Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 96, Ayat: 11-19)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى } نزلت في أبي جهل وذلك أنه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصّلاة م عن أبي هريرة قال : قال أبو جهل هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم ، فقيل نعم فقال واللاّت والعزّى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته ، ولأعفرن وجهه في التراب قال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليطأ على رقبته قال فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه ، فقيل له ما لك قال إن بيني وبينه خندقاً من نار وهولاً وأجنحة فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً " فأنزل الله هذه الآية ، لا أدري في حديث أبي هريرة أو شيء بلغه كلا إن الإنسان ليطغى إلى قوله كلا لا تطعه قال : وأمره بما أمره به زاد في رواية ، فليدع ناديه يعني قومه خ عن ابن عباس قال " قال أبو جهل لئن رأيت محمداً يصلي عند البيت لأطأن على عنقه . فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " لو فعله لأخذته الملائكة " " زاد التّرمذي عياناً ومعنى أرأيت تعجباً للمخاطب وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم وفائدة التنكير في قوله عبداً تدل على أنه كامل العبودية ، والمعنى أرأيت الذي ينهى أشد الخلق عبودية عن العبودية ، وهذا دأبه وعادته ، وقيل إن هذا الوعيد يلزم لكل من ينهى عن الصلاة عن طاعة الله تعالى ، ولا يلزم منه عدم جواز المنع من الصّلاة في الدّار المغصوبة ، وفي الأوقات المكروهة لأنه قد ورد النهي عن ذلك في الأحاديث الصّحيحة ، ولا يلزم من ذلك أيضاً عدم جواز منع المولى عبده ، والرجل زوجته عن قيام الليل ، وصوم التّطوع والاعتكاف لأن ذلك استيفاء مصلحة إلا أن يأذن فيه المولى أو الزوج { أرأيت إن كان على الهدى } يعني العبد المنهي وهو النبي صلى الله عليه وسلم { أو أمر بالتقوى } يعني في الإخلاص والوحيد { أرأيت إن كذب } يعني أبا جهل { وتولى } أي عن الإيمان وتقدير نظم الآية أرأيت الذي ينهي عبداً إذا صلى وهو على الهدى آمر بالتّقوى والنّاهي مكذب متول عن الإيمان أي أعجب من هذا { ألم يعلم } يعني أبا جهل { بأن الله يرى } يعني يرى ذلك الفعل فيجازيه به ، وفيه وعيد شديد وتهديد عظيم { كلا } أي لا يعلم ذلك أبو جهل { لئن لم ينته } يعني عن إيذاء محمد صلى الله عليه وسلم وعن تكذيبه { لنسفعاً بالناصية } أي لنأخذن بناصيته فلنجرنه إلى النّار ، يقال سفعت بالشيء إذا أخذته وجذبته جذباً شديداً والناصية شعر مقدم الرأس والسفع الضرب أي لنضربن وجهه في النار ، ولنسودن وجهه ولنذلنه ثم قال على البدل { ناصية كاذبة خاطئة } أي صاحبها كاذب خاطىء . قال ابن عباس : لما نهى أبو جهل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة انتهره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو جهل : أتنتهرني فوالله لأملأن عليك هذا الوادي إن شئت خيلاً جرداً ، ورجالاً مرداً وعن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فجاءه أبو جهل فقال : ألم أنهك عن هذا ؟ فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم فزبره فقال أبو جهل إنك لتعلم ما بها ناد أكثر مني فأنزل الله تعالى { فليدع ناديه سندع الزبانية } قال ابن عباس : والله لو دعا ناديه لأخذته زبانية الله أخرجه التّرمذي ، وقال حديث حسن غريب صحيح ، ومعنى فليدع ناديه أي عشيرته وقومه فلينتصر بهم ، وأصل النادي المجلس الذي يجمع الناس ، ولا يسمى نادياً ما لم يكن فيه أهله { سندع الزبانية } يعني الملائكة الغلاظ الشداد قال ابن عباس : يريد زبانية جهنم سموا بذلك لأنهم يدفعون أهل النّار إليها بشدة مأخوذ من الزّبن وهو الدفع { كلا } أي ليس الأمر على ما هو عليه أبو جهل { لا تطعه } أي في ترك الصّلاة { واسجد } يعني صل لله { واقترب } أي من الله م عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء " وهذه السّجدة من عزائم سجود التلاوة عند الشّافعي فيسن للقارىء ، والمستمع أن يسجد عند قراءتها يدل عليه ما روي " عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال " سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في اقرأ باسم ربك وإذا السماء انشقت " " أخرجه مسلم والله سبحانه وتعالى أعلم .