Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 1-2)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ الۤرِ } تعديد للحروف على طريق التحدي . و { تِلْكَ ءايَـٰتُ ٱلْكِتَـٰبِ } إشارة إلى ما تضمنته السورة من الآيات والكتاب السورة . و { ٱلْحَكِيمُ } ذو الحكمة لاشتماله عليها ونطقه بها . أو وصف بصفة محدثة . قال الأعشى @ وَغَرِيبَةٍ تَأْتِي الْمُلُوكَ حَكِيمَة قَدْ قُلْتُها لِيُقَالَ مَنْ ذَا قَالَهَا @@ الهمزة لإنكار التعجب والتعجيب منه . و { أَنْ أَوْحَيْنَا } اسم كان ، وعجباً خبرها . وقرأ ابن مسعود « عجب » فجعله اسماً وهو نكرة و { أَنْ أَوْحَيْنَا } خبراً وهو معرفة ، كقوله @ يَكُونُ مِزَاجَهَا عَسَلٌ وَمَاءُ @@ والأجود أن تكون « كان » تامة ، وأن أوحينا بدلاً من عجب . فإن قلت فما معنى اللام في قوله { كَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا } ؟ وما هو الفرق بينه وبين قولك أكان عند الناس عجباً ؟ قلت معناه أنهم جعلوه لهم أعجوبة يتعجبون منها ، ونصبوه علماً لهم يوجهون نحوه استهزائهم وإنكارهم ، وليس في عند الناس هذا المعنى ، والذي تعجبوا منه أن يوحى إلى بشر ، وأن يكون رجلاً من أفناء رجالهم ، دون عظيم من عظمائهم ، فقد كانوا يقولون العجب أنّ الله لم يجد رسولاً يرسله إلى الناس إلاّ يتيم أبي طالب ، وأن يذكر لهم البعث وينذر بالنار ويبشر بالجنة ، وكل واحد من هذه الأمور ليس بعجب ، لأنّ الرسل المبعوثين إلى الأمم لم يكونوا إلاّ بشر مثلهم . وقال الله تعالى { قُل لَوْ كَانَ فِى ٱلأرْضِ مَلَـٰئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مّنَ ٱلسَّمَاء مَلَكًا رَّسُولاً } الإسراء 95 وإرسال الفقير أو اليتيم ليس بعجب أيضاً ، لأنّ الله تعالى إنما يختار من استحق الاختيار ، لجمعه أسباب الاستقلال بما اختير له من النبوّة . والغنى والتقدم في الدنيا ليس من تلك الأسباب في شيء { وَمَا أَمْوٰلُكُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُكُمْ بِٱلَّتِى تُقَرّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ } سبأ 37 والبعث للجزاء على الخير والشرّ هو الحكمة العظمى فكيف يكون عجباً ؟ إنما العجب العجيب والمنكر في العقول تعطيل الجزاء { أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ } أن هي المفسرة لأنّ الإيحاء فيه معنى القول ويجوز أن تكون المخففة من الثقيلة ، وأصله أنه أنذر الناس ، على معنى أن الشأن قولنا أنذر الناس . و { أَنَّ لَهُمْ } الباء معه محذوف { قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبّهِمْ } أي سابقة وفضلاً ومنزلة رفيعة . فإن قلت لم سميت السابقة قدماً ؟ قلت لما كان السعي والسبق بالقدم ، سميت المسعاة الجميلة والسابقة قدماً ، كما سميت النعمة يداً لأنها تعطى باليد . وباعاً لأنّ صاحبها يبوع بها ، فقيل لفلان قدم في الخير . وإضافته إلى صدق دلالة على زيادة فضل ، وأنه من السوابق العظيمة ، وقيل مقام صدق { إِنَّ هَذَا } إن هذا الكتاب وما جاء به محمد { لسحر } ومن قرأ « لساحر » فهذا إشارة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو دليل عجزهم واعترافهم به وإن كانوا كاذبين في تسميته سحراً ، وفي قراءة أبيّ « ما هذا إلاّ سحر » .