Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 94-98)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الفند : الفساد ، قال : @ ألا سليمان إذ قال الإله له قم في البرية فاحددها عن الفند @@ وفندت الرجل أفسدت رأيه ورددته قال : @ يا عاذليّ دعا لومي وتفيدي فليس ما قلت من أمر بمردود @@ وأفند الدهر فلاناً أفسده . قال ابن مقبل : @ دع الدهر يفعل ما أراد فإنه إذا كلف الإفناد بالناس أفندا @@ القديم : الذي مرت عليه أعصار ، وهو أمر نسبي . البدو البادية وهي خلاف الحاضرة . { ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون . قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم . فلما أن جآء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيراً قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون . قالوا يأبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين . قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم } : فصل من البلد يفصل فصولاً انفصل منه وجاوز حيطانه ، وهو لازم . وفصل الشيء فصلاً فرق ، وهو متعد . ومعنى فصلت العير : انفصلت من عريش مصر قاصدة مكان يعقوب ، وكان قريباً من بيت المقدس . وقيل : بالجزيرة ، وبيت المقدس هو الصحيح ، لأنّ آثارهم وقبورهم هناك إلى الآن . وقرأ ابن عباس : ولما انفصل العير ، قال ابن عباس : وجد ريحه من مسيرة ثمانية أيام ، هاجت ريح فحملت عرفه . وقال الحسن وابن جريج : من ثمانين فرسخاً ، وكان مدة فراقه منه سبعاً وسبعين سنة . وعن الحسن أيضاً : وجده من مسيرة ثلاثين يوماً ، وعنه : مسيرة عشر ليال . وعن أبي أيوب المهروي : أن الريح استأذنت في إيصال عرف يوسف إلى يعقوب ، فأذن لها في ذلك . وقال مجاهد : صفقت الريح القميص فراحت روائح الجنة في الدنيا ، واتصلت بيعقوب فوجد ريح الجنة ، فعلم أنه ليس في الدنيا من ريح الجنة إلا ما كان من ذلك القميص . ومعنى لأجد : لأشم فهو وجود حاسة الشم . وقال الشاعر : @ وإني لأستشفي بكل غمامة يهب بها من نحو أرضك ريح @@ ومعنى تفندون قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : تسفهون . وعن ابن عباس أيضاً : تجهلون ، وعنه أيضاً : تضعفون . وقال عطاء وابن جبير : تكذبون . وقال الحسن : تهرمون . وقال ابن زيد ، والضحاك ومجاهد أيضاً : تقولون ذهب عقلك وخرفت . وقال أبو عمرو : تقبحون . وقال الكسائي : تعجزون . وقال أبو عبيدة : تضللون . وقيل : تخطئون . وهذه كلها متقاربة في المعنى ، وهي راجعة لاعتقاد فساد رأي المفند إما لجهله ، أو لهوى غالب عليه ، أو لكذبه ، أو لضعفه وعجزه لذهاب عقله بهرمه . وقال منذر بن سعيد البلوطي : يقال شج مفند أي : قد فسر رأيه ، ولا يقال : عجوز مفندة ، لأن المرأة لم يكن لها رأي قط أصيل فيدخله التفنيد . وقال معناه الزمخشري قال : التفنيد النسبة إلى الفند وهو الخوف وإنكارالعقل ، من هرم يقال : شيخ مفند ، ولا يقال عجوز مفندة ، لأنها لم تكن في شبيبتها ذات رأي فنفند في كبرها ، ولولا هنا حرف امتناع لوجود ، وجوابها محذوف . قال الزمخشري : المعنى لولا تفنيدكم إياي لصدقتموني انتهى . وقد يقال : تقديره لولا أن تفندوني لأخبرتكم بكونه حياً لم يمت ، لأن وجداني ريحه دال على حياته . والمخاطب بقوله : تفندون ، الظاهر من تناسق الضمائر أنه عائد على من كان بقي عنده من أولاده غير الذين راحوا يمتارون ، إذ كان أولاده جماعة . وقيل : المخاطب ولد ولده ومن كان بحضرته من قرابته . والضلال هنا لا يراد به ضد الهدى والرّشاد ، قال ابن عباس : المعنى إنك لفي خطئك ، وكان حزن يعقوب قد تجدد بقصة بنيامين ، ولذلك يقال له : ذو الحزنين . وقال مقاتل : الشقاء والعناء . وقال ابن جبير : الجنون ، ويعني والله أعلم غلبة المحبة . وقيل : الهلاك والذهاب من قولهم : ضل الماء في اللبن أي : ذهب