Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 89, Ayat: 22-28)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وجاء ربك } اعلم أن هذه الآية من آيات الصفات التي سكت عنها وعن مثلها عامة السلف وبعض الخلف ، فلم يتكلموا فيها وأجروها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تأويل ، وقالوا يلزمنا الإيمان بها وأجراؤها على ظاهرها ، وتأولها بعض المتأخرين ، وغالب المتكلمين فقالوا ثبت بالدليل العقلي ، أن الحركة على الله محال ، فلا بد من تأويل الآية . فقيل في تأويلها وجاء أمر ربك بالمحاسبة والجزاء . وقيل جاء أمر ربك وقضاؤه . وقيل وجاء دلائل آيات ربك فجعل مجيئها مجيئاً له تفخيماً لتلك الآيات . { والملك صفاً صفاً } أي تنزل ملائكة كل سماء صفاً صفاً على حدة ، فيصطفون صفاً بعد صف ، محدقين بالجن والإنس ، فيكونون سبع صفوف . { وجيء يومئذ } يعني يوم القيامة { بجهنم } قال ابن مسعود : في هذه الآية تقاد جهنم بسبعين ألف زمام ، كل زمام بيد سبعين ألف ملك ، لها تغيط وزفير حتى تنصب عن يسار العرش { يومئذ } يعني يوم يجاء بجهنم { يتذكر الإنسان } أي يتعظ الكافر ويتوب . { وأنى له الذكرى } يعني أنه يظهر التوبة ، ومن أين له التوبة . { يقول يا ليتني قدمت لحياتي } أي قدمت الخير ، والعمل الصالح لحياتي في الآخرة التي لا موت فيها . { فيومئذ لا يعذب عذابه أحد } أي لا يعذب أحد في الدنيا كعذاب الله الكافر يومئذ . { ولا يوثق وثاقه أحد } يعني لا يبلغ أحد من الخلق كبلاغ الله في العذاب ، والوثاق هو الأسر في السلاسل ، والأغلال ، وقرىء لا يعذب ، ولا يوثق بفتح الذال والثاء ، ومعناه لا يعذب عذاب هذا الكافر أحد ، ولا يوثق وثاقه أحد ، وهو أمية بن خلف ، وذلك لشدة كفره وعتوه . قوله عزّ وجلّ : { يا أيتها النفس المطمئنة } أي الثابتة على الإيمان ، والإيقان ، المصدقة بما قال الله تعالى ، الموقنة التي قد أيقنت بالله تعالى ، وبأن الله ربها ، وخضعت لأمره ، وطاعته ، وقيل المطمئنة المؤمنة ، الموقنة ، وقيل هي الراضية بقضاء الله ، وقيل هي الآمنة من عذاب الله ، وقيل هي المطمئنة بذكر الله قيل نزلت في حمزة بن عبد المطلب حين استشهد بأُحُد ، وقيل في حبيب بن عدي الأنصاري ، وقيل في عثمان حين اشترى بئر رومة وسبلها وقيل في أبي بكر الصديق والأصح أن الآية عامة في كل نفس مؤمنة مطمئنة ، لأن هذه السورة مكية { ارجعي إلى ربك } أي إلى ما وعد ربك من الجزاء والثواب ، قيل يقال لها ذلك عند خروجها من الدنيا . قال عبد الله بن عمر : إذا توفي العبد المؤمن أرسل الله عزّ وجلّ إليه ملكين ، وأرسل إليه بتحفة من الجنة ، فيقال اخرجي أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى روح وريحان ، وربك عنك راض ، فتخرج كأطيب ريح مسك وجده أحد في أنفه ، والملائكة على أرجاء السماء يقولون قد جاء من الأرض روح طيبة ونسمة طيبة فلا تمر بباب إلا فتح لها ، ولا بملك ، إلا صلى عليها حتى يؤتى بها الرحمن جل جلاله ، فتسجد له ثم يقال لميكائيل اذهب بهذه النفس فاجعلها مع أنفس المؤمنين ، ثم يؤمر فيوسع عليه قبره سبعون ذراعاً عرضه ، وسبعون ذراعاً ، طوله وينبذ له فيه الروح والريحان ، فإن كان معه شيء من القرآن كفاه نوره ، وإن لم يكن جعل له نور مثل الشمس في قبره ، ويكن مثله مثل العروس ينام فلا يوقظه إلا أحب أهله إليه ، وإذا توفي الكافر أرسل الله إليه ملكين ، وأرسل قطعة من بجاد أي من كساء أنتن من كل نتن ، وأخشن من كل خشن ، فيقال أيتها النفس الخبيثة ، اخرجي إلى جهنم وعذاب أليم ، وربك عليك غضبان وقيل في معنى قوله { ارجعي إلى ربك } أي إلى صاحبك وهو الجسد ، وإنما يقال لا ذلك عند البعث فيأمر الله الأرواح أن ترجع إلى أجسادها ، وهو قول عكرمة وعطاء والضحاك ورواية عن ابن عباس . وقيل ارجعي إلى ثواب ربك وكرامته { راضية } أي عن الله بما أعد لك { مرضية } أي رضي الله عنها ، وقيل لها في الدنيا ارجعي إلى ربك راضية مرضية ، فإذا كان يوم القيامة قيل لها { فادخلي في عبادي } .