Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 15-19)
Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الكذب بالدال المهملة الكدر ، وقيل : الطري . سول من السول ، ومعناه سهل ، وقيل : زين . أدلى الدلو أرسلها ليملأها ، ولادها يدلوها جذبها وأخرجها من البئر . قال : لا تعقلوها وادلوها دلواً . والدلو معروف ، وهي مؤنثة فتصغر على دليته ، وتجمع على أدل ودلاء ودلى . البضاعة : القطعة من المال تجعل للتجارة ، من بضعته إذا قطعته ، ومنه المبضع . { فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هـذا وهم لا يشعرون . وجاؤوا أباهم عشاء يبكون . قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين . وجاؤوا على قميصه بدم كذب قال بل سوّلت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون . وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هـذا غلام وأسروه بضاعة والله عليم بما يعملون } : حكي أنهم قالوا ليوسف : اطلب من أبيك أن يبعثك معنا ، فأقبل على يوسف فقال : أتحب ذلك ؟ قال : نعم . قال يعقوب : إذا كان غداً أذنت لك ، فلما أصبح يوسف لبس ثيابه وشد عليه منطقته ، وخرج مع أخوته فشيعهم يعقوب وقال : يا بني أوصيكم بتقوى الله وبحبيبي يوسف ، ثم أقبل على يوسف وضمه إلى صدره وقبل بين عينيه ثم قال : استودعتك الله رب العالمين ، وانصرف . فحملوا يوسف على أكتافهم ما دام يعقوب يراهم ، ثم لما غابوا عن عينه طرحوه ليعدوا معهم إضراراً به . وذكر المفسرون أشياء كثيرة تتضمن كيفية إلقائه في غيابة الجب ومجاورته لهم بما يلين الصخر ، وهم لا يزدادون إلا قساوة . ولم يتعرض القرآن ولا الحديث الصحيح لشيء منها ، فيوقف عليها في كتب التفسير . وبين هذه الجملة والجمل التي قبلها محذوف يدل عليه المعنى تقديره : فأجابهم إلى ما سألوه وأرسل معهم يوسف ، فلما ذهبوا به وأجمعوا أي : عزموا واتفقوا على إلقائه في الجب ، وأن يجعلوه مفعول أجمعوا ، يقال : أجمع الأمر وأزمعه بمعنى العزم عليه ، واحتمل أن يكون الجعل هنا بمعنى الإلقاء ، وبمعنى التصيير . واختلفوا في جواب لمّا أهو مثبت ؟ أو محذوف ؟ فمن قال : مثبت ، قال : هو قولهم قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق أي : لما كان كيت وكيت ، قالوا وهو تخريج حسن . وقيل : هو أوحينا ، والواو زائدة ، وعلى هذا مذهب الكوفيين يزاد عندهم بعد لما ، وحتى إذا . وعلى ذلك خرجوا قوله : فلما أسلما وتله للجيين وناديناه أي : ناديناه وقوله : حتى إذا جاؤوها وفتحت أي : فتحت . وقول امرىء القيس : @ فلما أحربا سـاحـة الحـي وانتحى @@ أي : انتحى . ومن قال : هو محذوف ، وهو رأي البصريين ، فقدره الزمخشري : فعلوا به ما فعلوا من الأذى ، وحكى الحكاية الطويلة فيما فعلوا به ، وما حاوروه وحاورهم به . قدره بعضهم : فلما ذهبوا به وأجمعوا أنْ يجعلوه