Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 75-77)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : من بعد أولئك الرسل بآياتنا وهي المعجزات التي ظهرت على يديه ، ولا يخص قوله : وملائه بالإشراف ، بل هي عامّة لقوم فرعون شريفهم ومشروفهم . فاستكبروا تعاظموا عن قبولها ، وأعظم الكبر أن يتعاظم العبيد عن قبول رسالة ربهم بعد تبينها واستيضاحها ، وباجترامهم الآثام العظيمة استكبروا واجترؤوا على ردّها . والحق هو العصا واليد قالوا لحبهم الشهوات : إن هذا لسحر مبين ، وهم يعلمون أنّ الحق أبعد شيء من السحر الذي ليس إلا تمويهاً وباطلاً ، ولم يقولوا إنّ هذا لسحر مبين إلا عند معاينة العصا وانقلابها ، واليد وخروجها بيضاء ، ولم يتعاطوا إلا مقاومة العصا وهي معجزة موسى الذي وقع فيها عجز المعارض . وقرأ مجاهد ، وابن جبير ، والأعمش : لساحر مبين ، جعل خبر إنّ اسم فاعل لا مصدراً كقراءة الجماعة . ولما كابروا موسى فيما جاء به من الحق أخبروا على جهة الجزم بأنّ ما جاء به سحر مبين فقال لهم موسى : أتقولون ؟ مستفهماً على جهة الإنكار والتوبيخ ، حيث جعلوا الحق سحراً ، أسحر هذا أي : مثل هذا الحق لا يدعى أنه سحر . وأخبر أنه لا يفلح من كان ساحراً لقوله تعالى : { ولا يفلح الساحر حيث أتى } [ طه : 69 ] والظاهر أن معمول أتقولون محذوف تقديره : ما تقدم ذكره وهو إنّ هذا لسحر ، ويجوز أن يحذف معمول القول للدلالة عليه نحو قول الشاعر : @ لنحن الألى قلتم فإني ملتئم برؤيتنا قبل اهتمام بكم رعبا @@ ومسألة الكتاب متى رأيت ، أو قلت زيداً منطلقاً . وقيل : معمول أتقولون هو أسحر هذا إلى آخره ، كأنهم قالوا : أجئتما بالسحر تطلبان به الفلاح ، ولا يفلح الساحرون . كما قال موسى للسحرة : ما جئتم به السحر إن الله سيبطله . والذين قالوا : بأن الجملة وأن الاستفهام هي محكية لقول اختلفوا فقال بعضهم : قالوا ذلك على سبيل التعظيم للسحر الذي رأوه بزعمهم ، كما تقول لفرس تراه يجيد الجري : أفرس هذا على سبيل التعجيب والاستغراب ، وأنت قد علمت أنه فرس ، فهو استفهام معناه التعجيب والتعظيم . وقال بعضهم : قال ذلك منهم كل جاهل بالأمر ، فهو يسأل أهو سحر ؟ لقول بعضهم : إن هذا لسحر ، وأجاز الزمخشري أن يكون معنى قوله : أتقولون للحق ، أتعيبونه وتطعنون فيه ، فكان عليكم أن تذعنوا له وتعظموه ، قال : من قولهم فلان يخاف القالة ، وبين الناس تقاول إذا قال بعضهم لبعض ما يسوء ، ونحو القول الذكر في قوله : سمعنا فتى يذكرهم ثم قال أسحر هذا فأنكر ما قالوه في عيبه والطعن عليه .