Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 89, Ayat: 16-21)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وأما إذا ما ابتلاه } يعني بالفقر { فقدر عليه } أي فضيق عليه ، وقيل قتر . { رزقه } أي وقد أعطاه ما يكفيه . { فيقول ربي أهانن } أي أذلني بالفقر ، قيل نزلت في أمية بن خلف الجمحي الكافر ، وقيل ليس المراد به واحداً بعينه ، بل المراد جنس الكافر ، وهو الذي تكون الكرامة والهوان عنده بكثرة المال والحظ في الدنيا وقلته فرد الله تعالى على من ظن أن سعة الرزق إكرام وأن الفقر إهانة فقال تعالى : { كلا } أي ليس الأمر كذلك ، أي لم أبتله بالغنى لكرامته ، ولم أبتله بالفقر لهوانه ، فأخبر أن الإكرام والإهانة لا يدوران على المال ، وسعة الرزق وقلته ، ولكن الغنى والفقر بتقدير الله جلّ جلاله وحكمته فقد يوسع على الكافر لا لكرامته ، ويضيق على المؤمن لا لهوانه ، لكن لأمر اقتضته حكمة الله تعالى ، وإنما يكرم المرء بطاعته ، ويهينه بمعصيته ، وقد يوسع على الإنسان من أصناف المال ليختبره ، أيشكر أم يكفر ، ويضيق عليه ليختبره ، أيصبر أم يضجر ، ويقلق . { بل لا تكرمون اليتيم } أي لا يعطونه حقه الثابت له في الميراث قال مقاتل : كان قدامة بن مظعون يتيماً في حجر أمية بن خلف ، فكان يدفعه عن حقه . { ولا تحضون على طعام المسكين } أي لا يطعمون مسكيناً ، ولا يأمرون بإطعامه ، وقرىء ولا يحاضون ومعناه ، ولا يحض بعضهم بعضاً على ذلك . { وتأكلون التراث } أي الميراث { أكلاً لمّاً } أي شديداً ، والمعنى أنه يأكل نصيبه ونصيب غيره ، وذلك أنهم كانوا في الجاهلية لا يورثون النساء ، ولا الصبيان ، ويأكلون نصيبهم ، وقيل الآكل اللم الذي يأكل كل شيء يجده لا يسأل أحلال أم حرام ، فيأكل الذي له ولغيره . { وتحبون المال حباً جمّاً } أي كثيراً والمعنى يحبون جمع المال ، ويولعون به ، وبحبه . { كلا } أي لا ينبغي أن يكون الأمر هكذا ، من الحرص على جمع المال وحبه . وقيل معناه لا يفعلون ما أمروا به من إكرام اليتيم وغيره من المسلمين ، ثم أخبر عن تلهّفهم على ما سلف منهم ، وذلك حين لا ينفعهم الندم . فقال تعالى : { إذا دكت الأرض دكاً دكاً } أي دقت وكسرت مرة بعد مرة ، وكسر كل شيء عليها من جبل وبناء وغيره ، حتى لا يبقى على ظهرها شيء .