في غيابة الجب عظمت فتنتهم ، وقدّره بعضهم جعلوه فيها ، وهذا أولى إذ يدل عليه قوله : وأجمعوا أن يجعلوه والظاهر أنّ الضمير في وأوحينا إليه عائد على يوسف ، وهو وحي إلهام قاله مجاهد . وروي عن ابن عباس : أو منام . وقال الضحاك وقتادة : نزل عليه جبريل في البئر . وقال الحسن : أعطاه الله النبوة في الجب وكان صغيراً ، كما أوحى إلي يحيـى وعيسى عليهما السلام ، وهو ظاهر أوحينا ، ويدل على أنّ الضمير عائد على يوسف قوله لهم قال : هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون . وقيل : الضمير في إليه عائد على يعقوب ، وإنما أوحي إليه ليأنس في الظلمة من الوحدة ، وليبشر بما يؤول إليه أمره ، ومعناه : للتخلص مما أنت فيه ، ولتحدثن إخوتك بما فعلوا بك . وهم لا يشعرون جملة حالية من قوله : لتنبئنهم بهذا أي : غير عالمين أنك يوسف وقت التنبئة قاله ابن جريج ، وذلك لعلو شأنك وعظمة سلطانك ، وبعد حالك عن أذهانهم ، ولطول العمر المبدل للهيئات والأشكال . وذكر أنهم حين دخلوا عليه ممتارين فعرفهم وهم له منكرون ، دعا بالصواغ فوضعه على يده ثم نقره فطن فقال : إنه ليخبرني هذا الجام أنه كان لكم أخ من أبيكم يقال له : يوسف ، وكان يدنيه دونكم ، وأنكم انطلقتم به وألقيتموه في غيابة الجب وقلتم لأبيكم : أكله الذئب . وبيع بثمن بخس ، ويجوز أن يكون وهم لا يشعرون حالاً من قوله : وأوحينا أي : وهم لا يشعرون ، قاله قتادة . أي : بإيحائنا إليك وما أخبرناك به من نجاتك وطول عمرك ، إلى أن تنبئهم بما فعلوا بك . وقرأ الجمهور لتنبئنهم بتاء الخطاب ، وابن عمر بياء الغيبة ، وكذا في بعض مصاحف البصرة . وقرأ سلام بالنون . والذي يظهر من سياق الأخبار والقصص أن يوسف كان صغيراً ، فقيل : كان عمره إذ ذاك سبع سنين . وقيل : ست ، قاله الضحاك . وأبعد من ذهب إلى أنه اثنتا عشرة سنة ، وثمان عشرة سنة ، وكلاهما عن الحسن ، أو سبع عشرة سنة قاله ابن السائب . ويدل على أنه كان صغيراً بحيث لا يدفع نفسه قوله : وأخاف أن يأكله الذئب ويرتع ويلعب وإنا له لحافظون ، وأخذ السيارة له ، وقول الوارد : هذا غلام ، وقول العزيز : عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً ، وما حكى من حملهم إياه واحداً بعد واحـد ، ومن كلامه لأخيه يهوذا : ارحم ضعفي وعجزي وحداثة سني ، وارحم قلب أبيك يعقوب . ومن هو ابن ثمان عشرة سنة لا يخاف عليه من الذئب ولا سيما إن كان في رفقة ، ولا يقال فيه : وإنا له لحافظون ، لأنه إذ ذاك قادر على التحيل في نجاة نفسه ، ولا يسمى غلاماً إلا بمجاز ، ولا يقال فيه : أو نتخذه ولداً . وعشاء نصب على الظرف ، أو من العشوة . والعشوة : الظلام ، فجمع على فعال مثل راع ورعاء ، ويكون انتصابه على الحال كقراءة الحسن عشا على وزن دجى ، جمع عاش ، حذف منه الهاء كما حذفت في مالك ، وأصله مالكة . وعن الحسن عشياً على التصغير . قيل : وإنما جاؤوا عشاء ليكون أقدر على الاعتذار في الظلمة ، ولذا قيل : لا تطلب الحاجة بالليل فإنّ الحياء في العينين ، ولا تعتذر في النهار من ذنب فتتلجلج في الاعتذار . وفي الكلام حذف تقديره : وجاؤوا أباهم دون يوسف عشاء يبكون ، فقال : أين يوسف ؟ قالوا : إنا ذهبنا . وروي أن يعقوب لما سمع بكاءهم قال : ما لكم ، أجرى في الغنم شيء ؟ قالوا : لا . قال : فأين يوسف ؟ قالوا : إنا ذهبنا نستبق فأكله الذئب ، فبكى ، وصاح ، وخر مغشياً عليه ، فأفاضوا عليه الماء فلم يتحرك ، ونادوه فلم يجب ، ووضع يهوذا يده على مخارج نفسه فلم يحس بنفسه ولا تحرك له عرق فقال : ويل لنا من ديان يوم الدين الذي ضيعنا أخانا وقتلنا أبانا ، فلم يفق لا ببرد السحر . قال الأعمش : لا يصدق باك بعد أخوة يوسف . ونستبق . أي : نترامى بالسهام ، أو نتجارى على الأقدام أينا أشد عدواً ، أو نستبق في أعمال نتوزعها من سقي ورعي واحتطاب ، أو نتصيد . أربعة أقوال . عند متاعنا أي : عند ثيابنا ، وما تجردنا له حالة الاستباق ، وهذا أيضاً يدل على صغر يوسف ، إذ لو كان ابن ثمان عشرة سنة أو سبع عشرة لكان يستبق معهم ، فأكله الذئب قد ذكرنا أنهم تلقنوا هذا الجواب من قول أبيهم ، وأخاف أن يأكله الذئب ، لأن أكل الذئب إياه كان أغلب ما كان خاف عليه . وما أنت بمؤمن لنا أي : بمصدق لنا الآن ولو كنا صادقين . أو لست مصدقاً لنا على كل حال حتى في حالة الصدق ، لما غلب عليك من تهمتنا وكراهتنا في يوسف ، وإنا نرتاد له الغوائل ، ونكيد له المكائد ، وأوهموا بقولهم : ولو كنا صادقين أنهم صادقون في أكل الذئب يوسف ، فيكون صدقهم مقيداً بهذه النازلة . أو من أهل الصدق والثقة عند يعقوب قبل هذه النازلة ، لشدّة محبتك ليوسف ، فكيف وأنت سيـىء الظن بنا في هذه النازلة ، غير واثق بقولنا فيه ؟ . روي أنهم أخذوا سخلة أو جدياً فذبحوه ، ولطخوا قميص يوسف بدمه ، وقالوا : ليعقوب هذا قميص يوسف فأخذه ، ولطخ به وجهه وبكى ، ثم تأمله فلم ير خرقاً ولا ارتاب ، فاستدل بذلك على خلاف ما زعموا وقال لهم : متى كان الذئب حليماً يأكل يوسف ولا يخرق قميصه ؟ قيل : كان في قميص يوسف ثلاث آيات ، كان دليلاً ليعقوب على أن يوسف لم يأكله الذئب ، وألقاه على وجهه فارتد بصيراً ، ودليلاً على براءة يوسف حين قدّ من دبر . قال الزمخشري : ( فإن قلت ) : على قميصه ما محله ؟ ( قلت ) : محله النصب على الظرف ، كأنه قيل : وجاؤوا فوق قميصه بدم كما تقول : جاء على جماله بأحمال . ( فإن قلت ) : هل يجوز أن يكون حالاً مقدمة ؟ ( قلت ) : لا ، لأن حال المجرور لا يتقدم عليه انتهى . ولا يساعد المعنى على نصب على على الظرف بمعنى فوق ، لأن العامل فيه إذ ذاك جاؤوا ، وليس الفوق ظرفاً لهم ، بل يستحيل أن يكون ظرفاً لهم . وقال الحوفي : على متعلق بجاؤوا ، ولا يصح أيضاً . وأما المثال الذي ذكره الزمخشري وهو جاء على جماله بأحمال فيمكن أن يكون ظرفاً للجائي ، لأنه تمكن الظرفية فيه باعتبار تبدله من جمل على جمل ، ويكون بأحمال في موضع الحال أي : مصحوباً بأحمال . وقال أبو البقاء : على قميصه في موضع نصب حالاً من الدم ، لأن التقدير : جاؤوا بدم كذب على قميصه انتهى . وتقديم الحال على المجرور بالحرف غير الزائد في جوازه خلاف ، ومن أجاز استدل على ذلك بأنه موجود في لسان العرب ، وأنشد على ذلك شواهد هي مذكورة في علم النحو ، والمعنى : يرشد إلى ما قاله أبو البقاء . وقرأ الجمهور : كذب وصف لدم على سبيل المبالغة ، أو على حذف مضاف أي : ذي كذب ، لما كان دالاً على الكذب وصف به ، وإن كان الكذب صادراً من غيره . وقرأ زيد بن علي : كذباً بالنصب ، فاحتمل أن يكون مصدراً في موضع الحال ، وأن يكون مفعولاً من أجله . وقرأت عائشة ، والحسن : كدب بالدال غير معجمة ، وفسر بالكدر ، وقيل : الطري ، وقيل : اليابس ، وقال صاحب اللوامح : ومعناه ذي كذب أي : أثر لأن الكذب هو بياض يخرج في أظافير الشبان ويؤثر فيها ، كالنقش ، ويسمى ذلك البياض الفوف ، فيكون هذا استعارة لتأثيره في القميص ، كتأثير ذلك في الأظافير . قال : بل سولت هنا محذوف تقديره : لم يأكله الذئب ، بل سولت . قال ابن عباس : أمرتكم أمراً ، وقال قتادة : زينت ، وقيل : رضيت أمراً أي : صينعاً قبيحاً . وقيل : سهلت . فصبر جميل أي : فأمري صبر جميل ، أو فصبر جميل أمثل . وقرأ أبي ، والأشهب ، وعيسى بن عمر : فصبراً جميلاً بنصبهما ، وكذا هي في مصحف أبيّ ، ومصحف أنس بن مالك . وروي كذلك عن الكسائي . ونصبه على المصدر الخبري أي : فاصبر صبراً جميلاً . قيل : وهي قراءة ضعيفة عند سيبويه ، ولا يصلح النصب في مثل هذا إلا مع الأمر ، وكذلك يحسن النصب في قوله : @ شكا إلي جملي طول السرى صبراً جميلاً فكلانا مبتلي @@ ويروى صبر جميل في البيت . وإنما تصح قراءة النصب على أنْ يقدر أنّ يعقوب رجع إلى مخاطبة نفسه فكأنه قال : فاصبري يا نفسُ صبراً جميلاً . وفي الحديث : " أن الصبر الجميل أنه الذي لا شكوى فيه " أي : إلى الخلق . ألا ترى إلى قوله : { إنما أشكو بثي وحزني إلى الله } [ يوسف : 86 ] وقيل : أتجمل لكم في صبري فلا أعاشركم على كآبة الوجه ، وعبوس الجبين ، بل على ما كنت عليه معكم . وقال الثوري : من الصبر أنْ لا تحدث بما يوجعك ولا بمصيبتك ولا تبكي نفسك . والله المستعان أي : المطلوب منه العون على احتمال ما تصفون من هلاك يوسف ، والصبر على الرزية . وجاءت سيارة قيل : كانوا من مدين قاصدين إلى مصر ، وقيل : في الكلام حذف تقديره : وأقام يوسف في الجب ثلاثة أيام ، وكان أخوه يهوذا يأتيه بالطعام خفية من إخوته . وقيل : جاءت السيارة في اليوم الثاني من طرحه في الجب . وقيل : كان التسبيح غذاءه في الجب . قيل : وكانت السيارة تائهة تسير من أرض إلى أرض ، وقيل : سيارة