Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 62-64)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أولياء الله هم الذين يتولونه بالطاعة ويتولاهم بالكرامة . وقد فسر ذلك في قوله : { الذين آمنوا وكانوا يتقون } [ يونس : 63 ] وعن سعيد بن جبير : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أولياء الله فقال : « هم الذين يذكرون الله برؤيتهم » يعني السمت والهيئة " وعن ابن عباس : الإخبات والسكينة . وقيل : هم المتحابون في الله . قال ابن عطية : وهذه الآية يعطي ظاهرها أن من آمن واتقى فهو داخل في أولياء الله ، وهذا هو الذي تقتضيه الشريعة في الولي ، وإنما نبهنا هذا التنبيه حذراً من مذهب الصوفية وبعض الملحدين في الولي انتهى . وإنما قال : حذرا من مذهب الصوفية ، لأن بعضهم نقل عنه أنّ الولي أفضل من النبي ، وهذا لا يكاد يخطر في قلب مسلم . ولابن العربي الطائي كلام في الولي وفي غيره نعوذ بالله منه . وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنّ من عباد الله عباداً ما هم بأنبياء ولا شهداء ، يغبطهم الأنبياء والشهداء بمكانهم من الله » قالوا : يا رسول الله ومن هم ؟ قال : « قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام ولا أموال يتعاطونها ، فوالله إنّ وجوههم لتنور ، وإنهم لعلى منابر من نور ، لا يخافون إذا خاف الناس ، ولا يحزنون إذا حزن الناس ، ثم قرأ : ألا إن أولياء الله » " الآية وتقدم تفسير لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . والذين يحتمل أن يكون منصوباً على الصفة قاله الزمخشري ، أو على البدل قاله ابن عطية ، أو بإضمار أمدح ، ومرفوعاً على إضمارهم ، أو على الابتداء ، والخبر لهم البشرى . وأجاز الكوفيون رفعه على موضع أولياء نعتاً ، أو بدلاً ، وأجيز فيه الخبر بدلاً من ضمير عليهم . وفي قوله : وكانوا يتقون ، إشعار بمصاحبتهم للتقوى مدة حياتهم ، فحالهم في المستقبل كحالهم في الماضي . وبشراهم في الحياة الدنيا تظاهرت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنها الرؤيا الصالحة يراها المؤمن " أو « ترى له » فسرها بذلك وقد سئل . وعنه في صحيح مسلم : " لم يبق من المبشرات إلا الرؤيا الصالحة " وقال قتادة والضحاك : هي ما يبشر به المؤمن عند موته وهو حي عند المعاينة . وقيل : هي محبة الناس له ، والذكر الحسن . " وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يعمل العمل لله ويحبه الناس : فقال : تلك عاجل بشرى المؤمن " وعن عطاء : لهم البشرى عند الموت تأتيهم الملائكة بالرحمة . قال تعالى : { تتنزل عليهم الملائكة } [ فصلت : 30 ] الآية قال ابن عطية : ويصح أن تكون بشرى الدنيا في القرآن من الآيات المبشرات ، ويقوي ذلك قوله في هذه الآية : لا تبديل لكلمات الله ، وإن كان ذلك كله يعارضه قول النبي صلى الله عليه وسلم : " هي الرؤيا " إلا إن قلنا : إنّ النبي صلى الله عليه وسلم أعطى مثالاً من البشرى وهي تعم جميع البشر . وبشراهم في الآخرة تلقى الملائكة إياهم مسلمين مبشرين بالنور والكرامة ، وما يرون من بياض وجوههم ، وإعطاء الصحف بأيمانهم ، وما يقرأون منها ، وغير ذلك من البشارات . لا تبديل لكلمات الله ، لا تغيير لأقواله ، ولا خلف في مواعيده كقوله : { ما يبدّل القول لديّ } [ ق : 29 ] والظاهر أنّ ذلك إشارة إلى التبشير والبشرى في معناه . قال الزمخشري : وذلك إشارة إلى كونهم مبشرين في الدارين . وقال ابن عطية : إشارة إلى النعيم الذي وقعت به البشرى .