Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 1-17)
Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذه السورة مكية ، قال ابن عطية : بلا خلاف ، وذكر الماوردي : إلا { قل للذين آمنوا يغفروا } الآية ، فمدنية نزلت في عمر بن الخطاب . قال ابن عباس ، وقتادة ، وقال النحاس ، والمهدوي ، عن ابن عباس : نزلت في عمر : شتمه مشرك بمكة قبل الهجرة ، فأراد أن يبطش به ، فنزلت . ومناسبة أولها لآخر ما قبلها في غاية الوضوح . قال : { فإنما يسرناه بلسانك } [ الدخان : 58 ] ، وقال : { حم تنزيل الكتاب } ، وتقدم الكلام على { تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم } [ الزمر : 1 ] ، أول الزمر . وقال أبو عبد الله الرازي : وقوله : { العزيز الحكيم } ، يجوز جعله صفة لله ، فيكون ذلك حقيقة ؛ { وإن جعلناه } صفة للكتاب ، كان ذلك مجازاً ؛ والحقيقة أولى من المجاز ، مع أن زيادة القرب توجب الرجحان . انتهى . وهذا الذي ردّد في قوله : { وإن جعلناه } صفة للكتاب لا يجوز . لو كان صفة للكتاب لوليه ، فكان يكون التركيب : تنزيل الكتاب العزيز الحكيم من الله ، لأن من الله ، إما أن يكون متعلقاً بتنزيل ، وتنزيل خبر لحم ، أو لمبتدأ محذوف ، فلا يجوز الفصل به بين الصفة والموصوف ، لا يجوز أعجبني ضرب زيد سوط الفاضل ؛ أو في موضع الخبر ، وتنزيل مبتدأ ، فلا يجوز الفصل بين الصفة والموصوف أيضاً ، لا يجوز ضرب زيد شديد الفاضل ، والتركيب الصحيح في نحو هذا أن يلي الصفة موصوفها . { إن في السموات والأرض } ، احتمل أن يريد : في خلق السموات ، كقوله : { وفي خلقكم } ، والظاهر أنه لا يراد التخصيص بالخلق ، بل في السموات والأرض على الإطلاق والعموم ، أي في أي شيء نظرت منهما من خلق وغيره ، من تسخير وتنوير وغيرهما ، { لآيات } : لم يأت بالآيات مفصلة ، بل أتى بها مجملة ، إحالة على غوامض يثيرها الفكر ويخبر بكثير منها الشرع . وجعلها { للمؤمنين } ، إذ في ضمن الإيمان العقل والتصديق . { وما يبث من دابة } ، أي في غير جنسكم ، وهو معطوف على : { خلقكم } . ومن أجاز العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض ، أجاز في { وما يبث } أن يكون معطوفاً على الضمير { وفي خلقكم } ، وهو مذهب الكوفيين ، ويونس ، والأخفش ؛ وهو الصحيح ، واختاره الأستاذ أبو علي الشلوبين . وقال الزمخشري : يقبح العطف عليه ، وهذا تفريع على مذهب سيبويه وجمهور البصريين ، قال : وكذلك أن أكدوه كرهوا أن يقولوا : مررت بك أنت وزيد . انتهى . وهذا يجيزه الجرمي والزيباري في الكلام ، وقال : { لقوم يوقنون } : وهم الذين لهم نظر يؤديهم إلى اليقين . { واختلاف الليل والنهار } : تقدم الكلام على نظيره في سورة البقرة . وقرأ الجمهور : آيات ، جمعاً بالرفع فيهما ؛ والأعمش ، والجحدري ، وحمزة ، والكسائي ، ويعقوب : بالنصب فيهما ؛ وزيد بن علي ؛ برفعهما على التوحيد . وقرأ أبي ، وعبد الله : لآيات فيهما ، كالأولى . فأما : { آيات لقوم يعقلون } رفعاً ونصباً ، فاستدل به