في الطريق أخطؤوه فنزلوا قريباً من الجب ، وكان في قفرة بعيدة من العمران لم تكن إلا للرعاة ، وفيهم مالك بن دعر الخزاعي فأرسلوه ليطلب لهم الماء . والوارد الذي يرد الماء ليستقي للقوم ، وإضافة الوارد للضمير كإضافته في قوله : ألقيت كاسبهم . ليست إضافة إلى المفعول ، بل المعنى الذي يرد عليهم والذي يكسب لهم . والظاهر أن الوارد واحد . وقال ابن عطية : والوارد هنا يمكن أن يقع على الواحد وعلى جماعة انتهى . وحمل على معنى السيارة في قوله : فأرسلوا ، ولو حمل على اللفظ لكان الترتيب فأرسلت واردها . فأدلى دلوه أي : أرسلها ليستقي الماء قال : يا بشراي . في الكلام حذف تقديره : فتعلق يوسف بحبل الدلو ، فلما بصر به المدلي قال : يا بشراي . وتعلقه بالحبل يدل على صغره ، إذ لو كان ابن ثمانية عشر أو سبعة عشر لم يحمله الحبل غالباً ، ولفظه غلام ترجح ذلك ، إذ يطلق عليه ما بين الحولين إلى البلوغ حقيقة ، وقد يطلق على الرجل الكامل لقول ليلى الأخيلية في الحجاج بو يوسف : @ غـلام إذا هـز القنـاة سقـاهـا @@ وقوله : يا بشراي هو على سبيل السرور والفرح بيوسف ، هذ رأى أحسن ما خلق . وأبعد السدّي في زعمه أنّ بشرى اسم رجل ، وأضاف البشرى إلى نفسه فكأنه قال تعالى : فهذا من آونتك . وقرأ يا بشرى بغير إضافة الكوفيون ، وروى ورش عن نافع : يا بشراي : بسكون ياء الإضافة ، وهو جمع بين ساكنين على غير حدة وتقدم تقرير مثله في { ومحياي } [ الأنعام : 162 ] وقرأ أبو الطفيل ، والحسن ، وابن أبي إسحاق ، والجحدري : يا بشرى بقلب الألف ياء وإدغامها في ياء الإضافة ، وهي لغة لهذيل . ولناس غيرهم تقدم الكلام عليها في البقرة ، في { فمن تبع هداي } [ البقرة : 38 ] قيل : ذهب به الوارد ، فلما دنا من أصحابه صاح بذلك ، فبشرهم به وأسروه . الظاهر أنّ الضمير للسيارة التي الوارد منهم أي : أخفوه من الرفقة ، أو كتموا أمره من وجدانهم له في الجب وقالوا : دفعه إلينا أهل الماء لنبيعه لهم بمصر . وقال ابن عباس : الضمير في وأسروه وشروه لإخوة يوسف ، وأنهم قالوا للرفقة : هذا غلام قد أبق لنا فاشتروه منا ، وسكت يوسف مخافة أن يقتلوه ، وذلك أنه روي أن بعضهم رجع إلى الجب ليتحققوا أمر يوسف ويقفوا على الحقيقة من فقده ، فلما علموا أن الوارد قد أخذوه ، جاؤوهم وقالوا تلك المقالة . وانتصب بضاعة على الحال أي : متجراً لهم ومكسباً . والله عليم بما يعملون أي : لم تخف عليه أسرارهم ، وهو وعيد لهم حيث استبضغوا ما ليس لهم ، أو والله عليم بعمل أخوة يوسف بأبيهم وأخيهم من سوء الصنع ، وفي ذلك أعظم تذكار بما فعلوا بيوسف . قيل : أوحى الله إليه في الجب أن لا يطلع أباه ولا غيره على حاله ، لحكمة أراد مضاءها ، وظهر بعد ذلك ما جرى له من جعله على خزائن الأرض ، وإحواج أخواته إليه ، ورفع أبويه على العرش ، وما جرى مجرى ذلك مما كان مكنوناً في القدر .