فيه . وقيل : الحب ، ويطلق الضلال على المحبة . وقال ابن عطية : ذلك من الجفاء الذي لا يسوغ لهم مواجهته به ، وقد تأوله بعض الناس على ذلك ، ولهذا قال قتادة : قالوا لوالدهم كلمة غليظة لم يكن ينبغي لهم أن يقولوها لوالدهم ، ولا لنبي الله صلى الله عليه وسلم . وقال الزمخشري : لفي ذهابك عن الصواب قدماً في إفراط محبتك ليوسف ، ولهجك بذكره ، ورجاءك لقاءه ، وكان عندهم أنه قد مات . روي عن ابن عباس أنّ البشير كان يهوذا ، لأنه كان جاء بقميص الدم . وقال أبو الفضل الجوهري : قال يهوذا لإخوته : قد علمتم أني ذهبت إليه بقميص القرحة ، فدعوني أذهب إليه بقميص الفرحة فتركوه ، وقال هذا المعنى : السدي . وأن تطرد زيادتها بعد لما ، والضمير المستكن في ألقاه عائد على البشير ، وهو الظاهر ، هو لقوله : فألقوه . وقيل : يعود على يعقوب ، والظاهر أنه أريد الوجه كله كما جرت العادة أنه متى وجد الإنسان شيئاً يعتقد فيه البركة مسح به وجهه . وقيل : عبر بالوجه عن العينين لأنهما فيه . وقيل : عبر بالكل عن البعض . وارتدَّ عدّه بعضهم في أخوات كان ، والصحيح أنها ليست من أخواتها ، فانتصب بصيراً على الحال والمعني : أنه رجع إلى حالته الأولى من سلامة البصر . ففي الكلام ما يشعر أنّ بصره عاد أقوى مما كان عليه وأحسن ، لأنّ فعيلاً من صيغ المبالغة ، وما عدل من مفعل إلى فعيل إلا لهذا المعنى انتهى . وليس كذلك لأنّ فعيلاً هنا ليس للمبالغة ، إذ فعيل الذي للمبالغة هو معدول عن فاعل لهذا المعنى . وأما بصيراً هنا فهو اسم فاعل من بصر بالشيء ، فهو جار على قياسٍ فعل نحو ظرف فهو ظريف ، ولو كان كما زعم بمعنى مبصر لم يكن للمبالغة أيضاً ، لأنّ فعيلاً بمعنى ليس للمبالغة نحو : أليم وسميع بمعنى مؤلم ومسمع . وروي أن يعقوب سأل البشير كيف يوسف ؟ قال : ملك مصر . قال : ما أصنع بالملك ؟ قال : على أي دين تركته ؟ قال : على الإسلام ، قال : الآن تمت النعمة . وقال الحسن : لم يجد البشير عند يعقوب شيئاً يبيته به وقال : ما خبرنا شيئاً منذ سبع ليال ، ولكن هون الله عليك سكرات الموت . وقال الضحاك : رجع إليه بصره بعد العمى ، والقوة بعد الضعف ، والشباب بعد الهرم ، والسرور بعد الكرب . والظاهر أن قوله : إني أعلم ، محكي بالقول ويريد به إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله ، وأعلم من الله ما لا تعلمون . فقيل : ما لا تعلمون من حياة يوسف ، وأن الله يجمع بيننا وبينه . وقيل : من صحة رؤيا يوسف عليه السلام ، وقيل : من بلوى الأنبياء بالحزن ، ونزول الفرج ، وقيل : من إخبار ملك الموت إياي ، وكان أخبره أنه لم يقبض روحه . وقال ابن عطية : ما لا تعلمون هو انتظاره لتأويل الرؤيا ، ويحتمل أن يشير إلى حسن ظنه بالله فقط . وقال الزمخشري : ألم أقل لكم يعني قوله : إني لأجد ريح يوسف ، أو قوله : ولا تيأسوا من روح الله . وقوله إني أعلم ، كلام مبتدأ لم يقع عليه القول انتهى . وهو خلاف الظاهر الذي قدمناه . ولما رجع إليه بصره وقرت عينه بالمسير إلى ابنه يوسف ، وقررهم على قوله : ألم أقل لكم ؟ طلبوا منه أن يستغفر لهم الله لذنوبهم ، واعترفوا بالخطأ السابق منهم ، وسوف أستغفر لكم : عدة لهم بالاستغفار بسوف ، وهي أبلغ في التنفيس من السين . فعن ابن مسعود : أنه أخر الاستغفار لهم إلى السحر . وعن ابن عباس : إلى ليلة الجمعة ، وعنه : إلى سحرها . قال السدي ، ومقاتل ، والزجاج : أخر لإجابة الدعاء ، لا ضنة عليهم بالاستغفار . وقالت فرقة : سوف إلى قيام الليل . وقال ابن جبير وفرقة : إلى الليالي البيض ، فإن الدعاء فيها يستجاب . وقال الشعبي : أخره حتى يسأل يوسف ، فإن عفا عنهم استغفر لهم . وقيل : أخرهم ليعلم حالهم في صدق التوبة وإخلاصها . وقيل : أراد الدوام على الاستغفار لهم . ولما وعدهم بالاستغفار رجاهم بحصول الغفران بقوله : إنه هو الغفور الرحيم .