وشبهه مما جاء في كلام الأخفش ، ومن أخذ بمذهبه على عطف معمولي عاملين بالواو ، وهي مسألة فيها أربعة مذاهب ، ذكرناها في ( كتاب التذييل والتكميل لشرح التسهيل ) . فأما ما يخص هذه الآية ، فمن نصب آيات بالواو عطفت ، واختلاف على المجرور بفي قبله وهو : { وفي خلقكم وما يبث } ، وعطف آيات على آيات ، ومن رفع فكذلك ، والعاملان أولاهما إن وفي ، وثانيهما الابتداء وفي . وقال الزمخشري : أقيمت الواو مقامهما ، فعملت الجر ، واختلاف الليل والنهار والنصب في آيات ، وإذا رفعت والعاملان الابتداء ، وفي عملت الرفع للواو ليس بصحيح ، لأن الصحيح من المذاهب أن حرف العطف لا يعمل ؛ ومن منع العطف على مذهب الأخفش ، أضمر حرف الجر فقدر . وفي اختلاف ، فالعمل للحرف مضمراً ، ونابت الواو مناب عامل واحد ؛ ويدل على أن في مقدرة قراءة عبد الله : وفي اختلاف ، مصرحاً وحسن حذف في تقدمها في قوله : { وفي خلقكم } ؛ وخرج أيضاً النصب في آيات على التوكيد لآيات المتقدمة ، ولإضمار حرف في وقرىء واختلاف بالرفع على خبر مبتدأ محذوف ، أي هي آيات ولإضمار حرف أيضاً . وقرأ : واختلاف الليل والنهار آية بالرفع في اختلاف ، وفي آية موحدة ؛ وكذلك { وما يبث من دابة } . وقرأ زيد بن علي ، وطلحة ، وعيسى : { وتصريف الرياح } . وقال الزمخشري : والمعنى أن المنصفين من العباد ، إذا نظروا في السموات والأرض النظر الصحيح ، علموا أنها مصنوعة ، وأنه لا بد لها من صانع ، فآمنوا بالله وأقروا . فإذا نظروا في خلق أنفسهم وتنقلها من حال إلى حال وهيئة إلى هيئة ، في خلق ما على ظهر الأرض من صنوف الحيوان ، ازدادوا إيماناً وأيقنوا وانتفى عنهم اللبس . فإذا نظروا في سائر الحوادث التي تتجدد في كل وقت ، كاختلاف الليل والنهار ، ونزول الأمطار ، وحياة الأرض بها بعد موتها ، وتصريف الرياح جنوباً وشمالاً وقبولاً ودبوراً ، عقلوا واستحكم علمهم وخلص يقينهم . وقال أبو عبد الله الرازي : ذكر في البقرة ثمانية دلائل ، وهنا ستة ؛ لم يذكر الفلك والسحاب ، والسبب في ذلك أن مدار الحركة للفلك والسحاب على الرياح المختلفة ، فذكر الرياح ؛ وهناك جعل مقطع الثمانية واحداً ، وهنا رتبها على مقاطع ثلاثة : يؤمنون ، يوقنون ، يعقلون . قال : وأظن سبب هذا الترتيب : { إن كنتم مؤمنين } [ البقرة : 91 ] ، فافهموا هذه الدلائل ؛ فإن لم تكونوا مؤمنين ولا موقنين ، فلا أقل أن تكونوا من العاقلين ، فاجتهدوا . وقال هناك : { إن في خلق السماوات } [ البقرة : 164 ] ، وهنا : { في السماوات } ، فدل على أن الخلق غير المخلوق ، وهو الصحيح عند أصحابنا ، ولا تفارق بين أن يقال : في السموات ، وفي خلق السموات . انتهى ، وفيه تلخيص وتقديم وتأخير . { تلك آيات الله } : أي تلك الآيات ، وهي الدلائل المذكورة ؛ { نتلوها } : أي نسردها عليك ملتبسة بالحق ، ونتلوها في موضع الحال ، أي متلوة . قال الزمخشري : والعامل ما دل عليه تلك من معنى الإشارة ونحوه ، وهذا بعلى شيخاً . انتهى ، وليس نحوه ، لأن في وهذا حرف تنبيه . وقيل : العامل