Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 25-27)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الظاهر أن قوله { ولبثوا } الآية إخبار من الله تعالى بمدة لبثهم نياماً في الكهف إلى أن أطلع الله عليهم . قال مجاهد : وهو بيان لمجمل قوله تعالى { فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدداً } [ الكهف : 11 ] ولما تحرر هذا العدد بإخبار من الله تعالى أمر نبيه أن يقول { قل الله أعلم بما لبثوا } فخبره هذا هو الحق والصدق الذي لا يدخله ريب ، لأنه عالم { غيب السموات والأرض } والظاهر أن قوله { بما لبثوا } إشارة إلى المدة السابق ذكرها . وقال بعضهم : { بما لبثوا } إشارة إلى المدة التي بعد الاطلاع عليهم إلى مدة الرسول صلى الله عليه وسلم . وقيل : لما قال { وازدادوا تسعاً } كانت التسعة منبهمة هي الساعات والأيام والشهور والأعوام ، واختلفت بنو إسرائيل بحسب ذلك فأمره تعالى برد العلم إليه يعني في التسع وهذا بعيد لأنه إذا سبق عدد مفسر وعطف عليه ما لم يفسر حمل تفسيره على السابق . وحكى النقاش أنها ثلاثمائة شمسية ، ولما كان الخطاب للعرب زيدت التسع إذ حساب العرب هو بالقمر لاتفاق الحسابين . وقال قتادة ومطر الورّاق : { لبثوا } إخبار من بني إسرائيل ، واحتجوا بما في مصحف عبد الله وقالوا { لبثوا } وعلى غير قراءة عبد الله يكون معطوفاً على المحكي بقوله { سيقولون } [ الكهف : 22 ] . ثم أمر الله نبيه أن يرد العلم إليه { بما لبثوا } ردّاً عليهم وتفنيداً لمقالتهم . قيل : هو من قول المتنازعين في أمرهم وهو الصحيح على مقتضى سياق الآية ، ويؤيده { قل الله أعلم بما لبثوا } جعل ذلك من الغيوب التي هو تعالى مختص بها . وقرأ الجمهور : مائة بالتنوين . قال ابن عطية : على البدل أو عطف البيان . وقيل : على التفسير والتمييز . وقال الزمخشري : عطف بيان لثلاثمائة . وحكى أبو البقاء أن قوماً أجازوا أن يكون بدلاً من مائة لأن مائة في معنى مئات ، فأما عطف البيان فلا يجوز على مذهب البصريين ، وأما نصبه على التمييز فالمحفوظ من لسان العرب المشهور أن مائة لا يفسر إلاّ بمفرد مجرور ، وإن قوله إذا عاش الفتى مائتين عاماً من الضرورات ولا سيما وقد انضاف إلى ذلك كون { سنين } جمعاً . وقرأ حمزة والكسائي وطلحة ويحيى والأعمش والحسن وابن أبي ليلى وخلف وابن سعدان وابن عيسى الأصبهاني وابن جبير الأنطاكي مائة بغير تنوين مضافاً إلى { سنين } أوقع الجمع موقع المفرد ، وأنحى أبو حاتم على هذه القراءة ولا يجوز له ذلك . وقال أبو عليّ : هذه تضاف في المشهور إلى المفرد ، وقد تضاف إلى الجمع . وقرأ أبي سنة وكذا في مصحف عبد الله . وقرأ الضحاك : سنون بالواو على إضمار هي سنون . وقرأ الحسن وأبو عمرو في رواية اللؤلؤي عنه { تسعاً } بفتح التاء كما قالوا عشر . ثم ذكر اختصاصه بما غاب في السموات والأرض وخفي فيها من أحوال أهلها ، وجاء بما دل على التعجب من إدراكه للمسموعات والمبصرات للدّلالة على أن أمره في الإدراك خارج عن حد ما عليه إدراك السامعين والمبصرين ، لأنه يدرك ألطف الأشياء وأصغرها كما يدرك أكبرها حجماً وأكثفها جرماً ، ويدرك البواطن كما يدرك الظواهر والضمير في { به } عائد على الله تعالى ، وهل هو في موضع رفع أو نصب وهل { أسمع } و { أبصر } أمران حقيقة أم أمران لفظاً معناهما إنشاء التعجب في ذلك خلاف مقرر في النحو . وقال ابن عطية : ويحتمل أن يكون المعنى { أبصر } بدين الله { وأسمع } أي بصر بهدى الله وسمع فترجع الهاء إما على الهدى وإما على الله ذكره ابن الأنباري . وقرأ عيسى : أسمع به وأبصر على الخبر فعلاً ماضياً لا على التعجب ، أي { أبصر } عباده بمعرفته وأسمعهم ، والهاء كناية عن الله تعالى . والضمير في قوله { ما لهم } قال الزمخشري : لأهل السموات والأرض من { وليّ } متول لأمورهم { ولا يشرك } في قضائه { أحداً } منهم . وقيل : يحتمل أن يعود على أصحاب الكهف أي هذه قدرته وحده . ولم يوالهم غيره يتلطف بهم ولا أشرك معه أحداً في هذا الحكم . ويحتمل أن يعود على معاصري الرسول صلى الله عليه وسلم من الكفار ومشاقيه ، وتكون الآية اعتراضاً بتهديد قاله ابن عطية . وقيل : يحتمل أن يعود على مؤمني أهل السموات والأرض أي لن يتخذ من دونه ولياً . وقيل : يعود على المختلفين في مدة لبثهم أي ليس لهم من دون الله من يتولى تدبيرهم ، فكيف يكونون أعلم منه ؟ أو كيف يعلمون من غير إعلامه إياهم ؟ وقرأ الجمهور : { ولا يشرك } بالياء على النفي . وقرأ مجاهد بالياء والجزم . قال يعقوب : لا أعرف وجهه . وقرأ ابن عامر والحسن وأبو رجاء وقتادة والجحدري وأبو حيوة وزيد وحميد ابن الوزير عن يعقوب والجعفي واللؤلؤي عن أبي بكر : ولا تشرك بالتاء والجزم على النهي . ولما أنزل عليه ما أنزل من قصة أهل الكهف أمره بأن يقص ويتلو على معاصريه ما أوحى إليه تعالى من كتابه في قصة أهل الكهف وفي غيرهم ، وأن ما أوحاه إليه { لا مبدل } له و { لا مبدل } عام و { لكلماته } عام أيضاً فالتخصيص إما في { لا مبدل } أي لا مبدل له سواه ، ألا ترى إلى قوله { وإذا بدلنا آية مكان آية } [ النحل : 101 ] وإما في كلماته أي { لكلماته } المتضمنة الخبر لأن ما تضمن غير الخبر وقع النسخ في بعضه ، وفي أمره تعالى أن يتلو ما أوحي إليه وإخباره أنه لا مبدّل { لكلماته } إشارة إلى تبديل المتنازعين في أهل الكهف ، وتحريف أخبارهم والملتحد الملتجأ الذي تميل إليه وتعدل .