Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 1-18)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه السورة مكية ، وقال مقاتل : إلا قوله : { وَسْئَلْ من أرسلنا مِن قبلك من رسلنا } [ الزخرف : 45 ] . وقال ابن عطية : بإجماع أهل العلم . { إنا جعلناه } ، أي صيرناه ، أو سميناه ؛ وهو جواب القسم ، وهو من الأقسام الحسنة لتناسب القسم والمقسم عليه ، وكونهما من واد واحد ، ونظيره قول أبي تمام : @ وثنـايـاك أنهـا أغـريـض @@ وقيل : والكتاب أريد به الكتب المنزلة ، والضمير في جعلناه يعود على القرآن ، وإن لم يتقدم له صريح الذكر لدلالة المعنى عليه . وقال الزمخشري : جعلناه ، بمعنى صيرناه ، معدى إلى مفعولين ، أو بمعنى خلقناه معدى إلى واحد ، كقوله : { وجعل الظلمات والنور } [ الأَنعام : 1 ] . { وقرآناً عربياً } : حال . ولعل : مستعارة لمعنى الإرداة ، لتلاحظ معناها ومعنى الترجي ، أي خلقناه عربياً غير عجمي . أراد أن تعقله العرب ، ولئلا يقولوا : { لولا فصلت آياته } [ فصلت : 44 ] . انتهى ، وهو على طريقة الاعتزال في كون القرآن مخلوقاً . و { أم الكتاب } : اللوح المحفوظ ، لأنه الأصل الذي أثبتت فيه الكتب ، وهذا فيه تشريف للقرآن ، وترفيع بكونه . لديه علياً : على جميع الكتب ، وعالياً عن وجوه الفساد . حكيماً : أي حاكماً على سائر الكتب ، أو محكماً بكونه في غاية البلاغة والفصاحة وصحة المعاني . قال قتادة وعكرمة والسدي : اللوح المحفوظ : القرآن فيه بأجمعه منسوخ ، ومنه كان جبريل ينزل . وقيل : أم الكتاب : الآيات المحكمات ، لقوله : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب } [ آل عمران : 7 ] ، ومعناه : أن سورة حم واقعة في الآيات المحكمات التي هي الأم . وقرأ الجمهور : في أم ، بضم الهمزة ، والإخوان بكسرها ، وعزاها ابن عطية يوسف بن عمرو إلى العراق ، ولم يعزها للإخوان عقلة منه . يقال : ضرب عن كذا ، وأضرب عنه ، إذا أعرض عنه . والذكر ، قال الضحاك وأبو صالح : القرآن ، أي افترائي عنكم القرآن . وقولهم : ضرب الغرائب عن الحوض ، إذا أدارها ونحاها ، وقال الشاعر : @ اضرب عنك الهموم طارقها ضربك بالسيف قونس الفرس @@ وقيل : الذكر : الدعاء إلى الله والتخويف من عقابه . قال الزمخشري : والفاء للعطف على محذوف تقديره : أنهملكم فنضرب عنكم الذكر إنكاراً ؟ لأن يكون الأمر على خلاف ما قدم من إنزاله الكتاب وخلقه قرآناً عربياً لتعقلوه وتعملوا بموجبه . انتهى . وتقدم الكلام معه في تقديره فعلاً بين الهمزة والفاء في نحو : { أفلم يسيروا } [ غافر : 82 ] { أفلا تعقلون } [ الصافات : 138 ] وبينها وبين الواو في نحو : { أولم يسيروا } [ الروم : 9 ] كما وأن المذهب الصحيح قول سيبويه والنحويين : أن الفاء والواو منوي بهما التقديم لعطف ما بعدهما على ما قبلهما ، وأن الهمزة تقدمت لكون الاستفهام له صدر الكلام ، ولا خلاف بين الهمزة والحرف ، وقد رددنا عليه قوله : وقال ابن عباس ومجاهد : المعنى : أفنترك تذكيركم وتخويفكم عفواً عنكم وعفواً عن إجرامكم ؟ أن كنتم أو من أجل أن كنتم قوماً مسرفين ؟ أي هذا لا يصلح . ونحا قتادة إلى أن المعنى صفحاً ، أي معفوا عنه ، أي نتركه . ثم لا تؤاخذون بقوله ولا بتدبره ، ولا تنبهون عليه . وهذا المعنى نظير قول الشاعر : @ ثم الصبا صفحاً بساكن ذي الفضا وبصدع قلبي أن يهب هبوبها @@ وقول كثير : @ صفوحاً فما تلقاك إلا بخيلة فمن مل منها ذلك الوصل ملت @@ وقال ابن عباس : المعنى : أفحسبتم أن نصفح عنكم ولما تفعلوا ما أمرتم به ؟ وقال الكلبي : أن نترككم هملاً بلا أمر ولا نهي ؟ وقال مجاهد أيضاً : أن لا نعاقبكم بالتكذيب ؟ وقيل : أن نترك الإنزال للقرآن من أجل تكذيبهم ؟ وقرأ حسان بن عبد الرحمن الضبغي ، والسميط بن عمير ، وشميل بن عذرة : بضم الصاد ، والجمهور : بفتحها ، وهما لغتان ، كالسد والسد . وانتصاب صفحاً على أنه مصدر من معنى أفنضرب ، لأن معناه : أفنصفح ؟ أو مصدر في موضع الحال ، أي صافحين ، قالهما الحوفي ، وتبعه أبو البقاء . وقال الزمخشري : وصفحاً على وجهين : إما مصدر من صفح عنه ، إذا أعرض منتصباً على أنه مفعول له على معنى : أفنعزل عنكم إنزال القرآن وإلزام الحجة به إعراضاً عنكم ؟ وإما بمعنى الجانب من قولهم : نظر إليه بصفح وجهه . وصفح وجهه على معنى : أفننحيه عنكم جانباً ؟ فينصب على الظرف ، كما تقول : ضعه جانباً ، وامش جانباً . وتعضده قراءة من قرأ صفحاً بالضم . وفي هذه القراءة وجه آخر ، وهو أن يكون تخفيف صفح جمع صفوح ، وينتصب على الحال ، أي صافحين معرضين . وقال ابن عطية : صفحاً ، انتصابه كانتصاب صنع الله . انتهى . يعني أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة السابقة ، فيكون العامل فيه محذوفاً ، ولا يظهر هذا الذي قاله ، فليس انتصابه انتصاب صنع الله . وقرأ نافع والإخوان : بكسر الهمزة ، وإسرافهم كان متحققاً . فكيف دخلت عليه إن الشرطية التي لا تدخل إلا على غير المتحقق ، أو على المتحقق الذي أنبهم زمانه ؟ قال الزمخشري : هو من الشرط الذي ذكرت أنه يصدر عن المدل بصحة الأمر المتحقق لثبوته ، كما يقول الأجير : إن كنت عملت لك فوفني حقي ، وهو عالم بذلك ، ولكنه يخيل في كلامه أن تفريطك في الخروج عن الحق فعل من له شك في الاستحقاق ، مع وضوحه ، استجهالاً له . وقرأ الجمهور : أن بفتح الهمزة ، أي من أجل أن كنتم . قال الشاعر : @ أتجـزع أن بـان الخـليط المـودع @@ وقرأ زيد بن علي : إذ كنتم ، بذال مكان النون ، لما ذكر خطاباً لقريش ، { أفنضرب عنكم الذكر } ؟ وكان هذا الإنكار دليلاً على تكذيبهم للرسول ، وإنكاراً لما جاء به . آنسه تعالى بأن عادتهم عادة الأمم السابقة من استهزائهم بالرسل ، وأنه تعالى أهلك من كان أشد بطشاً من قريش ، أي أكثر عدَداً وعُدداً وجلداً . { ومضى مثل الأولين } : أي فليحذر قريش أن يحل بهم مثل ما حل بالأولين مكذبي الرسل من العقوبة . قال معناه قتادة : وهي العقوبة التي سارت سير المثل ، وقيل : مثل الأولين في الكفر والتكذيب ، وقريش سلكت مسلكها ، وكان مقبلاً عليهم بالخطاب في قوله : { أفنضرب عنكم } ؟ فأعرض عنهم إلى إخبار الغائب في قوله : { فأهلكنا أشد منهم بطشاً } . { ولئن سألتهم } : احتجاج على قريش بما يوجب التناقض ، وهو إقرارهم بأن موجد العالم العلوي والسفلي هو الله ، ثم هم يتخذون أصناماً آلهة من دون الله يعبدونهم ويعظمونهم . قال ابن عطية : ومقتضى الجواب أن يقولوا خلقهن الله ، فلما ذكر تعالى المعنى ، جاءت العبارة عن الله تعالى بالعزيز العليم ، ليكون ذلك توطئة لما عدد من أوصافه الذي ابتدأ الإخبار بها ، وقطعها من الكلام الذي حكى معناه عن قريش . انتهى . وقال الزمخشري : لينسبن خلقها إلى الذي هذه أوصافه ، وليسندنه إليه . انتهى . والظاهر أن : { خلقهن العزيز العليم } نفس المحكى من كلامهم ، ولا يدل كونهم ذكروا في مكان خلقهن الله ، أن لا يقولوا في سؤال آخر : { خلقهن العزيز العليم } . و { الذي جعل لكم } : من كلام الله ، خطاباً لهم بتذكير نعمه السابقة . وكرر الفعل في الجواب في قوله : { خلقهن العزيز العليم } ، مبالغة في التوكيد . وفي غير ما سؤال ، اقتصروا على ذكر اسم الله ، إذ هو العلم الجامع للصفات العلا ، وجاء الجواب مطابقاً للسؤال من حيث المعنى ، لا من حيث اللفظ ، لأن من مبتدأ . فلو طابق في اللفظ ، كان بالاسم مبتدأ ، ولم يكن بالفعل . { لعلكم تهتدون } : أي إلى مقاصدكم في السفر ، أو تهتدون بالنظر والاعتبار . بقدر : أي بقضاء وحتم في الأزل ، أو بكفاية ، لا كثيراً فيفسد ، ولا قليلاً فلا يجدي . { فأنشرنا } : أحيينا به . { بلدة ميتاً } : ذكر على معنى القطر ، وبلدة اسم جنس . وقرأ أبو جعفر وعيسى : ميتاً بالتشديد . وقرأ الجمهور : تخرجون : مبنياً للمفعول ؛ وابن وثاب ، وعبد الله بن جبير المصبح ، وعيسى ، وابن عامر ، والإخوان : مبنياً للفاعل . و { الأزواج } : الأنواع من كل شيء . قيل : وكل ما سوى الله فهو زوج ، كفوق ، وتحت ، ويمين ، وشمال ، وقدام ، وخلف ، وماض ، ومستقبل ، وذوات ، وصفات ، وصيف ، وشتاء ، وربيع ، وخريف ؛ وكونها أزواجاً تدل على أنها ممكنة الوجود ، ويدل على أن محدثها فرد ، وهو الله المنزه عن الضد والمقابل والمعارض . انتهى . { والأنعام } : المعهود أنه لا يركب من الأنعام إلا الإبل . ما : موصولة والعائد محذوف ، أي ما يركبونه . وركب بالنسبة للعلل ، ويتعدى بنفسه على المتعدي بوساطة في ، إذ التقدير ما يركبونه . واللام في لتستووا : الظاهر أنها لام كي . وقال الحوفي : ومن أثبت لام الصيرورة جاز له أن يقول به هنا . وقال ابن عطية : لام الأمر ، وفيه بعد من حيث استعمال أمر المخاطب بتاء الخطاب ، وهو من القلة بحيث ينبغي أن لا يقاس عليه . فالفصيح المستعمل : اضرب ، وقيل : لتضرب ، بل نص النحويون على أنها لغة رديئة قليلة ، إذ لا تكاد تحفظ إلا قراءة شاذة ؛ فبذلك فلتفرحوا بالتاء للخطاب . وما آثر المحدثون " من قوله عليه الصلاة والسلام : لتأخذوا مصافاكم " ، مع