Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 73, Ayat: 1-16)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يا أيها المزمل } قالت عائشة والنخعي وجماعة : ونودي بذلك لأنه كان في وقت نزول الآية متزملاً بكساء . وقال قتادة : كان تزمل في ثيابه للصلاة واستعد . فنودي على معنى : يا أيها المستعد للعبادة . وقال عكرمة : معناه المزمل للنبوة وأعبائها ، أي المشمر المجد ، فعلى هذا يكون التزمل مجازاً ، وعلى ما سبق يكون حقيقة . وما رووا أن عائشة رضي الله عنها سئلت : ما كان تزميله ؟ قالت : كان مرطاً طوله أربع عشرة ذراعاً ، نصفه عليّ وأنا نائمة ، ونصفه عليه ، إلى آخر الرواية ؛ كذب صراح ، لأن نزول { يا أيها المزمل } بمكة في أوائل مبعثة ، وتزويجه عائشة كان بالمدينة . ومناسبة هذه السورة لما قبلها : أن في آخر ما قبلها { عالم الغيب } [ الجن : 26 ] الآيات ، فأتبعه بقوله : { يا أيها المزمل } ، إعلاماً بأنه صلى الله عليه وسلم ممن ارتضاه من الرسل وخصه بخصائص وكفاه شر أعدائه . وقرأ الجمهور : { المزمل } ، بشد الزاي وكسر الميم ، أصله المتزمل فأدغمت التاء في الزاي . وقرأ أبي : المتزمل على الأصل ؛ وعكرمة : بتخفيف الزاي . أي المزمل جسمه أو نفسه . وقرأ بعض السلف : بتخفيف الزاي وفتح الميم ، أي الذي لف . وللزمخشري في كيفية نداء الله له بهذا الوصف كلام ضربت عن ذكره صفحاً ، فلم أذكره في كتابي . وقال السهيلي : ليس المزمل باسم من أسمائه عليه الصلاة والسلام يعرف به ، وإنما هو مشتق من حالته التي كان التبس بها حالة الخطاب ، والعرب إذا قصدت الملاطفة بالمخاطب تترك المعاتبة نادوه باسم مشتق من حالته التي هو عليها ، كقول النبي صلى الله عليه وسلم لعليّ كرم الله وجهه وقد نام ولصق بجنبه التراب : " قم أبا تراب " ، إشعاراً بأنه ملاطف له ، فقوله : { يا أيها المزمل } فيه تأنيس وملاطفة . وقرأ الجمهور : { قم الليل } ، بكسر الميم على أصل التقاء الساكنين ؛ وأبو السمال : بضمها اتباعا للحركة من القاف . وقرىء : بفتحها طلباً للتخفيف . قال ابن جني : الغرض بالحركة الهروب من التقاء الساكنين ، فبأي حركة تحرك الحرف حصل الغرض ، وقم طلب . فقال الجمهور : هو على جهة الندب ، وقيل : كان فرضاً على الرسول خاصة ، وقيل : عليه وعلى الجميع . قال قتادة : ودام عاماً أو عامين . وقالت عائشة : ثمانية أشهر ، ثم رحمهم الله فنزلت : { إن ربك يعلم } الآيات ، فخفف عنهم { قم الليل إلا قليلاً } . بين الاستثناء أن القيام المأمور به يستغرق جميع الليل ، ولذلك صح الاستثناء منه ، إذ لو كان غير مستغرق ، لم يصح الاستثناء منه ، واستغراق جميعه بالقيام على الدوام غير ممكن ، لذلك استثى منه لراحة الجسد ؛ وهذا عند البصريين منصوب على الظرف ، وإن استغرقه الفعل ؛ وهو عند الكوفيين مفعول به . وفي قوله : { إلا قليلاً } دليل على أن المستثنى قد يكون مبهم المقدار ، كقوله : { ما فعلوه إلا قليل منهم } [ النساء : 66 ] في قراءة من نصب { ثم توليتم إلا قليلاً منكم } [ البقرة : 83 ] . قال وهب بن منبه : القليل ما دون المعشار والسدس . وقال الكلبي ومقاتل : الثلث . وقيل : ما دون