } أي لكائن نازل لا محالة ، وقيل معناه إن ما توعدون به من الخير والشر لواقع بكم . ثم ذكر متى يقع فقال تعالى : { فإذا النجوم طمست } أي محي نورها وقيل محقت { وإذا السماء فرجت } أي شقت وقيل فتحت { وإذا الجبال نسفت } أي قلعت من أماكنها { وإذا الرسل أقتت } وقرىء وقتت بالواو ومعناهما وأحد أي جمعت لميقات يوم معلوم ، وهو يوم القيامة ليشهدوا على الأمم { لأي يوم أجلت } أي أخرت وضرب الأجل لجميعهم كأنه تعالى يعجب لعباده من تعظميم ذلك اليوم ، والمعنى جمعت الرسل في ذلك اليوم لتعذيب من كذبهم وتعظيم من آمن بهم ، ثم بين ذلك اليوم فقال تعالى : { ليوم الفصل } قال ابن عباس يوم فصل الرحمن فيه بين الخلائق ثم أتبع ذلك تعظيماً وتهويلاً فقال تعالى : { وما أدراك ما يوم الفصل } أي وما أعلمك بيوم الفصل وهو له وشدته { ويل يومئذ للمكذبين } أي بالتوحيد والنبوة والمعاد والبعث والحساب . قوله تعالى : { ألم نهلك الأولين } يعني الأمم الماضية بالعذاب في الدنيا حين كذبوا رسلهم { ثم نتبعهم الآخرين } يعني السالكين سبيلهم في الكفر والتكذيب ، وهم كفار قريش ، أي نهلكهم بتكذيبهم محمداً صلى الله عليه وسلم { كذلك نفعل بالمجرمين } أي إنما نفعل بهم ذلك لكونهم مجرمين { ويل يومئذ للمكذبين ألم نخلقكم من ماء مهين } يعني النطفة { فجعلناه في قرار مكين } يعني الرحم { إلى قدر معلوم } يعني وقت الولادة وهو معلوم لله تعالى لا يعلم ذلك غيره { فقدرنا } قرىء بالتشديد من التقدير ، أي قدرنا ذلك تقديراً { فنعم القادرون } أي المقدرون له وقرىء بالتخفيف من القدرة ، أي قدرنا على خلقه ، وتصويره كيف شئنا فنعم القادرون حيث خلقناه في أحسن صورة وهيئة .