احتمال أن الراوي روى بالمعنى ، وقول الشاعر : @ لتقم أنت يا ابن خير قريش فتقضي حوائج المسلمينا @@ وزعم الزجاج أنها لغة جيدة ، وذلك خلاف ما زعم النحويون . والضمير في ظهوره عائد على ما ، كأنه قال : على ظهور ما تركبون ، قاله أبو عبيدة ؛ فلذلك حسن الجمع ، لأن مآلها لفظ ومعنى . فمن جمع ، فباعتبار المعنى ؛ ومن أفرد فباعتبار اللفظ ، ويعني : { من الفلك والأنعام } . وقال الفراء نحواً منه ، قال : أضاف الظهور ، { ثم تذكروا } ، أي في قلوبكم ، { نعمة ربكم } ، معترفين بها مستعظمين لها . لا يريد الذكر باللسان بل بالقلب ، ولذلك قابله بقوله : { وتقولوا سبحان الذين سخر لنا هذا } ، أي تنزهوا الله بصريح القول . وجاء في الحديث : " أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا وضع رجله في الركاب قال : بسم الله ، فإذا استوى على الدابة قال : الحمد لله على كل حال ، سبحان الذي سخر لنا هذا ، إلى قوله لمنقلبون ، وكبر ثلاثاً وهلل ثلاثاً ، وقالوا : إذا ركب في السفينة قال : { بسم الله مجراها ومرساها } إلى رحيم ، ويقال عند النزول منها : اللهم أنزلنا منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين " والقرن : الغالب الضابط المطيق للشيء ، يقال : أقرن الشيء ، إذا أطاقه . قال ابن هرمة : @ وأقرنت ما حملتني ولقلما يطاق احتمال الصدياد عدو الهجر @@ وحقيقة أقرنه : وجده ، قرينته وما يقرن به : لأن الصعب لا يكون قرينة للضعف . قال الشاعر : @ وابن اللبون إذا ما لذ في قرن لم يستطع صولة البذل القناعيس @@ والقرن : الحبل الذي يقرن به . وقال أبو عبيد : فلان مقرن لفلان ، أي ضابط له ، والمعنى : أنه ليس لنا من القوة ما نضبط به الدابة والفلك ، وإنما الله الذي سخرها . وأنشد قطرب لعمرو بن معد يكرب : @ لقد علم القبائل ما عقيل لنا في النائبات بمقرنينا @@ وقرىء : لمقترنين ، اسم فاعل من اقترن . { وإنا إلى ربنا لمنقلبون } : أي راجعون ، وهو إقرار بالرجوع إلى الله ، وبالبعث ، لأن الراكب في مظنة الهلاك بالغرق إذا ركب الفلك ، وبعثور الدابة ، إذ ركوبها أمر فيه خطر ، ولا تؤمن السلامة فيه . فقوله هذا تذكير بأنه مستشعر الصيرورة إلى الله ، ومستعد للقائه ، فهو لا يترك ذلك من قلبه ولا لسانه . { وجعلوا له } : أي وجعل كفار قريش والعرب له ، أي لله . من عباده : أي ممن هم عبيد الله . جزءاً ، قال مجاهد : نصيباً وحظاً ، وهو قول العرب : الملائكة بنات الله . وقال قتادة جزءاً ، أي نداً ، وذلك هو الأصنام وفرعون ومن عبد من دون الله . وقيل : الجزء : الإناث . قال بعض اللغويين : يقال أجزأت المرأة ، إذا ولدت أنثى . قال الشاعر : @ إن أجزأت حرة يوماً فلا عجب قد تجزىء الحرة المذكار أحيانا @@ قيل : هذا البيت مصنوع ، وكذا قوله : @ زوجهـا مـن بنـات الأوس مـجزئـة @@ ولما تقدم أنهم معترفون بأنه تعالى هو خالق العالم ، أنكر عليهم جعلهم لله جزءاً ، وقد اعترفوا بأنه هو الخالق ، فكيف وصفوه بصفة المخلوق ؟ { إن الإنسان لكفور } نعمة خالقه . { مبين } : مظهر لجحوده . والمراد بالإنسان : من جعل لله جزءاً ، وغيرهم من الكفرة . قال ابن عطية : ومبين في هذا الموضع غير متعد . انتهى . وليس يتعين ما ذكر ، بل يجوز أن يكون معناه ظاهراً لكفران النعم ومظهراً لجحوده ، كما قلنا . { أم اتخذ مما يخلق بنات } ؟ استفهام إنكار وتوبيخ لقلة عقولهم ؟ كيف زعموا أنه تعالى اتخذ لنفسه ما أنتم تكرهونه حين أنتم تسود وجوهكم عند التبشير بهن وتئدونهن ؟ { وأصفاكم } : جعل لكم صفوة ما هو محبوب ، وذلك البنون . وقوله : { مما يخلق } ، تنبيه على استحالة الولد ، ذكراً كان أو أنثى ، وإن فرض اتخاذ الولد ، فكيف يختار له الأدنى ويخصكم بالأعلى ؟ وقدم البنات ، لأنه المنكر عليهم لنسبتهن إلى الله ، وعرف البنين دون البنات تشريفاً لهم على البنات . { وإذا بشر أحدهم } : تقدم تفسير نظيرها في سورة النحل . { أو من ينشؤا في الحلية } : أي ينتقل في عمره حالاً فحالاً في الحلية ، وهو الحلي الذي لا يليق إلا بالإناث دون الفحول ، لنزينهن بذلك لأزواجهن ، وهو إن خاصم ، لا يبين لضعف العقل ونقص التدبر والتأمل ، أظهر بهذا لحقوقهن وشفوف البنين عليهن . وكان في ذلك إشارة إلى أن الرجل لا يناسب له التزين كالمرأة ، وأن يكون مخشوشناً . والفحل من الرجال أبى أن يكون متصفاً بصفات النساء ، والظاهر أنه أراد بمن ينشؤا في الحلية : النساء . وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي : ويدل عليه قوله : { وهو في الخصام غير مبين } : أي لا يظهر حجة ، ولا يقيم دليلاً ، ولا يكشف عما في نفسه كشفاً واضحاً . ويقال : قلما تجد امرأة لا تفسد الكلام ، وتخلط المعاني ، حتى ذكر عن بعض الناس أنه قال : إذا دخلنا على فلانة ، لا نخرج حتى نعلم أن عقلها عقل امرأة . وقال ابن زيد : المراد بمن ينشؤا في الحلية : الأصنام ، وكانوا يتخذون كثيراً منها من الذهب والفضة ، ويجعلون الحلى على كثيرة منها ، ويبعد هذا القول قوله : { وهو في الخصام غير مبين } ، إلا إن أريد بنفي الإبانة نفي الخصام أي لا يكون منها خصام فإنه كقوله : @ عـلى لاحـب لا يـهتدى بمنـاره @@ أي : لا منار له فيهتدى به . ومن : في موضع نصب ، أي وجعلوا من ينشأ . ويجوز أن يكون في موضع رفع على الابتداء ، أي من ينشأ جعلوه لله . وقرأ الجمهور : ينشأ مبنياً للفاعل ، والجحدري في قول : مبنياً للمفعول مخففاً ، وابن عباس وزيد بن علي والحسن ومجاهد والجحدري : في رواية ، والإخوان وحفص والمفضل وإبان وابن مقسم وهارون ، عن أبي عمرو : مبنياً للمفعول مشدداً ، والحسن : في رواية يناشؤ على وزن يفاعل مبنياً للمفعول ، والمناشأة بمعنى الإنشاء ، كالمعالاة بمعنى الإعلاء . { وفي الخصام } : متعلق بمحذوف تفسيره غير مبين ، أي وهو لا يبين في الخصام . ومن أجاز أما زيداً ، غير ضارب بأعمال المضاف إليه في غير أجاز أن يتعلق بمبين ، أجرى غير مجرى لا . وبتقديم معمول أما بعد لا مختلف فيه ، وقد ذكر ذلك في النحو .