النصف ، وجوزوا في نصفه أن يكون بدلاً من الليل ومن قليلاً . فإذا كان بدلاً من الليل ، كان الاستثناء منه ، وكان المأمور بقيامه نصف الليل إلا قليلاً منه . والضمير في منه وعليه عائد على النصف ، فيصير المعنى : قم نصف الليل إلا قليلاً ، أو انقص من نصف الليل قليلاً ، أو زد على نصف الليل ، فيكون قوله : أو انقص من نصف الليل قليلاً ، تكراراً لقوله : إلا قليلاً من نصف الليل ، وذلك تركيب غير فصيح ينزه القرآن عنه . قال الزمخشري : نصفه بدل من الليل ، وإلا قليلاً استثناء من النصف ، كأنه قال : قم أقل من نصف الليل . والضمير في منه وعليه للنصف ، والمعنى : التخيير بين أمرين ، بين أن يقوم أقل من نصف الليل على البت ، وبين أن يختار أحد الأمرين ، وهما النقصان من النصف والزيادة عليه . انتهى . فلم يتنبه للتكرار الذي يلزمه في هذا القول ، لأنه على تقديره : قم أقل من نصف الليل كان قوله ، أو انقص من نصف الليل تكراراً . وإذا كان { نصفه } بدلاً من قوله : { إلا قليلاً } ، فالضمير في نصفه إما أن يعود على المبدل منه ، أو على المستثنى منه وهو الليل ، لا جائز أن يعود على المبدل منه ، لأنه يصير استثناء مجهول من مجهول ، إذ التقدير إلا قليلاً نصف القليل ، وهذا لا يصح له معنى البتة . وإن عاد الضمير على الليل ، فلا فائدة في الاستثناء من الليل ، إذ كان يكون أخصر وأوضح وأبعد عن الإلباس أن يكون التركيب قم الليل نصفه . وقد أبطلنا قول من قال : إلا قليلاً استثناء من البدل وهو نصفه ، وأن التقدير : قم الليل نصفه إلا قليلاً منه ، أي من النصف . وأيضاً ففي دعوى أن نصفه بدل من إلا قليًلا ، والضمير في نصفه عائد على الليل ، إطلاق القليل على النصف ، ويلزم أيضاً أن يصير التقدير : إلا نصفه فلا تقمه ، أو انقص من النصف الذي لا تقومه ، أو زد عليه النصف الذي لا تقومه ، وهذا معنى لا يصح ، وليس المراد من الآية قطعاً . وقال الزمخشري : وإن شئت جعلت نصفه بدلاً من قليلاً ، وكان تخييراً بين ثلاث : بين قيام النصف بتمامه ، وبين قيام الناقص منه ، وبين قيام الزائد عليه ؛ وإنما وصف النصف بالقلة بالنسبة إلى الكل . وإن شئت قلت : لما كان معنى { قم الليل إلا قليلاً نصفه } : إذا أبدلت النصف من الليل ، قم أقل من نصف الليل ، رجع الضمير في منه وعليه إلى الأقل من النصف ، فكأنه قيل : قم أقل من نصف الليل ، وقم أنقص من ذلك الأقل أو أزيد منه قليلاً ، فيكون التخيير فيما وراء النصف بينه وبين الثلث ، ويجوز إذا أبدلت نصفه من قليلاً وفسرته به أن تجعل قليلاً الثاني بمعنى نصف النصف وهو الربع ، كأنه قيل : أو انقص منه قليلاً نصفه ، وتجعل المزيد على هذا القليل ، أعني الربع نصف الربع ، كأنه قيل : أو زد عليه قليلاً نصفه . ويجوز أن تجعل الزيادة لكونها مطلقة تتمة الثلث ، فيكون تخييراً بين النصف والثلث والربع . انتهى . وما أوسع خيال هذا الرجل ، فإنه يجوز ما يقرب وما يبعد ، والقرآن لا ينبغي ، بل لا يجوز أن يحمل إلا على أحسن الوجوه التي تأتي في كلام العرب ، كما ذكرناه في خطبة هذا الكتاب . وممن نص على جواز أن يكون نصفه بدلاً من الليل أو من قليلاً الزمخشري ، كما ذكرنا عنه . وابن