Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 160-175)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أتأتون } : استفهام إنكار وتقريع وتوبيخ ؛ { والذكران } : جمع ذكر ، مقابل الأنثى . والإتيان : كناية عن وطء الرجال ، وقد سماه تعالى بالفاحشة فقال : { أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين } [ الأعراف : 80 ] هو مخصوص بذكران بني آدم . وقيل : مخصوص بالغرباء . { وتذرون ما خلق } : ظاهر في كونهم لا يأتون النساء ، إما البتة ، وإما غلبة . { ما خلق لكم ربكم } : يدل على الإباحة بشرطها . { من أزواجكم } : أي من الإناث . ومن إما للتبيين لقوله : { ما خلق } ، وإما للتبعيض : أي العضو المخلوق للوطء ، وهو الفرج ، وهو على حذف مضاف ، أي وتذرون إتيان . فإن كان ما خلق لا يراد به العضو ، فلا بد من تقدير مضاف آخر ، أي وتذرون إتيان فروج ما خلق . { بل أنتم قوم عادون } : أي متجاوزون الحد في الظلم ، وهو إضراب بمعنى الانتقال من شيء إلى شيء ، لا أنه إبطال لما سبق من الإنكار عليهم وتقبيح أفعالهم واعتداؤهم ؛ إما في المعاصي التي هذه المعصية من جملتها ، أو من حيث ارتكاب هذه الفعلة الشنيعة . وجاء تصدير الجملة بضمير الخطاب تعظيماً لقبح فعلهم وتنبيهاً على أنهم هم مختصون بذلك ، كما تقول : أنت فعلت كذا ، أي لا غيرك . ولما نهاهم عن هذا الفعل القبيح توعدوه بالإخراج ، وهو النفي من بلده الذي نشأ فيه ، أي : { لئن لم تنته } عن دعواك النبوة ، وعن الإنكار علينا فيما نأتيه من الذكران ، لننفينك كما نفينا من نهانا قبلك . ودل قوله : { من المخرجين } على أنه سبق من نهاهم عن ذلك ، فنفوه بسبب النهي ، أو من المخرجين بسبب غير هذا السبب ، كأنه من خالفهم في شيء نفوه ، سواء كان الخلاف في هذا الفعل الخاص ، أم في غيره . { قال إني لعملكم } : أي للفاحشة التي أنتم تعملونها . ولعملكم يتعلق إما بالقالين ، وإن كان فيه أل ، لأنه يسوغ في المجرورات والظروف ما لا يسوغ في غيرها ، لاتساع العرب في تقديمها ، حيث لا يتقدم غيرها ؛ وإما بمحذوف دل عليه القالين تقديره : إني قال لعملكم ؛ وإما أن تكون للتبيين ، أي لعملكم ، أعني من القالين . وكونه بعض القالين يدل على أنه يبغض هذا الفعل ناس غيره هو بعضهم ، ونبه ذلك على أن هذا الفعل موجب للبغض حتى يبغضه الناس . ومن القالين أبلغ من قال لما ذكرنا من أن الناس يبغضونه ، ولتضمنه أنه معدود ممن يبغضه . ألا ترى إن قولك : زيد من العلماء ، أبلغ من : زيد عالم ، لأن في ذلك شهادة بأنه معدود في زمرتهم . وقال أبو عبد الله الرازي : القلى : البغض الشديد ، كأنه بغض فقلي الفؤاد والكبد . انتهى . ولا يكون قلى بمعنى أبغض . وقلا من الطبخ ؛ والشيء من مادّة واحدة لاختلاف التركيب . فمادة قلا من الشيّ من ذوات الواو ، وتقول : قلوت اللحم فهو مقلو . ومادّة قلى من البغض من ذوات الياء ، قليت الرجل ، فهو مقلي . قال الشاعر : @ ولست بمقلـي الخـلال ولا قـال @@ ولما توعدوه بالإخراج ، أخبرهم ببغض عملهم ، ثم دعا ربه فقال : { رب نجني وأهلي مما يعملون } : أي من عقوبة ما يعملون من المعاصي . ويحتمل أن يكون دعاء لأهله بالعصمة من أن يقع واحد منهم في مثل فعل قومه . ودل دعاؤه بالتنجية لأهله على أنهم كانوا مؤمنين . ولما كانت زوجته مندرجة في الأهل ، وكان ظاهر دعائه دخولها في التنجية ، وكانت كافرة استثنيت في قوله : { فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزاً في الغابرين } ، ودل قوله : عجوزاً ، على أنها قد عسيت في الكفر ودامت فيه إلى أن صارت عجوزاً . ومن الغابرين صفة ، أي من الباقين من لداتها وأهل بيتها ، قاله أبو عبيدة . وقال قتادة : من الباقين في العذاب النازل بهم . وتقدّم القول في غبر ، وأنه يستعمل بمعنى بقي ، وهو المشهور ، وبمعنى مضى . ونجاته عليه السلام أن أمره تعالى بالرّحلة ليلاً ، وكانت امرأته كافرة تعين عليه قومه ، فأصابها حجر ، فهلكت فيمن هلك . قال قتادة : أمطر الله على شذاذ القوم حجارة من السماء فأهلكهم . وقال قتادة : أتبع الائتفاك مطراً من الحجارة . وساء : بمعنى بئس ، والمخصوص بالذم محذوف ، أي مطرهم . وقال مقاتل : خسف الله بقوم لوط ، وأرسل الحجارة إلى من كان خارجاً من القربة ، ولم يكن فيها مؤمن إلا بيت لوط .