Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 86, Ayat: 4-9)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إن كل نفس لما عليها حافظ } ، يعني أن كل نفس عليها حافظ من ربها يحفظ عملها ويحصي عليها ما تكسب من خير أو شر ، قال ابن عباس : هم الحفظة من الملائكة ، وقيل حافظ من الله تعالى يحفظها ، ويحفظ قولها ، وفعلها ، حتى يدفعها ويسلمها إلى المقادير ، ثم يحل عنها ، وقيل يحفظها من المهالك والمعاطب إلا ما قدر لها . قوله عزّ وجلّ : { فلينظر الإنسان } يعني نظر تفكر واعتبار { مم خلق } أي من أيّ شيءٍ خلقه ربه ، ثم بيّن ذلك فقال تعالى : { خلق من ماء } يعني من مني { دافق } ، أي مدفوق مصبوب في الرحم ، وأراد به ماء الرجل ، وماء المرأة ، لأن الولد مخلوق منهما وإنما جعله واحداً لامتزاجهما { يخرج } يعني ذلك الماء وهو المني ، { من بين الصلب والترائب } يعني صلب الرجل ، وترائب المرأة ، وهي عظام الصدر والنحر . قال ابن عباس : هي موضع القلادة من الصدر ، وعنه أنها بين ثديي المرأة ، قيل إن المني ، يخرج من جميع أعضاء الإنسان ، وأكثر ما يخرج من الدماغ ، فينصب في عرق في ظهر الرجل ، وينزل في عروق كثيرة من مقدم بدن المرأة ، وهي الترائب ، فلهذا السبب خصَّ الله تعالى ، هذين العضوين بالذكر { إنه على رجعه لقادر } يعني إن الله تعالى قادر على أن يرد النطفة في الإحليل ، وقيل قادر على رد الماء في الصلب الذي خرج منه ، وقيل قادر على رد الإنسان ماء كما كان من قبل ، وقيل معناه إن شئت رددته من الكبر إلى الشباب ، ومن الشباب إلى الصبا ومن الصبا ، إلى النطفة وقيل إنَّه على حبس ذلك الماء حتى لا يخرج لقادر ، وقيل معناه إن الذي قدر على خلق الإنسان ابتداء قادر على إعادته حياً بعد موته ، وهو أهون عليه ، وهذا القول هو الأصح ، والأولى بمعنى الآية لقوله تعالى بعده { يوم تبلى السرائر } وذلك يوم القيامة . قيل معناه تظهر الخبايا . وقيل معنى تبلى تختبر ، وقيل السرائر هي فرائض الأعمال كالصوم ، والصلاة ، والوضوء ، والغسل من الجنابة ، فكل هذه سرائر بين العبد وبين ربّه عزّ وجلّ وذلك لأن العبد قد يقول صليت ولم يصلِّ ، وصمت ولم يصم ، واغتسلت ولم يغتسل ، فإذا كان يوم القيامة يختبر حتى يظهر من أداها ومن ضيعها . قال عبد الله بن عمر : يبدي الله تعالى يوم القيامة كل سر ، فيكون زيناً في وجوه وشيناً في وجوه ، يعني من أدى الفرائض كما أمر كان وجهه مشرقاً ، مستنيراً يوم القيامة ، ومن ضيعها أو انتقص منها كان وجهه أغبر .