عطية أورده مورد الاحتمال ، وأبو البقاء ، وقال : أشبه بظاهر الآية أن يكون بدلاً من قليلاً ، أو زد عليه ، والهاء فيهما للنصف . فلو كان الاستثناء من النصف لصار التقدير : قم نصف الليل إلا قليلاً ، أو انقص منه قليلاً . والقليل المستثنى غير مقدر ، فالنقصان منه لا يتحصل . انتهى . وأما الحوفي فأجاز أن يكون بدلاً من الليل ، ولم يذكر غيره . قال ابن عطية : وقد يحتمل عندي قوله : { إلا قليلاً } أنه استثناء من القيام ، فيجعل الليل اسم جنس . ثم قال : { إلا قليلاً } ، أي الليالي التي تخل بقيامها عند العذر البين ونحوه ، وهذا النظر يحسن مع القول بالندب . انتهى ، وهذا خلاف الظاهر . وقيل : المعنى أو نصفه ، كما تقول : أعطه درهماً درهمين ثلاثة ، تريد : أو درهمين ، أو ثلاثة . انتهى ، وفيه حذف حرف العطف من غير دليل عليه . وقال التبريزي : الأمر بالقيام والتخيير في الزيادة والنقصان وقع على الثلثين من آخر الليل ، لأن الثلث الأول وقت العتمة ، والاستثناء وارد على المأمور به ، فكأنه قال : قم ثلثي الليل إلا قليلاً ، ثم جعل نصفه بدلاً من قليلاً ، فصار القليل مفسراً بالنصف من الثلثين ، وهو قليل من الكل . فقوله : { أو نقص منه } : أي من المأمور به ، وهو قيام الثلث ، { قليلاً } : أي ما دون نصفه ، { أو زد عليه } ، أي على الثلثين ، فكان التخيير في الزيادة والنقصان واقعاً على الثلثين . وقال أبو عبد الله الرازي : قد أكثر الناس في تفسيره هذه الآية ، وعندي فيه وجهان ملخصان ، وذكر كلاماً طويلاً ملفقاً يوقف عليه من كتابه . وتقدّم تفسير الترتيل في آخر الإسراء . { قولاً ثقيلاً } : هو القرآن ، وثقله بما اشتمل عليه من التكاليف الشاقة ، كالجهاد ومداومة الأعمال الصالحة . قال الحسن : إن الهذ خفيف ، ولكن العمل ثقيل . وقال أبو العالية : والقرطبي : ثقله على الكفار والمنافقين بإعجازه ووعيده . وقيل : ثقله ما كان يحل بجسمه صلى الله عليه وسلم حالة تلقيه الوحي ، حتى كانت ناقته تبرك به ذلك الوقت ، وحتى كادت رأسه الكريمة أن ترض فخذ زيد بن ثابت . وقيل : كلام له وزن ورجحان ليس بالسفساني . قال ابن عباس : كلاماً عظيماً . وقيل : ثقيل في الميزان يوم القيامة ، وهو إشارة إلى العمل به . وقيل : كناية عن بقائه على وجه الدهر ، لأن الثقيل من شأنه أن يبقى في مكانه . { إن ناشئة الليل } ، قال ابن عمر وأنس ابن مالك وعليّ بن الحسين : هي ما بين المغرب والعشاء . وقالت عائشة ومجاهد : هي القيام بعد اليوم ، ومن قام أول الليل قبل اليوم ، فلم يقم ناشئة الليل . وقال ابن جبير وابن زيد : هي لفظة حبشية ، نشأ الرجل : قام من الليل ، فناشئة على هذا جمع ناشىء ، أي قائم . وقال ابن جبير وابن زيد أيضاً وجماعة : ناشئة الليل : ساعاته ، لأنها تنشأ شيئاً بعد شيء . وقال ابن عباس وابن الزبير والحسن وأبو مجلز : ما كان بعد العشاء فهو ناشئة ، وما كان قبلها فليس بناشئة . قال ابن عباس : كانت صلاتهم أول الليل ، وقال هو وابن الزبير : الليل كله ناشئة . وقال الكسائي : ناشئة الليل أوله . وقال الزمخشري : ناشئة الليل : النفس الناشئة بالليل التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة ، أي تنهض وترتفع من نشأت السحابة إذا ارتفعت ، ونشأ من مكانه ونشر إذا نهض . قال الشاعر : @ نشأنا إلى خوص برى فيها السرى وألصق منها مشرفات القماحد @@ أو : قيام الليل ، على أن الناشئة مصدر من نشأ إذا قام ونهض على فاعله كالعاقبة . انتهى . وقرأ الجمهور : وطاء بكسر الواو وفتح الطاء ممدوداً . وقرأ قتادة وشبل ، عن أهل مكة : بكسر الواو وسكون الطاء والهمزة مقصورة . وقرأ ابن محيصن : بفتح الواو ممدوداً ، والمعنى أنها أشد مواطأة ، أي يواطىء القلب فيها اللسان ، أو أشد موافقة لما يراد من الخشوع والإخلاص . ومن قرأ { وطأ } : أي أشد ثبات قدم وأبعد من الزلل ، أو أثقل وأغلظ على المصلي من صلاة النهار ، كما جاء : « اللهم اشدد وطأتك على مضر » . وقال الأخفش : أشد قياماً . وقال الفراء : أثبت قراءة وقياماً . وقال الكلبي : أشد نشاطاً للمصلي لأنه في زمان راحته . وقيل : أثبت للعمل وأدوم لمن أراد الاستكثار من العبادة ، والليل وقت فراغ ، فالعبادة تدوم . { وأقوم قيلاً } : أي أشد استقامة على الصواب ، لأن الأصوات هادئة فلا يضطرب على المصلي ما يقرؤه . قال قتادة ومجاهد : أصوب للقراءة وأثبت للقول ، لأنه زمان التفهم . وقال عكرمة : أتم نشاطاً وإخلاصاً وبركة . وحكى ابن شجرة : أعجل إجابة للدعاء . وقال زيد بن أسلم : أجدر أن يتفقه فيها القارىء . وقرأ الجمهور : { سبحاً } : أي تصرّفاً وتقلباً في المهمات ، كما يتردّد السابح في الماء . قال الشاعر : @ أباحوا لكم شرق البلاد وغربها ففيها لكم يا صاح سبح من السبح @@ وقيل : سبحاً سبحة ، أي نافلة . وقرأ ابن يعمر وعكرمة وابن أبي عبلة : سبخاً بالخاء المنقوطة ومعناه : خفة من التكاليف ، والتسبيخ : التخفيف ، وهو استعارة من سبخ الصوف إذا نفشه ونشر أجزاءه ، فمعناه : انتشار الهمة وتفرّق الخاطر بالشواغل . وقيل : فراغاً وسعة لنومك وتصرّفك في حوائجك . وقيل : المعنى إن فات حزب الليل بنوم أو عذر . فليخلف بالنهار ، فإن فيه سبحاً طويلاً . قال صاحب اللوامح : وفسر ابن يعمر وعكرمة سبخاً بالخاء معجمة . وقال : نوماً ، أي تنام بالنهار لتستعين به على قيام الليل . وقد تحتمل هذه القراءة غير هذا المعنى ، لكنهما فسراها ، فلا يجاوز عنه . انتهى . وفي الحديث : " لا تسبخي بدعائك " ، أي لا تخففي . وقال الشاعر : @ فسبخ عليك الهم واعلم بأنه إذا قدّر الرحمن شيئاً فكائن @@ وقال الأصمعي : يقال سبخ الله عنك الحمى ، أي خففها . وقيل : السبخ : المد ، يقال : سبخي قطنك : أي مديه ، ويقال لقطع القطن سبائخ ، الواحدة سبيخة ، ومنه قول الأخطل : @ فأرسلوهنّ يذرين التراب كما يذري سبائخ قطن ندف أوتار @@ { واذكر اسم ربك } : أي دم على ذكره ، وهو يتناول كل ذكر من تسبيح وتهليل وغيرهما ، وانتصب { تبتيلاً } على أنه مصدر على غير الصدر ، وحسن ذلك كونه فاصلة . وقرأ الأخوان وابن عامر وأبو بكر ويعقوب : رب بالخفض على البدل من ربك ؛ وباقي السبعة : بالرفع ؛ وزيد بن عليّ : بالنصب ؛ والجمهور : المشرق والمغرب موحدين ؛ وعبد الله وأصحابه وابن عباس : بجمعهما . وقال الزمخشري ، وعن ابن عباس : على القسم ، يعني : خفض رب بإضمار حرف