Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 101-102)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أمر تعالى بالفكر فيما أودعه تعالى في السموات والأرض ، إذ السبيل إلى معرفته تعالى هو بالتفكر في مصنوعاته ، ففي العالم العلوي في حركات الأفلاك ومقاديرها وأوضاعها والكواكب ، وما يختص بذلك من المنافع والفوائد ، وفي العالم السفلي في أحوال العناصر والمعادن والنبات والحيوان ، وخصوصاً حال الإنسان . وكثيراً ما ذكر الله تعالى في كتابه الحض على الفكر في مخلوقاته تعالى وقال : ماذا في السموات والأرض تنبيهاً على القاعدة الكلية ، والعاقل يتنبه لتفاصيلها وأقسامها . ثم لما أمر بالنظر أخبر أنه من لا يؤمن لا تغنيه الآيات . والنذر جمع نذير ، إما مصدر فمعناه الإنذارات ، وإما بمعنى منذر فمعناه المنذرون والرسل . وما الظاهر أنها للنفي ، ويجوز أن تكون استفهاماً أي : وأي شيء تغني الآيات وهي الدلائل ؟ وهو استفهام على جهة التقرير . وفي الآية توبيخ لحاضري رسول الله صلى الله عليه وسلم من المشركين . وقرأ الحرميان ، والعربيان ، والكسائي : قل انظروا بضم اللام ، وقرىء : وما تغني بالتاء ، وهي قراءة الجمهور وبالياء . وماذا يحتمل أن يكون استفهاماً في موضع رفع بالابتداء ، والخبر في السموات . ويحتمل أن يكون الخبر ذا بمعنى الذي ، وصلته في السموات . وانظروا معلقة ، فالجملة الابتدائية في موضع نصب ، ويبعد أن تكون ماذا كله موصولاً بمعنى الذي ، ويكون مفعولاً لقوله : انظروا ، لأنه إن كانت بصرية تعدت بإلى ، وإن كانت قلبية تعدت بفي . وقال ابن عطية : ويحتمل أن تكون ما في قوله : وما تغني ، مفعولة لقوله : انظروا ، معطوفة على قوله : ماذا أي : تأملوا نذر غنى الآيات . والنذر عن الكفار إذا قبلوا ذلك ، كفعل قوم يونس ، فإنه يرفع العذاب في الدنيا والآخرة وينجي من الهلكات . والآية على هذا تحريض على الإيمان ، وتجوز اللفظ على هذا التأويل ، إنما هو في قوله : لا يؤمنون انتهى . وهذا احتمال فيه ضعف . وفي قوله : مفعولة معطوفة على قوله ماذا ، تجوز يعني أنّ الجملة الاستفهامية التي هي ماذا في السموات والأرض في موضع المفعول ، لأنّ ماذا منصوب وحده بانظروا ، فيكون ماذا موصولة . وانظروا بصرية لما تقدم ، والأيام هنا وقائع الله فيم ، كما يقال أيام العرب لوقائعها . وفي الاستفهام تقرير وتوعد ، وحض على الإيمان ، والمعنى : إذا لجوا في الكفر حل بهم العذاب ، وإذا آمنوا نجوا ، هذه سنة الله في الأمم الخالية . قل فانتظروا أمر تهديد أي : انتظروا ما يحل بكم كما حل بمن قبلكم من مكذبي الرسل .