في الحال ما دل عليه حرف التنبيه ، أي تنبه . وأما تلك ، فليس فيها حرف تنبيه عاملاً بما فيه من معنى التنبيه ، لأن الحرف قد يعمل في الحال : تنبه لزيد في حال شيخه وفي حال قيامه . وقيل : العامل في مثل هذا التركيب فعل محذوف يدل عليه المعنى ، أي انظر إليه في حال شيخه ، فلا يكون اسم الإشارة عاملاً ولا حرف التنبيه ، إن كان هناك . وقال ابن عطية : نتلوها ، فيه حذف مضاف ، أي نتلو شأنها وشرح العبرة بها . ويحتمل أن يريد بآيات الله القرآن المنزل في هذه المعاني ، فلا يكون في نتلوها حذف مضاف . انتهى . ونتلوها معناه : يأمر الملك أن نتلوها . وقرىء : يتلوها ، بياء الغيبة ، عائداً على الله ؛ وبالحق : بالصدق ، لأن صحتها معلومة بالدلائل العقلية . { فبأي حديث } الآية ، فيه تقريع وتوبيخ وتهديد ؛ { بعد الله } : أي بعد حديث الله ، وهو كتابه وكلامه ، كقوله : { الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً } [ الزمر : 23 ] ؛ وقال : { فبأي حديث بعده يؤمنون } [ المرسلات : 50 ] ؛ أي بعد حديث الله وكلامه . وقال الضحاك : بعد توحيد الله . وقال الزمخشري : بعد الله وآياته ، أي بعد آيات الله ، كقولهم : أعجبني زيد وكرمه ، يريدون : أعجبني كرم زيد . انتهى . وهذا ليس بشيء ، لأن فيه من حيث المعنى إقحام الأسماء من غير ضرورة ؛ والعطف والمراد غير العطف من إخراجه إلى باب البدل ، لأن تقدير كرم زيد إنما يكون في : أعجبني زيد كرمه ، بغير واو على البدل ؛ وهذا قلب لحقائق النحو . وإنما المعنى في : أعجبني زيد وكرمه ، أن ذات زيد أعجبته ، وأعجبه كرمه ؛ فهما إعجابان لا إعجاب واحد ، وقد رددنا عليه مثل قوله هذا فيما تقدم . وقرأ أبو جعفر ، والأعرج ، وشيبة ، وقتادة ، والحرميان ، وأبو عمرو ، وعاصم في رواية : يؤمنون ، بالياء من تحت ؛ والأعمش ، وباقي السبعة : بتاء الخطاب ؛ وطلحة : توقنون بالتاء من فوق ، والقاف من الإيقان . { ويل لكل أفاك أثيم } ، قيل : نزلت في أبي جهل ؛ وقيل : في النضر بن الحارث وما كان يشتري من أحاديث الأعاجم ويشغل بها الناس عن استماع القرآن . والآية عامة فيمن كان مضاراً لدين الله ؛ وأفاك أثيم ، صفتا مبالغة ؛ وألفاظ هذه الآية تقدم الكلام عليها . وقرأ الجمهور : علم ؛ وقتادة ومطر الوراق : بضم العين وشد اللام ؛ مبنياً للمفعول ، أي عرف . وقال الزمخشري : فإن قلت : ما معنى : ثم ، في قوله : { ثم يصر مستكبراً } ؟ قلت : كمعناه في قول القائل : @ يـرى غمـرات المـوت ثـم يـزورهـا @@ وذلك بأن غمرات الموت حقيقة بأن ينجو رائيها بنفسه ويطلب الفرار منها ، وأما زيارتها والإقدام على مزاولتها ، فأمر مستبعد . فمعنى ثم : الإيذان بأن فعل المقدم عليها ، بعدما رآها وعاينها ، شيء يستبعد في العادة والطباع ، وكذلك آيات الله الواضحة القاطعة بالحق ، من تليت عليه وسمعها ، كان مستبعداً في العقول إصراره على الضلالة عندها واستكباره عن الإيمان بها . { اتخذها هزواً } ، ولم يقل : اتخذه ، إشعاراً بأنه إذا أحس بشيء من الكلام أنه