Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 55, Ayat: 31-59)
Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما ذكر تعالى ما أنعم به من تعليم العلم وخلق الإنسان والسماء والأرض وما أودع فيهما وفناء ما على الأرض ، ذكر ما يتعلق بأحوال الآخرة الجزاء وقال : { سنفرغ لكم } : أي ننظر في أموركم يوم القيامة ، لا أنه تعالى كان له شغل فيفرغ منه . وجرى على هذا كلام العرب في أن المعنى : سيقصد لحسابكم ، فهو استعارة من قول الرجل لمن يتهدده : سأفرغ لك ، أي سأتجرد للإيقاع بك من كل ما شغلني عنه حتى لا يكون لي شغل سواه ، والمراد التوفر على الانتقام منه . قال ابن عطية : ويحتمل أن يكون التوعد بعذاب في الدنيا ، والأول أبين . انتهى ، يعني : أن يكون ذلك يوم القيامة . وقال الزمخشري : ويجوز أن يراد ستنتهي الدنيا ويبلغ آخرها ، وتنتهي عند ذلك شؤون الخلق التي أرادها بقوله : { كل يوم هو في شأن } ، فلا يبقى إلا شأن واحد وهو جزاؤكم ، فجعل ذلك فراغاً لهم على طريق المثل . انتهى . والذي عليه أئمة اللغة أن فرغ تستعمل عند انقضاء الشغل الذي كان الإنسان مشتغلاً به ، فلذلك احتاج قوله إلى التأويل على أنه قد قد قيل : إن فرغ يكون بمعنى قصد واهتم ، واستدل على ذلك بما أنشده ابن الأنباري لجرير : @ الآن وقد فرغت إلى نمير فهذا حين كنت لهم عذابا @@ أي : قصدت . وأنشد النحاس : @ فـرغـت إلـى العبـد المقيـد فـي الحجـل @@ وفي الحديث : " فرغ ربك من أربع " ، وفيه : " لأتفرغن إليك يا خبيث " ، يخاطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم إرب العقبة يوم بيعتها : أي لأقصدن إبطال أمرك ، نقل هذا عن الخليل والكسائي والفراء . وقرأ الجمهور : سنفرغ بنون العظمة وضم الراء ، من فرغ بفتح الراء ، وهي لغة الحجاز ؛ وحمزة والكسائي وأبو حيوة وزيد بن علي : بياء الغيبة ؛ وقتادة والأعرج : بالنون وفتح الراء ، مضارع فرغ بكسرها ، وهي تميمية ؛ وأبو السمال وعيسى : بكسر النون وفتح الراء . قال أبو حاتم : هي لغة سفلى مضر ؛ والأعمش وأبو حيوة بخلاف عنهما ؛ وابن أبي عبلة والزعفراني : بضم الياء وفتح الراء ، مبنياً للمفعول ؛ وعيسى أيضاً : بفتح النون وكسر الراء ؛ والأعراج أيضاً : بفتح الياء والراء ، وهي رواية يونس والجعفي وعبد الوارث عن أبي عمرو . والثقلان : الإنس والجن ، سميا بذلك لكونهما ثقيلين على وجه الأرض ، أو لكونهما مثقلين بالذنوب ، أو لثقل الإنس . وسمي الجن ثقلاً لمجاورة الإنس ، والثقل : الأمر العظيم . وفي الحديث : " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي " ، سميا بذلك لعظمهما وشرفهما . والظاهر أن قوله : { يا معشر } الآية من خطاب الله إياهم يوم القيامة ، { يوم التناد } [ غافر : 32 ] . وقيل : يقال لهم ذلك . قال الضحاك : يفرون في أقطار الأرض لما يرون من الهول ، فيجدون الملائكة قد أحاطت بالأرض ، فيرجعون من حيث جاءوا ، فحينئذ يقال لهم ذلك . وقيل : هو خطاب في الدنيا ، والمعنى : إن استطعتم الفرار من الموت . وقال ابن عباس : { إن استطعتم } بأذهانكم وفكركم ، { أن تنفذوا } ، فتعلمون علم { أقطار } : أي جهات { السماوات والأرض } . قال الزمخشري : { يا معشر الجن والإنس } ، كالترجمة لقوله : { أيها الثقلان } ، { إن استطعتم } أن تهربوا من قضائي ، وتخرجوا من ملكوتي ومن سمائي وأرضي فافعلوا ؛ ثم قال : لا تقدرون على النفوذ { إلا بسلطان } ، يعني : بقوة وقهر وغلبة ، وأنى لكم ذلك ، ونحوه : { وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء } [ العنكبوت : 22 ] انتهى . { فانفذوا } : أمر تعجيز . وقال قتادة : السلطان هنا الملك ، وليس لهم ملك . وقال الضحاك أيضاً : بينما الناس في أسواقهم ، انفتحت السماء ونزلت الملائكة ، فتهرب الجن والإنس ، فتحدق بهم الملائكة . وقرأ زيد بن علي : إن استطعتما ، على خطاب تثنية الثقلين ومراعاة الجن والإنس ؛ والجمهور : على خطاب الجماعة إن استطعتم ، لأن كلاً منهما تحته أفراد كثيرة ، كقوله : { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا } [ الحجرات : 9 ] . { يرسل عليكم شواظ } ، قال ابن عباس : إذا خرجوا من قبورهم ، ساقهم شواظ إلى المحشر . والشواظ : لهب النار . وقال مجاهد : اللهب الأحمر المنقطع . وقال الضحاك : الدخان الذي يخرج من اللهب . وقرأ الجمهور : شواظ ، بضم الشين ؛ وعيسى وابن كثير وشبل : بكسرها . والجمهور ؛ { ونحاس } : بالرفع ؛ وابن أبي إسحاق والنخعي وابن كثير وأبو عمرو : بالجر ؛ والكلبي وطلحة ومجاهد : بكسر نون نحاس والسين . وقرأ ابن جبير : ونحس ، كما تقول : يوم نحس . وقرأ عبد الرحمن بن أبي بكرة وابن أبي إسحاق أيضاً : ونحس مضارعاً ، وماضيه حسه ، أي قتله ، أي ويحس بالعذاب . وعن ابن أبي إسحاق أيضاً : ونحس بالحركات الثلاث في الحاء على التخيير ؛ وحنظلة بن نعمان : ونحس بفتح النون وكسر السين ؛ والحسن وإسماعيل : ونحس بضمتين والكسر . وقرأ زيد بن علي : نرسل بالنون ، عليكما شواظاً بالنصب ، من نار ونحاساً بالنصب عطفاً على شواظاً . قال ابن عباس وابن جبير والنحاس : الدخان ؛ وعن ابن عباس أيضاً ومجاهد : هو الصفر المعروف ، والمعنى : يعجز الجن والإنس ، أي أنتما بحال من يرسل عليه هذا ، فلا يقدر على الامتناع مما يرسل عليه . { فإذا انشقت السماء } : جواب إذا محذوف ، أي فما أعظم الهول ، وانشقاقها : انفطارها يوم القيامة . { فكانت وردة } : أي محمرة كالورد . قال ابن عباس وأبو صالح : هي من لون الفرس الورد ، فأنث لكون السماء مؤنثة . وقال قتادة : هي اليوم زرقاء ، ويومئذ تغلب عليها الحمرة كلون الورد ، وهي النوار المعروف ، قاله الزجاج ، ويريد كلون الورد ، وقال الشاعر : @ فلو كانت ورداً لونه لعشقتني ولكن ربي شانني بسواديا @@ وقال أبو الجوزاء : وردة صفراء . وقال : أما سمعت العرب تسمي الخيل الورد ؟ قال الفراء : أراد لون الفرس الورد ، يكون في الربيع إلى الصفرة ، وفي الشتاء إلى الحمرة ، وفي اشتداد البرد إلى الغبرة ، فشبه تلون السماء بتلون الوردة من الخيل ، وهذا قول الكلبي . { كالدهان } ، قال ابن عباس : الأديم الأحمر ، ومنه قول الأعشى : @ وأجرد من كرام الخير طرف كأن على شواكله دهاناً @@ وقال الشاعر : كالدهان المختلفة ، لأنها تتلون ألواناً . وقال الضحاك : كالدهان خالصة ، جمع دهن ، كقرط وقراط . وقيل : تصير حمراء من حرارة جهنم ، ومثل الدهن لذوبها ودورانها . وقيل : شبهت بالدهان في لمعانها . وقال الزمخشري : { كالدهان } : كدهن الزيت ، كما قال : { كالمهل } [ الكهف : 29 ، الدخان : 45 ، المعارج : 8 ] ، وهو دردي الزيت ، وهو جمع دهن ، أو اسم ما يدهن به ، كالحرام والأدام ، قال الشاعر : @ كأنهما مزادتا متعجل فريان لما سلعا بدهان @@ وقرأ عبيد بن عمير : وردة بالرفع بمعنى : فحصلت سماء وردة ، وهو من الكلام الذي يسمى التجريد ، كقوله : @ فلئن بقيت لأرحلن بغزوة نحو المغانم أو يموت كريم @@ انتهى . { فيومئذ } : التنوين فيه للعوض من الجملة المحذوفة ، والتقدير : فيوم إذ انشقت السماء ، والناصب ليومئذ { لا يسأل } ، ودل هذا على انتفاء السؤال ، و : { وقفوهم أنهم مسئولون } [ الصافات : 24 ] وغيره من الآيات على وقوع السؤال . فقال عكرمة وقتادة : هي مواطن يسأل في بعضها . وقال ابن عباس : حيث ذكر السؤال فهو سؤال توبيخ وتقرير ، وحيث نفي فهو استخبار محض عن الذنب ، والله تعالى أعلم بكل شيء . وقال قتادة أيضاً : كانت مسألة ، ثم ختم على الأفواه وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يعملون . وقال أبو العالية وقتادة : لا يسأل غير المجرم عن ذنب المجرم . وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد : ولا جأن بالهمز ، فراراً من التقاء الساكنين ، وإن كان التقاؤهما على حده . وقرأ حماد بن أبي سليمان : بسيمائهم ؛ والجمهور : { بسيماهم } ، وسيما المجرمين : سواد الوجوه وزرقة العيون ، قاله الحسن ، ويجوز أن يكون غير هذا من التشويهات ، كالعمى والبكم والصمم . { فيؤخذ بالنواصي والأقدام } ، قال ابن عباس : يؤخذ بناصيته وقدميه فيوطأ ، ويجمع كالحطب ، ويلقى كذلك في النار . وقال الضحاك : يجمع بينهما في سلسلة من وراء ظهره . وقيل : تسحبهم الملائكة ، تارة تأخذ بالنواصي ، وتارة بالأقدام . وقيل : بعضهم سحباً ، بالناصية ، وبعضهم سحباً بالقدم ؛ ويؤخذ متعد إلى مفعول بنفسه ، وحذف هذا الفاعل والمفعول ، وأقيم الجار والمجرور مقام الفاعل مضمناً معنى ما يعدى بالباء ، أي فيسحب بالنواصي والأقدام ، وأل فيهما على مذهب الكوفيين عوض من الضمير ، أي بنواصيهم وأقدامهم ، وعلى مذهب البصريين الضمير محذوف ، أي بالنواصي والأقدام منهم . { هذه جهنم } : أي يقال لهم ذلك على طريق التوبيخ والتقريع . { يطوفون بينها } : أي يتردّدون بين نارها وبين ما غلى فيها من مائع عذابها . وقال قتادة : الحميم يغلي منذ خلق الله جهنم ، وآن : أي منتهى الحر والنضج ، فيعاقب بينهم وبين تصلية النار ، وبين شرب الحميم . وقيل : إذا استغاثوا من النار ، جعل غياثهم الحميم . وقيل : يغمسون في واد في جهنم يجتمع فيه صديد أهل النار فتنخلع أوصالهم ، ثم يخرجون منه ، وقد أحدث الله لهم خلقاً جديداً . وقرأ علي والسلمي : يطافون ؛ والأعمش وطلحة