Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 79, Ayat: 28-44)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ رفع سمكها } يعني علو سمتها ، وقيل رفعها بغير عمد { فسواها } أي أتقن بناءها ، فليس فيها شقوق ، ولا فطور ، { وأغطش } أي أظلم { ليلها } والغطش الظلمة { وأخرج } أي وأظهر وأبرز { ضحاها } أي نهارها ، وإنما عبر عن النهار بالضحى لأنه أكمل أجزاء النهار في النور ، والضوء ، وإنما أضاف الليل والنهار إلى السماء لأنهما يجريان بسبب غروب الشمس وطلوعها ، وهي في السماء ثم وصف كيفية خلق الأرض . فقال تعالى : { والأرض بعد ذلك دحاها } أي بسطها ومدها قال أمية بن أبي الصلت : @ دحوت البلاد فسويتها وأنت على طيها قادر @@ فإن قلت ظاهر هذه الآية ، يقتضي أن الأرض خلقت بعد السّماء بدليل قوله تعالى { بعد ذلك } وقد قال تعالى : في حم السّجدة { ثم استوى إلى السماء } فكيف الجمع بين الآيتين وما معناهما . قلت خلق الله الأرض أولاً مجتمعة ، ثم سمك السماء ثانياً ، ثم دحا الأرض بمعنى مدها وبسطها . ثالثاً ، فحصل بهذا التفسير الجمع بين الآيتين ، وزال الإشكال قال ابن عباس : خلق الله الأرض بأقواتها ، من غير أن يدحوها قبل السماء ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات ، ثم دحا الأرض بعد ذلك ، وقيل معناه والأرض مع ذلك دحاها كقوله { عتل بعد ذلك زنيم } [ القلم : 13 ] أي مع ذلك { أخرج منها ماءها ومرعاها } أي فجر من الأرض عيونها ، ومرعاها أي رعيها ، وهي ما يأكله النّاس ، والأنعام واستعير الرعي للإنسان على سبيل التّجوز . { والجبال أرساها } أي أثبتها { متاعاً لكم ولأنعامكم } أي الذي أخرج من الأرض هو بلغة لكم ولأنعامكم . قوله عز وجل : { فإذا جاءت الطّامة الكبرى } يعني النّفخة الثانية ، التي فيها البعث ، وقيل الطامة القيامة سميت بذلك لأنها تطم على كل شيء فتعلو عليه ، والطامة عند العرب الداهية التي لا تستطاع . { يوم يتذكر الإنسان ما سعى } أي ما عمل في الدنيا من خير ، أو شر . { وبرزت الجحيم لمن يرى } يعني أنه ينكشف عنها الغطاء فينظر إليها الخلق { فأما من طغى } أي كفر { وآثر الحياة الدّنيا } أي على الآخرة { فإن الجحيم هي المأوى } أي لمن هذه صفته { وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى } أي المحارم التي يشتهيها وقيل هو الرجل يهم بالمعصية ، فيذكر مقامه بين يديه جلّ جلاله للحساب فيتركها لذلك { فإن الجنة هي المأوى } أي لمن هذه صفته . قوله عز وجل : { يسألونك } أي يا محمد { عن الساعة أيّان مرساها } أي متى ظهورها وقيامها { فيم أنت من ذكراها } أي لست في شيء من علمها وذكراها حتى تهتم لها وتذكر وقتها { إلى ربك منتهاها } أي منتهى علمها لا يعلم متى تقوم الساعة إلا هو ، وقيل معناه فيم إنكار لسؤالهم ، أي فيم هذا السّؤال ، ثم قال أنت يا محمد من ذكراها ، أي من علامتها ، لأنك آخر الرّسل ، وخاتم الأنبياء ، فكفاهم ذلك دليلاً على دنوها ، ووجوب الاستعداد لها .