Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 83, Ayat: 15-20)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كلا } قال ابن عباس يريد لا يصدقون وقيل معناه ليس الأمر كما يقولون إن لهم في الاخرة خيراً ثم استأنف فقال تعالى : { إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون } قيل عن كرامته ورحمته ممنوعون ، وقيل إن الله لا ينظر إليهم ولا يزكيهم وهذا التّفسير فيه ضعف أما حمله على منع الكرامة والرّحمة فهو عدول عن الظّاهر بغير دليل ، وكذا الوجه الثاني فإن من حجب عن الله فإن الله لا ينظر إليه نظر رحمة ، ولا يزكيه والذي ذهب إليه أكثر المفسرين أنهم محجوبون عن رؤية الله ، وهذا هو الصّحيح واحتج بهذه الآية من أثبت الرّؤية للمؤمنين قالوا : لولا ذلك لم يكن للتّخصيص فائدة ، ووجه آخر وهو أنه تعالى ذكر الحجاب في معرض الوعيد والتّهديد للكفار ، وما يكون وعيداً وتهديداً للكفار لا يجوز حصوله في حق المؤمنين ، فوجب أن لا يحصل هذا الحجاب في حق المؤمنين قال الحسن : لو علم الزّاهدون والعابدون أنهم لا يرون ربهم في المعاد لزهقت أنفسهم في الدّنيا . وقيل كما حجبهم في الدّنيا عن توحيده حجبهم في الآخرة عن رؤيته وسئل مالك عن هذه الآية ، فقال : لما حجب الله أعداءه فلم يروه تجلى لأوليائه حتى رأوه ، وقال الشافعي في قوله { كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون } دلالة على أن أولياء الله يرون الله جلّ جلاله وعنه كما حجب قوماً بالسّخط دل على أن قوماً يرونه بالرضا ، ثم أخبر أن الكفار مع كونهم محجوبون عن الله يدخلون النّار . فقال عز من قائل { ثم إنهم لصالوا الجحيم } أي لداخلو النّار { ثم يقال } أي تقول لهم الخزنة { هذا } أي هذا العذاب { الذي كنتم به تكذبون } يعني في الدنيا { كلا } أي ليس الأمر كما يتوهمه الفجار من إنكار البعث ، وقيل كلا أي لا يؤمنون بالعذاب الذي يصلونه ، ثم بين محل كتاب الأبرار فقال تعالى : { إن كتاب الأبرار لفي عليين } جمع علي من العلو ، وقيل هو موضوع على صفة الجمع لا واحد له من لفظه وتقدم من حديث البراء المرفوع إن عليين في السّماء السابعة تحت العرش وقال ابن عباس : هو لوح من زبرجدة خضراء معلق تحت العرش أعمالهم مكتوبة فيه ، وقيل هو قائمة العرش اليمنى وقال ابن عباس في رواية عنه هي الجنة ، وقيل هي سدرة المنتهى ، وقيل معناه علو بعد علو وشرف بعد شرف ، وقيل هي مراتب عالية محفوفة بالجلالة وقد عظّمها الله وأعلاها . { وما أدراك ما عليون } تنبيهاً له على عظم شأنه { كتاب مرقوم } ليس تفسير العليين ، والمعنى أن كتاب الأبرار كتاب مرقوم في عليين فيه ما أعد لهم في الآخرة من الكرامة ، وقيل مكتوب فيه أعمالهم وعليون محل الملائكة وضده سجين ، وهو محل إبليس وجنوده .