من جملة الآيات التي أنزلها الله على محمد صلى الله عليه وسلم ، خاض في الاستهزاء بجميع الآيات ، ولم يقتصر على الاستهزاء بما بلغه . وقال الزمخشري : ويحتمل { وإذا علم من آياتنا شيئاً } ، يمكن أن يتشبث به المعاند ويجعله محملاً يتسلق به على الطعن والغميزة ، افترصه واتخذ آيات الله هزواً ، وذلك نحو افتراص ابن الزبعري قوله عز وجل : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم } [ الأَنبياء : 98 ] ، ومغالطته رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله : خصمتك ؛ ويجوز أن يرجع الضمير إلى شيء ، لأنه في معنى الآية كقول أبي العتاهية : @ نفسي بشيء من الدنيا معلقة الله والقائم المهدي يكفيها @@ حيث أراد عتبة . انتهى . وعتبة جارية كان أبو العتاهية يهواها وينتسب بها . والإشارة بأولئك إلى كل أفاك ، لشموله الأفاكين . حمل أولاً على لفظ كل ، وأفرد على المعنى فجمع ، كقوله : { كل حزب بما لديهم فرحون } [ المؤمنون : 53 ] . { من ورائهم جهنم } : أي من قدامهم ، والوراء : ما توارى من خلف وأمام . { ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئاً } من الأموال في متاجرهم ، { ولا ما اتخذوا من دون الله } من الأوثان . { هذا } ، أي القرآن ، { هدًى } ، أي بالغ في الهداية ، كقولك : هذا رجل ، أي كامل في الرجولية . قرأ طلحة ، وابن محيصن ، وأهل مكة ، وابن كثير ، وحفص : { أليم } ، بالرفع نعتاً لعذاب ؛ والحسن ، وأبو جعفر ، وشيبة ، وعيسى ، والأعمش ، وباقي السبعة : بالجر نعتاً لرجز . { الله الذي سخر } الآية : آية اعتبار في تسخير هذا المخلوق العظيم ، والسفن الجارية فيه بهذا المخلوق الحقير ، وهو الإنسان . { بأمره } : أي بقدرته . أناب الأمر مناب القدرة ، كأنه يأمر السفن أن تجري . { من فضله } بالتجارة وبالغوص على اللؤلؤ والمرجان ، واستخراج اللحم الطري . { ما في السموات } من الشمس والقمر والنجوم والسحاب والرياح والهواء ، والأملاك الموكلة بهذا كله . { وما في الأرض } من البهائم والمياه والجبال والنبات . وقرأ الجمهور : { منه } ، وابن عباس : بكسر الميم وشد النون ونصب التاء على المصدر . قال أبو حاتم : نسبة هذه القراءة إلى ابن عباس ظلم . وحكاها أبو الفتح ، عن ابن عباس ، وعبد الله بن عمر ، والجحدري ، وعبد الله بن عبيد بن عمير ، وحكاها أيضاً عن هؤلاء الأربعة صاحب اللوامح ، وحكاها ابن خالويه ، عن ابن عباس ، وعبيد بن عمير . وقرأ سلمة بن محارب كذلك ، إلا أنه ضم التاء ، أي هو منه ، وعنه أيضاً فتح الميم وشد النون ، وهاء الكناية عائد على الله ، وهو فاعل سخر على الإسناد المجازي ، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي ذلك ، أو هو منه . والمعنى ، على قراءة الجمهور : أنه سخر هذه الأشياء كائنة منه وحاصلة عنده ، إذ هو موجدها بقدرته وحكمته ، ثم سخرها لخلقه . وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون يعني منه خبر مبتدأ محذوف تقديره : هي جميعاً منه ، وأن يكون : وما