Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 96, Ayat: 2-10)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ خلق الإنسان } يعني آدم وإنما خص الإنسان بالذكر من بين سائر المخلوقات لأنه أشرفها ، وأحسنها خلقه { من علق } جمع علقة ولما كان الإنسان اسم جنس في معنى الجمع جمع العلق ولمشاكله رؤوس الآي أيضاً { اقرأ } كرره تأكيداً وقيل الأول اقرأ في نفسك ، والثاني اقرأ للتبليغ وتعليم أمتك ثم استأنف . فقال تعالى : { وربك الأكرم } يعني الذي لا يوازيه كريم ولا يعادله في الكرم نظير وقد يكون الأكرم بمعنى الكريم كما جاء الأعز بمعنى العزيز ، وغاية الكريم إعطاؤه الشيء من غير طلب العوض ، فمن طلب العوض فليس بكريم ، وليس المراد أن يكون العوض عيناً بل المدح والثّواب عوض والله سبحانه وجلَّ جلاله وتعالى علاؤه وشأنه يتعالى عن طلب العوض ويستحيل ذلك في وصفه لأنه أكرم الأكرمين ، وقيل الأكرم هو الذي له الابتداء في كل كرم وإحسان وقيل هو الحليم عن جهل العباد فلا يعجل عليهم بالعقوبة ، وقيل يحتمل أن يكون هذا حثاً على القراءة ، والمعنى اقرأ وربك الأكرم لأنه يجزي بكل حرف عشر حسنات { الذي علم بالقلم } أي الخط والكتابة التي بها تعرف الأمور الغائبة وفيه تنبيه على فضل الكتابة لما فيها من المنافع العظيمة لأن بالكتابة ضبطت العلوم ، ودونت الحكم وبها عرفت أخبار الماضين ، وأحوالهم وسيرهم ومقالاتهم ولولا الكتابة ما استقام أمر الدين والدنيا قال قتادة : القلم نعمة من الله عظيمة . لولا القلم لم يقم دين ولم يصلح عيش ، فسأل بعضهم عن الكلام ، فقال ربح لا يبقى قيل له فما قيده قال الكتابة لأن القلم ينوب عن اللّسان ولا ينوب اللّسان عنه { علم الإنسان ما لم يعلم } قيل يحتمل أن يكون المراد علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ، فيكون المراد من ذلك معنى واحداً ، وقيل علمه من أنواع العلم ، والهداية ، والبيان ، ما لم يكن يعلم ، وقيل علم آدم الأسماء كلها ، وقيل المراد بالإنسان هنا محمد صلى الله عليه وسلم . قوله عزّ وجلّ : { كلا } أي حقاً { إن الإنسان ليطغى } أي يتجاوز الحد ، ويستكبر على ربه { أن } أي لأن { رآه استغنى } أي رأى نفسه غنياً وقيل يرتفع عن منزلته إلى منزلة أخرى في اللّباس والطعام وغير ذلك ، نزلت في أبي جهل وكان قد أصاب مالاً فزاد في ثيابه ومركبه وطعامه فذلك طغيانه { إن إلى ربك الرجعى } أي المرجع في الآخرة وفيه تهديد ، وتحذير لهذا الإنسان من عاقبة الطغيان ، ثم هو عام لكل طاغ متكبر .