Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 99-100)
Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قيل : نزلت في أبي طالب ، لأنه صلى الله عليه وسلم أسف بموته على ملة عبد المطلب وكان حريصاً على إيمانه . ولما كان أحرص الناس على هدايتهم وأسعى في وصول الخير إليهم والفوز بالإيمان منهم وأكثر اجتهاداً في نجاة العالمين من العذاب ، أخبره تعالى أنه خلق أهلاً للسعادة وأهلاً للشقاوة ، وأنه لو أراد إيمانهم كلهم لفعل ، وأنه لا قدرة لأحد على التصرف في أحد . والمقصود بيان أنّ القدرة القاهرة والمشيئة النافذة ليست إلا له تعالى . وتقديم الاسم في الاستفهام على الفعل يدل على إمكان حصول الفعل ، لكن من غير ذلك الإسم فللَّه تعالى أن يكره الناس على الإيمان لو شاء ، وليس ذلك لغيره . وقال الزمخشري : ولو شاء ربك مشيئة القسر وإلالجاء لآمن من في الأرض كلهم على وجه الإحاطة والشمول جميعاً ، مجتمعين على الإيمان ، مطبقين عليه ، لا يختلفون ألا ترى إلى قوله تعالى : { أفأنت تكره الناس } يعني إنما يقدر على إكراههم واضطرارهم على الإيمان هؤلاء أنت . وإتلاء الاسم حرف الاستفهام للإعلام بأنّ الإكراه ممكن مقدور عليه ، وإنما الشان في المكره من هو ، وما هو إلا هو وحده ولا يشارك فيه ، لأنه تعالى هو القادر على أن يفعل في قلوبهم ما يضطرون عنده إلى الإيمان ، وذلك غير مستطاع للبشير انتهى . وقوله : مشيئة القسر والإلجاء هو مذهب المعتزلة . وقال ابن عطية : المعنى أنّ هذا الذي تقدم ذكره إنما كان جميعه بقضاء الله عليهم ومشيئته فيهم ، ولو شاء الله لكان الجميع مؤمناً ، فلا تتأسف أنت يا محمد على كفر من لم يؤمن بك ، وادع ولا عليك ، فالأمر محتوم . أتريد أنت أن تكره الناس بإدخال الإيمان في قلوبهم ، وتضطرهم إلى ذلك والله عز وجل قد شاء غيره ؟ فهذا التأويل الآية عليه محكمة أي : ادع وقاتل من خالفك ، وإيمان من آمن مصروف إلى المشيئة . وقالت فرقة : المعنى أفأنت تكره الناس بالقتال حتى يدخلوا في الإيمان ؟ وزعمت أن هذه الآية في صدر الإسلام ، وأنها منسوخة بآية السيف ، والآية على كلا التأويلين رادة على المعتزلة انتهى . ولذلك ذهب الزمخشري إلى تفسير المشيئة بمشيئة القسر والإلجاء ، وهو تفسير الجبائي والقاضي . ومعنى إلا بإذن الله . أي بإرادته وتقديره لذلك والتمكن منه . وقال الزمخشري : بتسهيله وهو منح الإلطاف . ويجعل الرجس : وهو الخذلان على الذين لا يعقلون ، وهم المصرون على الكفر . وسمى الخذلان رجساً وهو العذاب ، لأنه سببه انتهى . وهو على طريق الاعتزال . وقال ابن عباس : الرجس السخط ، وعنه الإثم والعذوان . وقال مجاهد : ما لا خير فيه . وقال الحسن ، وأبو عبيدة ، والزجاج : العذاب . وقال الفراء : العذاب والغضب . وقال الحسن أيضاً : الكفر . وقال قتادة : الشيطان ، وقد تقدّم تفسيره ، ولكن نقلنا ما قاله العلماء هنا . وقرأ أبو بكر ، وزيد بن علي : ونجعل بالنون ، وقرأ الأعمش : ويجعل الله الرجز بالزاي .