في الأرض ، مبتدأ ، ومنه خبره . انتهى . ولا يجوز هذان الوجهان إلا على قول الأخفش ، لأن جميعاً إذ ذاك حال ، والعامل فيها معنوي ، وهو الجار والمجرور ؛ فهو نظير : زيد قائماً في الدار ، ولا يجوز على مذهب الجمهور . { قل للذين آمنوا يغفروا } : نزلت في صدر الإسلام . أمر المؤمنين أن يتجاوزوا عن الكفار ، وأن لا يعاقبوهم بذنب ، بل يصبرون لهم ، قاله السدّي ومحمد بن كعب ، قيل : وهي محكمة ، والأكثر على أنها منسوخة بآية السيف . يغفروا ، في جزمه أوجه للنحاة ، تقدّمت في : { قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة } [ الآية : 31 ] في سورة إبراهيم . { لا يرجون أيام الله } : أي وقائعه بأعدائه ونقمته منهم . وقال مجاهد : وقيل أيام إنعامه ونصره وتنعيمه في الجنة وغير ذلك . وقيل : لا يأملون الأوقات التي وقتها الله لثواب المؤمنين ووعدهم الفوز . قيل : نزلت قبل آية القتال ثم نسخ حكمها . وتقدم قول ابن عباس أنها نزلت في عمر بن الخطاب ؛ قيل : سبه رجل من الكفار ، فهم أن يبطش به ، وقرأ الجمهور : ليجزي الله ، وزيد بن عليّ ، وأبو عبد الرحمن ، والأعمش ، وأبو علية ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي : بالنون ؛ وشيبة ، وأبو جعفر : بخلاف عنه بالياء مبنياً للمفعول . وقد روي ذلك عن عاصم ، وفيه حجة لمن أجاز بناء الفعل للمفعول ، على أن يقام المجرور ، وهو بما ، وينصب المفعول به الصريح ، وهو قوماً ؛ ونظيره : ضرب بسوط زيداً ؛ ولا يجيز ذلك الجمهور . وخرجت هذه القراءة على أن يكون بني الفعل للمصدر ، أي وليجزي الجزاء قوماً . وهذا أيضاً لا يجوز عند الجمهور ، لكن يتأول على أن ينصب بفعل محذوف تقديره يجزى قوماً ، فيكون جملتان ، إحداهما : ليجزي الجزاء قوماً ، والأخرى : يجزيه قوماً ؛ وقوماً هنا يعني به الغافرين ، ونكره على معنى التعظيم لشأنهم ، كأنه قيل : قوماً ، أي قوم من شأنهم التجاوز عن السيئات والصفح عن المؤذيات وتحمل الوحشة . وقيل : هم الذين لا يرجون أيام الله ، أي بما كانوا يكسبون من الإثم ، كأنه قيل : لم تكافئوهم أنتم حتى نكافئهم نحن . { من عمل صالحاً } كهؤلاء الغافرين ، { ومن أساء } كهؤلاء الكفار ، وأتى باللام في فلنفسه ، لأن المحاب والحظوظ تستعمل فيها على الدالة على العلو والقهر ، كما تقول : الأمور لزيد متأتية وعلى عمرو مستصعبة . والكتاب : التوراة ، والحكم : القضاء ، وفصل الأمور لأن الملك كان فيهم . قيل : والحكم : الفقه . ويقال : لم يتسع فقه الأحكام على نبي ، كما اتسع على لسان موسى من الطيبات المستلذات الحلال ، وبذلك تتم النعمة ، وذلك المن والسلوى وطيبات الشام ، إذ هي الأرض المباركة . بينات : أي دلائل واضحة من الأمر ، أي من الوحي الذي فصلت به الأمور . وعن ابن عباس : من الأمر ، أي من أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه يهاجر من تهامة إلى يثرب . وقيل معجزات موسى . { فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم } : تقدم تفسيره في الشورى .