وابن مقسم : يطوفون بضم الياء وفتح الطاء وكسر الواو مشددة . وقرىء : يطوفون ، أي يتطوفون ؛ والجمهور : يطوفون مضارع طاف . قوله تعالى : { ولمن خاف مقام ربه جنتان } ، قال ابن الزبير : نزلت في أبي بكر . { مقام ربه } مصدر ، فاحتمل أن يكون مضافاً إلى الفاعل ، أي قيام ربه عليه ، وهو مروي عن مجاهد ، قال : من قوله : { أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت } [ الرعد : 33 ] أي حافظ مهيمن ، فالعبد يراقب ذلك ، فلا يجسر على المعصية . وقيل : الإضافة تكون بأدنى ملابسة ، فالمعنى أنه يخاف مقامه الذي يقف فيه العباد للحساب ، من قوله : { يوم يقوم الناس لرب العـالمين } [ المطففين : 6 ] وفي هذه الإضافة تنبيه على صعوبة الموقف . وقيل : مقام مقحم ، والمعنى : ولمن خاف ربه ، كما تقول : أخاف جانب فلان يعني فلاناً . والظاهر أن لكل فرد فرد من الخائفين { جَنَّتَانِ } ، قيل : إحداهما منزله ، والأخرى لأزواجه وخدمه . وقال مقاتل : جنة عدن ، وجنة نعيم . وقيل : منزلان ينتقل من أحدهما إلى الآخر لتتوفر دواعي لذته وتظهر ثمار كرامته . وقيل : هما للخائفين ؛ والخطاب للثقلين ، فجنة للخائف الجني ، وجنة للخائف الإنسي . وقال أبو موسى الأشعري : جنة من ذهب للسابقين ، وجنة من فضة للتابعين . وقال الزمخشري : ويجوز أن يقال : جنة لفعل الطاعات ، وجنة لترك المعاصي ، لأن التكليف دائر عليهما . وأن يقال : جنة يبات بها ، وأخرى تضم إليها على وجه التفضل لقوله وزيادة ؛ وخص الأفنان بالذكر جمع فنن ، وهي الغصون التي تتشعب عن فروع الشجر ، لأنها التي تورق وتثمر ، ومنها تمتد الظلال ، ومنها تجنى الثمار . وقيل : الأفنان جمع فن ، وهي ألوان النعم وأنواعها ، وهي قول ابن عباس ، والأول قال قريباً منه مجاهد وعكرمة ، وهو أولى ، لأن أفعالاً في فعل أكثر منه في فعل بسكون العين ، وفن يجمع على فنون . { فيهما عينان تجريان } ، قال ابن عباس : هما عينان مثل الدنيا أضعافاً مضاعفة . وقال : تجريان بالزيادة والكرامة على أهل الجنة . وقال الحسن : تجريان بالماء الزلال ، إحداهما التسنيم ، والأخرى السلسبيل . وقال ابن عطية : إحداهما من ماء ، والأخرى من خمر . وقيل : تجريان في الأعالي والأسافل من جبل من مسك . { زوجان } ، قال ابن عباس : ما في الدنيا من شجرة حلوة ولا مرة إلا وهي في الجنة ، حتى شجر الحنظل ، إلا أنه حلواً . انتهى . ومعنى زوجان : رطب ويابس ، لا يقصر هذا عن ذاك في الطيب واللذة . وقيل : صنفان ، صنف معروف ، وصنف غريب . وجاء الفصل بين قوله : { ذواتا أفنان } وبين قوله : { فيهما من كل فـاكهة } بقوله : { فيهما عينان تجريان } . والأفنان عليها الفواكه ، لأن الداخل إلى البستان لا يقدم إلا للتفرج بلذة ما فيه بالنظر إلى خضرة الشجر وجري الأنهار ، ثم بعد يأخذ في اجتناء الثمار للأكل . وانتصب { متكئين } على الحال من قوله : { ولمن خاف } ، وحمل جمعاً على معنى من . وقيل : العامل محذوف ، أي يتنعمون متكئين . وقال الزمخشري : أي نصب على المدح ، والاتكاء من صفات المتنعم الدالة على صحة الجسم وفراغ القلب ، والمعنى : { متكئين } في منازلهم { على فرش } . وقرأ الجمهور : وفرش بضمتين ؛ وأبو حيوة : بسكون الراء . وفي الحديث : " قيل لرسول لله صلى الله عليه وسلم هذه البطائن من استبرق ، كيف الظهائر ؟ قال : هي من نور يتلألأ " ، ولو صح هذا لم يجز أن يفسر بغيره . وقيل : من سندس . قال الحسن والفراء : البطائن هي الظهائر . وروي عن قتادة ، وقال الفراء : قد تكون البطانة الظهارة ، والظهارة البطانة ، لأن كلاً منهما يكون وجهاً ، والعرب تقول : هذا وجه السماء ، وهذا بطن السماء . قال ابن عباس : تجتنيه قائماً وقاعداً ومضطجعاً ، لا يرد يده بعد ولا شوك وقرأ عيسى : بفتح الجيم وكسر النون ، كأنه أمال النون ، وإن كانت الألف قد حذفت في اللفظ ، كما أمال أبو عمرو { حتى نرى الله } [ البقرة : 55 ] . وقرىء : وجنى بكسر الجيم . والضمير في { فيهن } عائد على الجنان الدال عليهن جنتان ، إذ كل فرد فرد له جنتان ، فصح أنها جنان كثيرة ، وإن كان الجنتان أريد بهما حقيقة التثنية ، وأن لكل جنس من الجن والإنس جنة واحدة ، فالضمير يعود على ما اشتملت عليه الجنة من المجالس والقصور والمنازل . وقيل : يعود على الفرش ، أي فيهن معدات للاستمتاع ، وهو قول حسن قريب المأخذ . وقال الزمخشري : فيهن في هذه الآلاء المعدودة من الجنتين والعينين والفاكهة والجنى . انتهى ، وفيه بعد . وقال الفراء : كل موضع من الجنة جنة ، فلذلك قال : { فيهن } ، والطرف أصله مصدر ، فلذلك وحد . والظاهر أنهن اللواتي يقصرون أعينهن على أزواجهن ، فلا ينظرن إلى غيرهم . قال ابن زيد : تقول لزوجها : وعزة ربي ما أرى في الجنة أحسن منك . وقيل : الطرف طرف غيرهن ، أي قصرن عيني من ينظر إليهن عن النظر إلى غيرهن . { لم يطمثهن } ، قال ابن عباس : لم يفتضهن قبل أزواجهن . وقيل : لم يطأهن على أي وجه . كان الوطء من افتضاض أو غيره ، وهو قول عكرمة . والضمير في { قبلهم } عائد على من عاد عليه الضمير في { متكئين } . وقرأ الجمهور : بكسر ميم يطمثهن في الموضعين ؛ وطلحة وعيسى وأصحاب عبد الله وعليّ : بالضم . وقرأ ناس : بضم الأول وكسر الثاني ، وناس بالعكس ، وناس بالتخيير ، والجحدري : بفتح الميم فيهما ، ونفي وطئهن عن الإنس ظاهر وأما عن الجن ، فقال مجاهد والحسن : قد تجامع نساء البشر مع أزواجهن ، إذ لم يذكر الزوج الله تعالى ، فنفى هنا جميع المجامعين . وقال ضمرة بن حبيب : الجن في الجنة لهم قاصرات الطرف من الجن نوعهم ، فنفي الافتضاض عن البشريات والجنيات . قال قتادة : { كأنهن } على صفاء الياقوت وحمرة المرجان ، لو أدخلت في الياقوت سلكاً ، ثم نظرت إليه ، لرأيته من ورائه . انتهى . وفي الترمذي : " أن المرأة من نساء الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة مخها " وقال ابن عطية : الياقوت والمرجان من الأشياء التى يرتاح بحسنها ، فشبه بهما فيما يحسن التشبيه به ، فالياقوت في إملاسه وشفوفه ، والمرجان في إملاسه وجمال منظره ، وبهذا النحو من النظر سمت العرب النساء بذلك ، كدرة بنت أبي لهب ، ومرجانة أم سعيد . انتهى .