Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 36-36)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

عصر العنب وغيره أخرج ما فيه من المائع بقوة . الخبر : معروف ، وجمعه اخباز ، ومعانيه خباز . { ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمراً وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين } : في الكلام حذف تقديره : فسجنوه ، فدخل معه السجن غلامان . وروي أنهما كانا للملك الأعظم الوليد بن الريان ، أحدهما خبازه ، والآخر ساقيه . وروي أن الملك اتهمهما بأن الخابز منهما أراد سمه ووافقه على ذلك الساقي ، فسجنهما قاله : السدي . ومع تدل على الصحبة واستحداثها ، فدل على أنهم سجنوا الثلاثة في ساعة واحدة . ولما دخل يوسف السجن استمال الناس بحسن حديثه وفضله ونبله ، وكان يسلي حزينهم ، ويعود مريضهم ، ويسال لفقيرهم ، ويندبهم إلى الخير ، فأحبه الفتيان ولزماه ، وأحبه صاحب السجن والقيم عليه وقال له : كن في أي البيوت شئت فقال له يوسف : لا تحبني يرحمك الله ، فلقد أدخلت على المحبة مضرات ، أحبتني عمتي فامتحنت بمحبتها ، وأحبني أبي فامتحنت بمحبته ، وأحبتني امرأة العزيز فامتحنت بمحبتها بما ترى . وكان يوسف عليه السلام قد قال لأهل السجن : إني أعبر الرؤيا وأجيد . وروي أن الفتيين قالا له : إنا لنحبك من حين رأيناك فقال : أنشدكما الله أنْ لا تحباني ، وذكر ما تقدم . وعن قتادة : كان في السجن ناس قد انقطع رجاؤهم وطال حزنهم ، فجعل يقول : اصبروا وابشروا تؤجروا إن لهذا لأجراً فقالوا : بارك الله عليك ، ما أحسن وجهك ، وما أحسن خلقك ! لقد بورك لنا في جوارك فمن أنت يا فتى ؟ قال يوسف : ابن صفي الله يعقوب ، ابن ذبيح الله إسحاق بن خليل الله ابراهيم . فقال له عامل السجن : لو استطعت خليت سبيلك . وهذه الرؤيا التي للفتيين قال مجاهد : رأيا ذلك حقيقة فأراد سؤاله . وقال ابن مسعود والشعبي : استعملاها ليجرباه . والذي رأى عصر الخمر اسمه بنو قال : رأيت حبلة من كرم لها ثلاثة أغصان حسان ، فيها عناقيد عنب حسان ، فكنت أعصرها وأسقي الملك . والذي رأى الخبز اسمه ملحب قال : كنت أرى أن أخرج من مطبخة الملك وعلى رأسي ثلاث سلال فيها خبز ، والطير تأكل من أعلاه ، ورأى الحلمية جرت مجرى أفعال القلوب في جواز كون فاعلها ومفعولها ضميرين متحدي المعنى ، فأراني فيه ضمير الفاعل المستكن ، وقد تعدى الفعل إلى الضمير المتصل وهو رافع للضمير المتصل ، وكلاهما لمدلول واحد . ولا يجوز أن يقول : اضربني ولا أكرمني . وسمى العنب خمراً باعتبار ما يؤول إليه . وقيل : الخمر بلغة غسان اسم العنب . وقيل : في لغة ازد عمـان . وقال المعتمر : لقيت أعرابياً يحمل عنباً في وعاء فقلت : ما تحمل ؟ قال : خمراً ، أراد العنب . وقرأ أبي وعبد الله : أعصر عنباً ، وينبغي أن يحمل ذلك على التفسير لمخالفته سواد المصحف ، وللثابت عنهما بالتواتر قراءتهما أعصر خمراً . قال ابن عطية : ويجوز أن يكون وصف الخمر بأنها معصورة ، إذ العصر لها ومن أجلها . وفي مصحف عبد الله : فوق رأسي ثريداً تأكل الطير منه ، وهو أيضاً تفسير لا قراءة . والضمير في تأويله عائداً إلى ما قصا عليه ، أجرى مجرى اسم الإشارة كأنه قيل : بتأويل ذلك . وقال الجمهور : من المحسنين أي في العلم ، لأنهما رأيا منه ما علما به أنه عالم . وقال الضحاك وقتادة : من المحسنين في حديثه مع أهل السجن وإجماله معهم . وقال ابن إسحاق : أرادا إخباره أنهما يريان له إحساناً عليهما ويداً ، إذا تأول لهما ما رأياه .