Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 8-11)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

نزلت { ألم تر } في اليهود والمنافقين . كانوا يتناجون دون المؤمنين ، وينظرون إليهم ويتغامزون بأعينهم عليهم ، موهمين المؤمنين من أقربائهم أنهم أصابهم شر ، فلا يزالون كذلك حتى يقدم أقرباؤهم . فلما كثر ذلك منهم ، شكا المؤمنون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمرهم أن لا يتناجوا دون المؤمنين ، فلم ينتهوا ، فنزلت ، قاله ابن عباس . وقال مجاهد : نزلت في اليهود . وقال ابن السائب : في المنافقين . وقرأ الجمهور : { ويتناجون } ؛ وحمزة وطلحة والأعمش ويحيـى بن وثاب ورويس : وينتجون مضارع انتجى . { بما لم يحيك به الله } : كانوا يقولون : السام عليك ، وهو الموت ؛ فيرد عليهم : وعليكم . وتحية الله لأنبيائه : { وسلام على عباده الذين اصطفى } [ النمل : 59 ] { لولا يعذبنا الله بما نقول } : أي إن كان نبياً ، فما له لا يدعو علينا حتى نعذب بما نقول ؟ فقال تعالى : { حسبهم جهنم } . ثم نهى المؤمنين أن يكون تناجيهم مثل تناجي الكفار ، وبدأ بالإثم لعمومه ، ثم بالعدوان لعظمته في النفوس ، إذ هي ظلامات العباد . ثم ترقى إلى ما هو أعظم ، وهو معصية الرسول عليه الصلاة والسلام ، وفي هذا طعن على المنافقين ، إذ كان تناجيهم في ذلك . وقرأ الجمهور : { فلا تتناجوا } ، وأدغم ابن محيصن التاء في التاء . وقرأ الكوفيون والأعمش وأبو حيوة ورويس : فلا تنتجوا مضارع انتجى ؛ والجمهور : بضم عين العدوان ؛ وأبو حيوة بكسرها حيث وقع ؛ والضحاك : ومعصيات الرسول على الجمع . والجمهور : على الإفراد . وقرأ عبد الله : إذا انتجيتم فلا تنتجوا . وأل في { إنما النجوى } للعهد في نجوى الكفار { بالإثم والعدوان } ، وكونها { من الشيطان } ، لأنه هو الذي يزينها لهم ، فكأنها منه . { ليحزن الذين آمنوا } : كانوا يوهمون المؤمنين أن غزاتهم غلبوا وأن أقاربهم قتلوا . { وليس } : أي التناجي أو الشيطان أو الحزن ، { بضارهم } : أي المؤمنين ، { إلا بإذن الله } : أي بمشيئته ، فيقضي بالقتل أو الغلبة . وقال ابن زيد : هي نجوى قوم من المسلمين يقصدون مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وليس لهم حاجة ولا ضرورة . يريدون التبجح بذلك ، فيظن المسلمون أن ذلك في أخبار بعد وقاصداً نحوه . وقال عطية العوفي : نزلت في المناجاة التي يراها المؤمن في النوم تسوءه ، فكأنه نجوى يناجي بها . انتهى . ولا يناسب هذا القول ما قبل الآية ولا ما بعدها ، وتقدمت القراءتان في نحو : { ليحزن } . وقرىء : بفتح الياء والزاي ، فيكون { الذين } فاعلاً ، وفي القراءتين مفعولاً . ولما نهى تعالى المؤمنين عن ما هو سبب للتباغض والتنافر ، أمرهم بما هو سبب للتواد والتقارب ، فقال : { يا أيها الذين آمنوا } الآية . قال مجاهد وقتادة والضحاك : كانوا يتنافسون في مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأمروا أن يفسح بعضهم لبعض . وقال ابن عباس : المراد مجالس القتال إذا اصطفوا للحرب . وقال الحسن ويزيد بن أبي حبيب : كان الصحابة يتشاحون على الصف الأول ، فلا يوسع بعضهم لبعض رغبة في الشهادة ، فنزلت . وقرأ الجمهور : { تفسحوا } ؛ وداود بن أبي هند وقتادة وعيسى : تفاسحوا . والجمهور : في المجلس ؛ وعاصم وقتادة وعيسى : { في المجـالس } . وقرىء : في المجلس بفتح اللام ، وهو الجلوس ، أي توسعوا في جلوسكم ولا تتضايقوا فيه . والظاهر أن الحكم مطرد في المجالس التي للطاعات ، وإن كان السبب مجلس الرسول . وقيل : الآية مخصوصة بمجلس الرسول عليه الصلاة والسلام ، وكذا مجالس العلم ؛ ويؤيده قراءة من قرأ { في المجالس } ، ويتأول الجمع على أن لكل أحد مجلساً في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم . وانجزم { يفسح الله } على جواب الأمر في رحمته ، أو في منازلكم في الجنة ، أو في قبوركم ، أو في قلوبكم ، أو في الدنيا والآخرة ، أقوال . { وإذا قيل انشزوا } : أي انهضوا في المجلس للتفسح ، لأن مريد التوسعة على الوارد يرتفع إلى فوق فيتسع الموضع . أمروا أولاً بالتفسح ، ثم ثانياً بامتثال الأمر فيه إذا ائتمروا . وقال الحسن وقتادة والضحاك : معناه : إذا دعوا إلى قتال وصلاة أو طاعة نهضوا . وقيل : إذا دعوا إلى القيام عن مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم نهضوا ، إذ كان عليه الصلاة والسلام أحياناً يؤثر الانفراد في أمر الإسلام . وقرأ أبو جعفر وشيبة والأعرج وابن عامر ونافع وحفص : بضم السين في اللفظين ؛ والحسن والأعمش وطلحة وباقي السبعة : بكسرها . والظاهر أن قوله : { والذين أوتوا العلم } معطوف على { الذين آمنوا } ، والعطف مشعر بالتغاير ، وهو من عطف الصفات ، والمعنى : يرفع الله المؤمنين العلماء درجات ، فالوصفان لذات واحدة . وقال ابن مسعود وغيره : تم الكلام عند قوله : { منكم } ، وانتصب { والذين أوتوا العلم } بفعل مضمر تقديره : ويخص الذين أوتوا العلم درجات ، فللمؤمنين رفع ، وللعلماء درجات . وقرأ عياش عن أبي عمرو خبير : بما يعملون بالياء من تحت ، والجمهور بالتاء .