القسم ، كقولك : الله لأفعلن ، وجوابه : لا إله إلا هو ، كما تقول : والله لا أحد في الدار إلا زيد . انتهى . ولعل هذا التخريج لا يصح عن ابن عباس ، إذ فيه إضمار الجار في القسم ، ولا يجوز عند البصريين إلا في لفظة الله ، ولا يقاس عليه . ولأن الجملة المنفية في جواب القسم إذا كانت اسمية فلا تنفي إلا بما وحدها ، ولا تنفي بلا إلا الجملة المصدرة بمضارع كثيراً وبماض في معناه قليلاً ، نحو قول الشاعر : @ ردوا فوالله لا زرناكم أبدا ما دام في مائنا ورد لورّاد @@ والزمخشري أورد ذلك على سبيل التجويز والتسليم ، والذي ذكره النحويون هو نفيها بما نحو قوله : @ لعمرك ما سعد بخلة آثم ولا نأنأ يوم الحفاظ ولا حصر @@ { فاتخذه وكيلاً } ، لأن من انفرد بالألوهية لم يتخذ وكيلاً إلا هو . { واصبر } ، { واهجرهم } : قيل منسوخ بآية السيف . { وذرني والمكذبين } : قيل نزلت في صناديد قريش ، وقيل : في المطعمين يوم بدر ، وتقدّمت أسماؤهم في سورة الأنفال ، وتقدّم شرح مثل هذا في { فذرني ومن يكذب بهذا الحديث } [ القلم : 44 ] { أولي النعمة } : أي غضارة العيش وكثرة المال والولد ، والنعمة بالفتح : التنعم ، وبالكسر : الأنعام وما ينعم به ، وبالضم : المسرّة ، يقال : نعم ونعمة عين . { ومهلهم قليلاً } : وعيد لهم بسرعة الانتقام منهم ، والقليل : موافاة آجالهم . وقيل : وقعة بدر . { إن لدينا } : أي ما يضاد نعمتهم ، { أنكالاً } : قيوداً في أرجلهم . قال الشعبي : لم تجعل في أرجلهم خوفاً من هروبهم ، ولكن إذا أرادوا أن يرتفعوا استقلت بهم . وقال الكلبي : الأنكال : الأغلال ، والأول أعرف في اللغة ، ومنه قول الخنساء : @ دعاك فقطعت أنكاله وقد كن قبلك لا تقطع @@ { وجحيماً } : ناراً شديدة الايقاد . { وطعاماً ذا غصة } ، قال ابن عباس : شوك من نار يعترض في حلوقهم ، لا يخرج ولا ينزل . وقال مجاهد وغيره : شجرة الزقوم . وقيل : الضريع وشجرة الزقوم . { يوم } منصوب بالعامل في الدنيا ، وقيل : بذرني ، { ترجف } : تضطرب . وقرأ الجمهور : { ترجف } بفتح التاء مبنياً للفاعل ؛ وزيد بن علي : بضمها مبنياً للمفعول ، { كثيباً } : أي رملاً مجتمعاً ، { مهيلاً } : أي رخواً ليناً . قيل : ويقال : مهيل ومهيول ، وكيل ومكيول ، ومدين ومديون ، الإتمام في ذوات الياء لغة تميم ، والحذف لأكثر العرب . ولما هدد المكذبين بأهوال القيامة ، ذكرهم بحال فرعون وكيف أخذه الله تعالى ، إذ كذب موسى عليه السلام ، وأنه إن دام تكذيبهم أهلكهم الله تعالى فقال : { إنا أرسلنا إليكم } ، والخطاب عام للأسود والأحمر . وقيل : لأهل مكة ، { رسولاً شاهداً عليكم } ، كما قال : { وجئنا بك شهيداً على هـٰؤلآء } [ النحل : 89 ] وشبه إرساله إلى أهل مكة بإرسال موسى إلى فرعون على التعيين ، لأن كلاً منهما ربا في قومه واستحقروا بهما ، وكان عندهم علم بما جرى من غرق فرعون ، فناسب أن يشبه الإرسال بالإرسال . وقيل : الرسول بلام التعريف ، لأنه تقدم ذكره فأحيل عليه . كما تقول : لقيت رجلاً فضربت الرجل ، لأن المضروب هو الملقى ، والوبيل : الرديء العقبى ، من قولهم : كلأ وبيل : أي وخيم لا يستمرأ لثقله ، أي لا ينزل في المريء .